د. أوغور كوميتش أوغلو – جامعة سليمان شاه
المادية الإسلاموية
إن المحنة الكبرى التي يطلق عليها الفكرة هي في الأساس إدراك ورؤية روحية. ولا يمكن لنظام تفكير أساسي أن يكون محصورًا بتحقيق اللحظة الآنية.
أما إسلاميو السلطة فظنوا أن بإمكانهم إحياء التاريخ بلمح البصر، لكنهم هزموا أمام جشعهم وطمعهم، ودهس جوع الحالة أفكارهم كالمكبس وأسَرَ أرواحهم، وسقطوا في بئر الأنانية، ووصلوا إلى مرحلة التفكير في أنه ليس هناك داعٍ لمعيار روحي من أجل الحصول على المادة.
إن بعض الكتاب الموالين لحكومة حزب العدالة والتنمية، الذين يعتبرون نماذج لفرع تركيا من الإسلاموية منعدمة الأخلاق (والإيرانية بحسب ما يراه البعض)، لا يعرفون حدودًا فيما يتعلق بنشر الأخبار الكاذبة والملفقة. وكلما اقترب موعد الانتخابات زادوا من افتراءاتهم. يخشون أن يفقدوا مناصبهم بالكتابة في أعمدة الصحف الموالية للحكومة لدرجة أنهم لا يتورّعون عن اللجوء إلى كل خطاب مليء بالقلق والطيش.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]إن بعض الكتاب الموالين لحكومة حزب العدالة والتنمية، الذين يعتبرون نماذج لفرع تركيا من الإسلاموية منعدمة الأخلاق، لا يعرفون حدودًا فيما يتعلق بنشر الأخبار الكاذبة والملفقة. وكلما اقترب موعد الانتخابات زادوا من افتراءاتهم. يخشون أن يفقدوا مناصبهم بالكتابة في أعمدة الصحف الموالية للحكومة لدرجة أنهم لا يتورّعون عن اللجوء إلى كل خطاب مليء بالقلق والطيش.[/box][/one_third]أما أشهر أنواع التكتيكات التي يلجأ إليها هؤلاء المخادعون الذين يملأون وسائل الإعلام فهي إخافة الشعب.
يتحدثون بشكل عشوائي عما حدث لرئيس الوزراء الأسبق عدنان مندريس. ثم ليأتِ بعد ذلك أدب المظالم وخطاب الانسحاق والتضرع من أجل الأصوات في الانتخابات وما إلى ذلك. غير أن هذا الخطاب يبدو مضحكًا في وقت قد انهاروا فيه على البلد كالإخطبوط العملاق. فمن ناحية يتعاونون مع العقلية التي أعدمت مندريس، ومن ناحية أخرى يشتكون من الوضع الراهن، وهذا موقف مزيف للغاية. ولهذا السبب فإن القصص التي تحكيها وسائل الإعلام الموالية للحكومة لم تعد تخدع الشعب بعد اليوم.
كان هناك شخص يريد حتى تغيير مشغِّل خدمة الهاتف المحمول. فالخطاب المتدني كثر في صفحاتهم. وهم يأملون في الحصول على الدعم من حقن الشعب بسم الكراهية والعداء. وكأنهم يسعون لتشكيل أجندة رأي عام من خلال وثائق تاريخية مزيفة، ويرون أنه لو كانت احتجاجات متنزه جيزي بارك قد نجحت لكانت محاكم الإعدام قد شُكِّلت. لا يعلمون أن رياح العداوة والكذب التي أثاروها ربما ترجع لتسحقهم. فليس هناك علاج لفقدان الوعي.
ترتكَب كل يوم جريمة في مقالاتهم الصحفية من خلال تحريض الشعب على الحقد والكراهية أو احتقاره، ويتحركون من خلال المتعة المزعجة للعب القمار. يتلفظون بعبارات من قبيل “لو كانت احتجاجات جيزي بارك قد نجحت”، لكن هذه الاحتجاجات قد نجحت بالفعل. لقد سحبت الحكومة يدها من متنزه جيزي، حتى أنها أضافت المزيد من الخضرة إلى تلك المنطقة، ولم تستطع تشييد مركز للتسوق كما أرادت. فيجب إيقاظ هؤلاء الكتاب الذين وهبوا أقلامهم للدفاع عن الحكومة من سباتهم العميق، فلقد انتهت حقبة دعم النظام ووسائل الإعلام بالمال الأسود المتداول في الشرق الأوسط. فنحن في الوقت بدل الضائع. يكتبون مقالاتهم من خلال عقلية “لنملأ براميلنا بينما المياه تتدفق من الصنبور”، لكنهم لا يدرون أنهم يمكن أن يدهسوا تحت هذه البراميل التي ملؤوها عن آخرها. فمَن اعتقد أن بإمكانه الخروج من المأزق السياسي من خلال زيادة التمويل فإنه يكون قد تعرض للخسارة؛ إذ الأموال السوداء التصقت بأيديهم وصارت تكبّلها.
لم يعد أحد يحترمهم لا في الشرق ولا في الغرب. فمن جعلهم حملة لواء الوقت الراهن في وسائل الإعلام الموالية للحكومة ومن سقطوا منهزمين أمام أنفسهم ومن لم يستطيعوا تغيير الوضعية السابقة يسيرون بخطى ثابتة نحو الاضمحلال. فسيذهبون كما جاؤوا عبر هذه الأعمدة الصحفية.
