غزة (رويترز) لجأت وكالات المساعدات التي تلاقي صعوبات في إيواء آلاف المشردين من أبناء قطاع غزة بسبب الحرب إلى اقامة منازل مؤقتة من المعدن والخشب لتجنب قيود اسرائيلية على الواردات إلى القطاع.
وما تزال حوالي 150 الف أسرة مشردة بعد حرب العام الماضي بين اسرائيل وحركة حماس التي دمر خلالها القصف الاسرائيلي آلاف المباني السكنية والمنازل.
وتقيد اسرائيل بشدة دخول الخرسانة والأسمنت وحديد التسليح وغيرها من المواد إلى غزة باعتبارها مواد ذات “استخدام مزدوج” يمكن أن يكون لها غرض عسكري اذا استولت عليها حماس لاعادة بناء الانفاق التي تستخدم في تنفيذ هجمات.
ونتيجة لذلك شيد القليل فقط من المنازل رغم التعهدات الدولية بتقديم مليارات الدولارات لاعادة الاعمار. وبدلا من الانتظار لإعادة بناء منازل دائمة قررت بعض وكالات الاغاثة اقامة مبان مؤقتة بالمواد التي يمكنهم الحصول عليها.
وقال مات مجراي الممثل المحلي لوكالة خدمات الاغاثة الكاثوليكية إنهم صمموا الملاجئ الانتقالية بدون أي مواد ذات استخدام مزدوج لكي يمكن في ظل القيود الحالية إخراج أكبر عدد من الأسر الضعيفة من الظروف البائسة.
وأقامت وكالته 70 منزلا خشبيا مؤقتا من طابق واحد وسط الحطام وكتل الخرسانة المهشمة في خان يونس وهي بلدة في جنوب قطاع غزة تضررت في حرب يوليو-أغسطس (تموز-آب). ولدى الوكالة تمويل لاقامة 100 منزل آخر.
وانتقلت إلى المنازل 40 أسرة حتى الآن. وفي حين توفر المنازل سقفا فوق الرؤوس وسط المطر الغزير والبرودة الشديدة إلا أن اعدادا كبيرة من الناس تكتظ في مساحة صغيرة يقول السكان انها لا تمثل بديلا للمنازل الدائمة التي ما زال حطامها يرقد غير بعيد.
وقالت مريم بركة (58 عاما) وهي تجلس على مقعد بلاستيكي خارج الملجأ الذي يؤوي الآن 13 من أفراد أسرتها “يعني أيش بدو يعوضنا بين الخشب عنه؟ ما يعوض ولا اشي ولا بيسوي إشي.”
ولم يرفع بعد حطام منزلهم القريب الذي كان يضم طابقين قبل أن يدمره القصف الاسرائيلي. وفي الوقت الحالي ما زالت اعادة البناء مجرد حلم.
وتجعل القيود الاسرائيلية عملية الحصول على مواد البناء بطيئة ومكلفة. ويصل سعر جوال الاسمنت في غزة الآن الى حوالي 100 شيقل (25 دولارا) وهو أربعة أمثال السعر المعتاد.
وأما ابناء غزة الذين يمكنهم تحمل اعادة البناء بأنفسهم فيكون عليهم توفيق تصاميم لا تعتمد على مواد البناء المعتادة.
وقال معتصم دلول الذي أنفق أخوه حوالي 20 ألف دولار لبناء منزل من الجص والمعدن والخشب وبعض الاسمنت الذي امكنه الحصول عليه إن الهدف كان الانتقال سريعا إلى منزل لايواء اطفال أخيه الستة وزوجتيه.
وأضاف “سبب الإحباط الشديد إن المتضررين لا يرون أن هناك أفق للإعمار ممكن يعني لو كان في تأخر يقول الواحد ممكن بعد سنة أو سنتين ممكن يتم إعادة بناء البيت الذي دمر ولكن للأسف لا يوجد أفق نهائيا.”
وما زال كثيرون من أبناء غزة المشردين يعيشون في خيام بعد أكثر من ستة اشهر على حرب العام الماضي. وتؤوي الأمم المتحدة أكثر من عشرة آلاف في 15 مدرسة يقول السكان ان وضعها يصبح خطرا بصورة متزايدة مع مرور الشهور دون نهاية للزحام.
وفي أحد الملاجئ لقي رضيع يبلغ من العمر تسعة أشهر حتفه حرقا يوم الاثنين بسبب تماس كهربي.
وقال سعيد كفرنا خال الطفل “حاولوا الموجودين بالإيواء لإطفاء هذا لاحدث إلا انهم لم يتمكنوا لعدم صلاحية هاي الطفايات في الإيواء.”
ووضع عماد الخالدي وهو خبير بناء محلي تصميما لمنزل باستخدام مواد متاحة على نحو واسع ويحاول اقناع وكالة دولية بتبنيه لكن دون نجاح حتى الآن.
وبنى أربعة منازل باستخدام قوالب من الحجر الرملي يشدها الى بعضها البعض بالجص. ووقف في فخر أمام احد المباني الذي تسكنه بالفعل عائلة تضم 11 فردا منذ خمس سنوات. وفي الخارج كانت هناك لافتة صغيرة كتب عليها “مسكن مؤقت”.
وقال “الكل أثني على هذه التقنية وأشعرنا بضرورة وجودها إلا أنه لم يأخذ أحد أي قرار ولم يصلنا أي قرار تجاه استخدام هذه التقنية لإيواء الناس أو التسريع بإيواء الناس.”
وفي حي خزاعة مازالت اسمهان تقيم في خيمة بجوار منزلها المهدم.
وقال “والله باقولك ما في أمل للإعمار والله ما مبين فيها أمل بالمرة ويا عالم تاخد سنوات حتى نحضرها أو ما نحضرها الاعمار إن كان بدن يعملوه.”