بقلم: ماهر المهدي
بروكسل (زمان التركية)_ قُتل كلٌّ من رئيس إيران السابق إبراهيم رئيسي – في ١٩ مايو ٢٠٢٤ – وقُتل محمد الحدّاد، رئيس أركان الجيش الليبي في حكومة الدبيبة في طرابلس، في يوم ٢٤ ديسمبر ٢٠٢٥، في حادث سقوط طائرة وتحطّمها ووفاة جميع من فيها، في مطلع طريق عودة الطائرة إلى بلدها، ليموت كامل ركّاب الطائرة البالغ عددهم تسعة في طائرة الرئيس إبراهيم رئيسي، وثمانية أشخاص في طائرة رئيس الأركان على الفور.
ويلاحظ أن أوجه التشابه بين ظروف الواقعتين ملفتة في كلا الحالتين بشكل يستدعي النظر: تنتهي المهمة، وتقلع الطائرة بالوفود، ثم تنقطع الاتصالات بالطائرة، ثم يُكتشف سقوط الطائرة المنكوبة ووفاة كل من فيها. كما يُلاحظ وجود شخصيات هامة أخرى إلى جانب الشخصية الرئيسية في الطائرتين؛ فكان إلى جوار الرئيس إبراهيم رئيسي وزير خارجيته، وكان إلى جوار رئيس الأركان الليبي رئيس أركان القوات البرية ورئيس هيئة التصنيع العسكري في حكومة طرابلس. صيد ثمين – في كلا الحالتين – بالنسبة إلى المهتمين.
لم تتوصل التحقيقات في سقوط طائرة الرئيس إبراهيم رئيسي إلى معرفة أسباب سقوط الطائرة – حتى الآن – ليتم الاكتفاء بالتكهنات التي تراوحت بين الشك في أعطال فنية في الطائرة «لكونها طائرة قديمة لم يكن للرئيس أن يستخدمها، وفقًا لبعض التقارير»، و«احتمال تورط دول أجنبية مثل الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل»، وفقًا لبعض التقارير. ويُسدل الستار على ذلك الحادث المروّع الذي قضى على حياة رجل مهم وحياة آخرين رحلوا مع الرئيس إبراهيم رئيسي بسرعة وخفة وصمت مذهل. ويُلاحظ أيضًا تحقّق السقوط عقب إتمام المهمة وبدء رحلة العودة – في كلتا الحالتين – وهو الأمر الغريب الذي ربما يدعو إلى الشك في كون الحادث مدبّرًا، لما قد تتميز به رحلة العودة – في الغالب الأعم – من انخفاض الانتباه إلى المخاطر المحتملة وتراجع التوقعات بوقوع محاولات اعتداء، لأن كل شيء مرّ بسلام، وتمت المهمة على خير ووفقًا للخطط والآمال المرجوّة. وربما صار الجميع منهمكًا في سمر وحبور،
وفي تبادل التهاني بنجاح المهمة وقرب العودة إلى الوطن بنجاح. فمن يخططون لمثل هذه العمليات يعلمون ويدرسون سلوكيات الأشخاص والوفود وظروف المهام من مختلف الجوانب، ثم يختارون أنسب تلك الجوانب لإتمام العملية. وبالطبع، فإن أنسب الأوقات لتنفيذ عملية ضد أحد حين يتوقع الجميع أن كل شيء على ما يرام، مع أنهم لم ينهوا مهمتهم بعد ولم يصلوا إلى بلدهم بعد، وما زالوا مسؤولين عن تأمين وفد خطير وهام، وقد يكون مستهدفًا من قبل جهات كثيرة – لأسباب كثيرة ومتباينة – في كلا الحالتين: رئيس الدولة ورئيس الأركان رحمهما الله، ومن توفي معهما. فكل التجارب البشرية الناجحة توضح أن الاحتفال والسرور المتعجلين خطر داهم لا يمكن المغامرة بالوقوع فيه من قبل الوفود الرسمية والقائمين على أمنها.
والحقيقة أن كافة المتخصصين يتفكرون دائمًا في سبل جديدة ومتطورة لتحقيق أهدافهم، ومن الطبيعي ومن المتوقع أن ينظر هؤلاء المتخصصون إلى كل الجوانب التي تسقط من اهتمام ومن تصور الغير، ليتركوا هذا الغير يعتقد في فوزه ونجاح مهمته، ليفاجأ بعدها بقليل بمفاجأة قاتلة وهو مستريح مسترخٍ خالي البال. في النهاية، لا أحد يعلم ما حدث حقيقة حتى الآن، وفقًا لمختلف التقارير ذات الصلة.















