الآمال المخضرة
مهاجري الدعوة المقدسة: مهاجري العصر
برنامج وثائقي شيّق على شاشة “قناة حراء” سنتعقّب من خلاله سيرتهم العطرة…
المدارس التركية والخدمة الموازية
كريم بالجي
إن الدول الكبرى تتحدث عن القضايا المتعلقة بالسياسية الدولية وكأنها قضاياها الداخلية. أما الدول الصغرى فتتصوّر أو تتخيّل العالم من خلال نافذة المعضلات السياسية الداخلية.
ولا يرتكب خطأَ نقْل المخاوف الحزبية إلى الساحة الدولية إلا الساسة الأغبياء.
ومع أنكَ لستَ العدو الوحيد لحركة الخدمة، لكن هل رأيتَ مريضاً غبياً آخر يحدّد تصوُّره حول العالم ويبني إستراتيجية العلاقات الدولية لبلده على أساس هذه العداوة؟ ولأنكَ ظللْتَ تردّد أنك ستصبح “الرقم الأول” في كل شيئ فقد أصبحت فرداً فريداً في الحمّق كذلك بحيث بات حتى جحا يقول “ويحك”.
يُقال إنكم ستنفقون بضع مليارات من الدولارات لتضعوا أيديكم على مدارس الخدمة خارج الوطن أو لتؤسسوا مدارس بديلة عنها أو مماثلة لها. وهذا مايُسمى بالفعل “الخدمة الموازية”. أنتم تعتقدون بزعمكم أن الدولة لاتقبل شريكاً لكن كونوا على ثقة بأن الخدمة في الحقيقة شركة معنوية. فتفضلوا وافتحوا ما استطعتم من المدارس، ونأمل أن تفتحوا مشافي ومراكز دراسات أيضاً وأن تفتحوا مؤسسات فكرية في 160 دولة.. وأن تفتحوا مراكز ثقافية تركية حتى في أكثر من 160 دولة، وبلا شكّ ستكون ثمرة أعمالكم هذه لمصلحة هذا البلد في الدنيا، ونحن نفتخر بها، وستؤجرون على نواياكم في الآخرة ونحن سنسر بذلك.
ولن أقول لكم: “يا ليتكم أنفقتم ملياري دولار على تصحيح النظام التعليمي الوطني!”. ذلك لأن الخير يكمن في ابتعادكم عن التدخّل أكثر من ذلك تفادياً لتدمير المنظومة التعليمية الوطنية الذي يحدث كلما بادرتم إلى تعديلها وتصحيحها. ولا تنشغلوا بالتعليم الوطني أبداً إن أمكن. بل اذهبوا إلى الولايات المتحدة فافتحوا فيها مدارس شارتر (charter schools). وإن لم يكن اختلاسكم وأكلكم أموال المواطنين الأتراك المكلفين بدفع الضرائب كافياً فبادروا بأكل أموال الأمريكيين أيضاً حتى نرى ماذا يحلّ بكم! ولا تسمحوا بالتعليم الكردي في تركيا ولكن افتحوا مدارس كردية في كردستان العراق إلى جانب مدارسها المحلية.افتحوها حتى يضحك عليكم كل من جحا وهبنَّقة!
وبالمناسبة هل ستفتتحون مدارس في أرمينيا وإسرائيل أيضاً؟
السيطرة على الدولة لم تكن تستوجب تبنّي واتباع سياسة الاستبداد. ألا ترون أن المدارس التي افتتحتها الدول الأجنبية ستبقى” أجنبية” في الدول التي فُتحت فيها؟ إن باكستان مثلاً تفتتح مدارس في كل دولة توجد فيها بعثاتها الدبلوماسية. فهل سبق أن سمعتم بظاهرة المدارس الباكستانية؟ كما أن للأمريكيين مدارس في كل الدول. لكن هل رأيتم أنها شكّلت “هالة من المحبة” على غرار المدارس التركية؟ لذلك عليكم أولاً أن تجدوا مدرِّسين مستعدين للذهاب إلى المدارس التي ستُفتتح في الدول التي ينتشر فيها “وباء الإيبولا” وبعد ذلك بإمكانكم أن تسعوْا للقيام بهذا الأمر!
نحن لاننتظر منكم أن تحبوا حركة الخدمة. ولكن يجب عليكم أن تدركوا أن عداءكم لحركة الخدمة يدفعها إلى أن تكون لاعباً دولياً بصورة هي لاترغب فيها أصلاً. إذ إن حركة الخدمة لاتتطلع أبداً لتكون بديلاً عن سياستكم العفنة. فهي لاتقيم أي وزن للدنيا التي تخلّيْتم عن آخرتكم من أجلها. ولكن بسبب إعلانكم العداء على مدارس الخدمة على مرأى ومسمع الجيمع، أصبح العالم كله يتوق لمعرفة حركة الخدمة ويتعاطف معها أكثر. وكونوا على ثقة بأن المدارس التي تخططون لفتحها لن تؤثر إلا في زيادة جودة مدارس الخدمة والرغبةِ فيها.
أجل لايمكن التسابق والتنافس مع الله أبداً! إننا لم نتبنّ إطلاقاً أي شيئ أكرّمَنا الله تعالى به قائلين: “نحن أنجزناه بجهودنا الذاتية” فيؤدّي ذلك إلى أن تهذوا بقولكم “إنْ هم أنجزوا ذلك فنحن ننجزه بالطريقة الأولى”.
لطالما استمعتم لنصائح أصدقائكم الحمقى فتعالوا الآن واستمعوا قليلاً لنصيحة عدو عاقل. فبدلاً عن التضييق على مجالات حركة الخدمة حاولوا تغطية المجالات التي تركتها الخدمة لكم. فاذهبوا أنتم إلى البلاد التي لم تذهب إليها الخدمة. وافتتحوا أنتم مؤسسات تعليمية من الأنواع التي لم تفتتحها الخدمة. وافتتحوا مدارس لتحفيظ القرآن في أفريقيا الوسطى ومدارس الأئمة والخطباء في آسيا الوسطى والمدارس الشرعية في خطّ أفغانستان-باكستان، والحوزات في إيران. وسارعوا إلى تطبيق قانون المهاجرين أصحاب المهارات العالية الذي تحدَّث عنه رئيس الوزراء. (وعندما كان” الأستاذ” أحمد داود أوغلو وزيرا للخارجية اقترحتُ عليه ذلك، لكن أحد العباقرة (!) من حوله أقنعه بأن ذلك من الإمبريالية. وأنا أتحسر على السنوات الخمس التي ذهبت سدى). واجعلوا تركيا مركزاً للاستقطاب تهوي إليه الأفئدة. فبدلا عن أن تفتتحوا المدارس خارج الوطن استقطبوا العقلاء والحكماء والمحترفين من الخارج إلى تركيا.
صدِّقوني لا أنصحكم بذلك انطلاقاً من أنكم لن تفعلوا شيئاً أقترحه أنا عليكم! فاعلموا أن الله ليؤيد وينصر هذا الدين بالرجل الفاجر أيضاً…