في مبنى أنيق في حي راق بمدينة غزة يشهد الدكتور صلاح الزعانين إقبالا متزايدا على عيادته فهو جراح التجميل الوحيد في غزة ويحمل مؤهلات من أوروبا إذ تلقى تعليمه في اليونان.
ويريد بعض مرضاه إصلاح ندوب خلفها إطلاق نار وانفجار قنابل. وهناك من الرجال والنساء من يريدون كل شيء من أول تجميل الأنف إلى تكبير الأثداء.
وقال الزعانين الذي يُمارس مهنته منذ 30 عاما “احنا شعب مش بيحب الموت. احنا شعب بيحب الحياة. مضبوط شعب بيحب الحياة. بنحب حالنا وبعدين الترابط الاجتماعي عندنا. الزوجة عندنا بتحب تكون حلوة لزوجها ولأولادها.”
في مجتمع محافظ كمجتمع غزة الذي تحكمه حركة حماس منذ عام 2007 من الصعب معرفة مدى انتشار جراحات التجميل. ولكن الزعانين يقول إنه قبل ثلاثة أعوام كان لا يكاد يرى إلا حالتين يوميا. واليوم يصل العدد إلى 15 حالة.
وفي أحد الأيام الماضية كان ثمانية رجال ونساء ينتظرون في العيادة للدخول إلى غرفة الفحص. وكان البعض يعاني تشوها جراء إصابات من الحروب بين إسرائيل وحماس منذ عام 2008. ولآخرين طلبات مختلفة تتراوح بين الحقن بالبوتوكس إلى شفط الدهون وعمليات تجميل الأنف والأثداء.
وقال الجراح “صبية أو صبي يعني عنده أنف كبير ومش حلو.. مغير الشكل تاعه بتلاقيه منعزل عن المجتمع تاعه. بالعكس أخطر من المرض الجسدي. المرض الجسدي ممكن توخد حبة مسكن وتمشي أمورك ولكن هان ما في بتقدر يعني تتحرك بداخل المجتمع. بتلاقيك منعزل.. بتقدمش في المجتمع تاعك.. بشغلك. متى غيرت له اياه وصار شكله حلو يعني ومقبول بتلاقيه نفسياً تغير.”
في عيادة الزعانين مريض طلب الاكتفاء بذكر اسمه الأول محمد أصيب في ساقة خلال الحملة العسكرية الإسرائيلية على غزة الصيف الماضي. فقد محمد جزءا من عضلة الساق وكان يعاني آلاما مبرحة.
وقال محمد “الشكل تغير. شكلي تغير. أنا كنت أتألم أكثر شي في الشتاء. يعني كانت تجي لي مثلا العصب بضرب في مكان الإصابة. العصب ضعيف. فكانت تعمل عندي ألم كثير. أقعد بالأيام يعني أعاني من الموضوع هذا. يعني يمكن في موجة البرد الأخرانيات هدول ما مروش على قطاع غزة أو على فلسطين كلها الحمد لله كانت يعني ما حسيتش في الألم اللي كنت احس فيه قبل.”
في غزة البالغ عدد سكانها مليون و800 ألف نسمة وتصل نسبة البطالة فيها إلى 45 في المئة ونصيب الفرد من الدخل 950 دولارا سنويا من المستغرب أن يستطيع السكان إنفاق القليل الذي يملكونه على جراحات التجميل.
لكن الزعانين قال إن الرغبة في الحصول على مظهر أفضل أمر عالمي حتى في حال تردد سكان غزة في بداية الأمر. وامتنع عن الحديث عن تكاليف العلاج الذي يقدمه ولكنه قال إنه أقل من أي مكان في العالم.
وذكر الجراح أن الأمور كانت صعبة في البداية لتخوف الناس من جراحات التجميل ولأن الناس في غزة لم يكونوا يعرفونه بعد أن قضى 39 عاما في الخارج.
ولكنه اليوم صار مشهورا بأنه يستورد بشكل منتظم معدات حديثة من أوروبا لتلبية الطلب.
ويقول الزعانين إنه لا يجري أي جراحات تتعارض مع الأحكام الدينية ويتأكد من أن الأزواج على علم واطلاع عندما يقدم علاجا للزوجات.
خدمة الشرق الأوسط التلفزيونية