بقلم: د. حامد محمود
رئيس وحدة الدراسات الإيرانية بمركز العرب

القاهرة (زمان التركية)ــ هل يبحث نتنياهو في واشنطن عن خطة جديدة لضرب إيران؟ وما فحوى التقرير الذي أذاعته هيئة البث الإسرائيلية، والذي أفاد بأن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أجرى مشاورات أمنية رفيعة المستوى بشأن إيران قبل رحلته إلى الولايات المتحدة، المقررة في نهاية الشهر الجاري، والتي تستمر لمدة أسبوع؟
يستعد بنيامين نتنياهو لطرح ملف حساس على طاولة الرئيس ترامب خلال لقائهما المرتقب في فلوريدا نهاية ديسمبر الحالي، وذلك بحسب تقرير لشبكة «إن بي سي»، حيث يعتزم إطلاع الرئيس الأميركي على تقديرات استخباراتية جديدة بشأن توسّع إيران في إنتاج الصواريخ الباليستية، وإعادة بناء منشآت دمّرتها الغارات الأميركية والإسرائيلية خلال العام الجاري، إضافة إلى عرض خيارات لشن ضربات عسكرية جديدة.
وأشار تقرير الشبكة الإخبارية الأميركية إلى أن إسرائيل ترى أن طهران أعادت تشغيل خطوط إنتاج صاروخية، وتعمل على ترميم دفاعاتها الجوية بعد الضربات التي استهدفت مواقعها في يونيو 2025، ما دفع تل أبيب إلى اعتبار هذه الأنشطة «تهديدًا فوريًا» يتطلب ردًا سريعًا.
ولعل إعلان إيران إعادة توزيع مواقع صواريخها الباليستية باتجاه شرق البلاد، كما أعلن المتحدث باسم هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، أبو الفضل شكارجي، جاء في سياق خطوة استباقية لأي خطط أو تحركات إسرائيلية–أميركية. كما تُعد هذه الخطوة دفاعية، وتهدف إلى تحصين الترسانة الصاروخية وتقليل قابليتها للاستهداف، وذلك في أعقاب الضربات الإسرائيلية الأخيرة التي كشفت ثغرات واضحة في منظومة الدفاع الجوي، ولا سيما حول العاصمة طهران.
ويمكن القول إن هذا التحرك يأتي ضمن تكتيك وقائي لإبعاد منصات الإطلاق عن مدى الطائرات الإسرائيلية والأميركية، بعد حرب قصيرة استمرت 12 يومًا لكنها كانت مكثفة، وأظهرت محدودية فعالية الشبكات الدفاعية الإيرانية.
ويُضاف إلى ذلك ما تعكسه هذه الخطوة من اعتراف ضمني بإخفاقات في التقدير والجاهزية، خاصة بعد استهداف قادة عسكريين وعلماء نوويين داخل منازلهم، في وقت تحاول فيه طهران التقليل من الأثر العسكري للضربات، بالتأكيد على أن الخسائر في منصات الإطلاق كانت محدودة، وذلك على عكس ما تشير إليه تقارير غربية عن ضعف منظومات «إس-300» القليلة العدد المنتشرة حول طهران، إضافة إلى معلومات غير مؤكدة عن تضرر بعض هذه البطاريات، ما يزيد من احتمالات تعرض إيران لضربات جوية مستقبلية.
لكن ما قامت به إيران من عملية إعادة التموضع، وما لجأ إليه الحرس الثوري من استعراض عسكري في طهران شمل صواريخ باليستية وأنظمة فرط صوتية ومسيّرات هجومية، يأتي في إطار محاولة لطمأنة الداخل، وإعادة إنتاج خطاب الردع الذي افتقدته طهران منذ المواجهة الأخيرة مع إسرائيل، بعد أن أظهرت الحرب عجز الرادارات المحلية عن منع اختراقات عميقة.
وفي الخلفية، تشير تسريبات إلى أن عدم الرد على اغتيالات سابقة لم يكن خيارًا سياسيًا بقدر ما كان نتيجة غياب الجاهزية والحاجة إلى إعادة بناء القدرات.
لكن من يتأمل تصريحات المتحدث باسم هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، أبو الفضل شكارجي، قبل أيام، والتي أكد فيها أن إنتاج الصواريخ مستمر دون انقطاع، مشددًا على أن خطوط التصنيع لا تزال تعمل حاليًا في إطار إعادة بناء القدرات الصاروخية للبلاد بعد مواجهة يونيو 2025، يجد أن هذه التصريحات تأتي في سياق الاستعداد لمواجهة الحملة الإسرائيلية المروِّجة لخطر إيران.
وفي المقابل، تقوم إيران بهذه التحركات كجزء من سياسة تمويه أوسع لإخفاء استعدادات سرية لما هو قادم، خاصة مع تصاعد المخاوف من عودة شبح الحرب، في ظل استمرار التهديدات المتبادلة، وامتلاك إسرائيل قدرة اختراق استخبارية دقيقة للبنية العسكرية الإيرانية.