وعلى عكس الأكاذيب التي ينشرها الكتاب الذين يسبحون في “حوض الأموال” الذي أنشأته الحكومة، فالشعب صار يلاحظ أن السلطة الحالية تحولت إلى الوضعية الراهنة منذ ثلاثة أعوام، ناهيكم عن رؤية الضغط من الوضع القائم. ولقد أصبحت محاولاتهم للتأثير على ترجيحات الناخبين من خلال التذكير بالظلم الذي تعرضت له الفئة المتدينة في الماضي في مقالاتهم الصحفية طريقة قديمة لدرجة أنهم تحولوا حاليًا إلى أشخاص كاذبين. ذلك أنهم يمارسون على الشعب ظلمًا وضغطًا أكثر من الذي انتقدوه في الماضي. ولقد دمروا التدين والأخلاق، وتبنّوا عقلية تغلق المراكز التعليمية التي أسسها المتدينون، كما لم يتورّعوا عن دعم من هدد باستئصال شأفة الجماعات والطرق الصوفية. حتى أنهم تجرّؤوا لدرجة أنهم قالوا: “لقد امتدح برينتشك( دوغو برينتشيك رئيس حزب الوطن الشيوعي التركي) النبي صلى الله عليه وسلم في صحيفة آيدنليك”، وانتقدوا الاحتفال بالمولد النبوي. ولقد فضحوا أنفسهم لدرجة قيل لهم: “كونوا بقدر برينتشك على أقل تقدير”. فمن تولّى منصب المتحدث الرسمي باسم هذا الشخص المحترم الذي قال إنه “سيتعاون مع رئيس الوزراء لاستئصال شأفة حركة الخدمة” بحجة كتابة “تحقيق صحفي” في جريدة ذات طابع راديكالي، أصبحوا إسلاميي الوضع القائم.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ] عندما يقترب موعد الانتخابات نجد الكتاب الموالين للحكومة يسردون معاناتهم من هذه الدولة العميقة في الماضي. لكن الشعب لم يعد ينخدع بهذا الزيف؛ ذلك أنكم كررتم كل ما عاشه الشعب التركي في تسعينيات القرن الماضي، واليوم تلجؤون إلى التظاهر بالشكوى من الأوضاع القديمة. فكلما دخلوا في دوامة عدم استدامة الاستبداد يبدأ في التحول أكثر إلى وضع راهن.[/box][/one_third]لقد غيّروا 135 مادة من قانون المناقصات العامة، كما ارتفعت سرعة وتيرة تحقيق الأرباح لـ”اقتصاد النهب” قبيل الانتخابات. هذا فضلًا عن الارتفاع الجنوبي الذي أصاب عدد المناقصات المخصصة لرجال أعمال بعينهم. ومن الصعب أن ينجح الإعلاميون الموالون للحكومة في خداع الشعب بخطاب الظلم القديم، هذا في الوقت الذي نشهد فيه هذه التطورات الخطيرة. أضف إلى ذلك أن كل يوم يمر يكون ضد وسائل الإعلام المؤيدة للحكومة، فالوقت يداهمهم بشكل كبير. كما أن تلميع بعض الصحفيين لبعض المشاريع الاقتصادية ما هو إلا عبارة عن حملات يقومون بها من أجل الخروج من المعركة بعد الهزيمة وجيوبهم مملوءة بالأموال.
إن قسوة الوضع الراهن وجدت لنفسها حياة داخلهم منذ زمن بعيد. والشعب يدرك أن الفساد والمحسوبية وصلا إلى أعلى مستوياتهما ويشعر بأن الأيدي القذرة ممدودة إلى جيوبه منذ عامين. لأن غلاء الأسعار السوق بات يحرق يد الشعب.
كان مؤلف كتاب “النواة الصلبة” النائب البرلماني عن حزب العدالة والتنمية شامل طيّار، عدو تنظيم أرجينيكون الانقلابي، أعلن صراحة أن الحكومة التركية الحالية تعاونت مع تنظيم أرجينيكون. وهو بذلك يكون قد أثبت أن الحزب الحاكم تحوَّل إلى حزب الوضع القائم. ظلم المتدينين، استغلال التوتر السني – العلوي، العودة إلى جمهورية تصنيف الأشخاص حسب انتماءاتهم، الاستفادة من التوتر التركي – الكردي، محاولة إدارة البلاد من خلال قوانين الطوارئ، استغلال حالة الفوضى، الاستفزاز في حالات آغري وأولو دره، التحريض على القومية، حظر الأفلام، بيع المدن الكبرى بعد تقسيمها، جنون العيش المترف، الجرائم مجهولة الفاعل، انتشار أعمال المافيا، الرقابة على وسائل الإعلام، هندسة جميع أنواع السياسات المعوجة، الرقص مع المؤسسة العسكرية… لقد شهدت تركيا عودة كل شيء خاص بالدولة العميقة.
ترى القِلّة المتسلطة وهي تنزل على رأس الشعب كالمطرقة من خلال الجشع والقوة التي منحها الجلوس على هرم السلطة إياها. لكن عندما يقترب موعد الانتخابات نجد الكتاب الموالين للحكومة يسردون معاناتهم من هذه الدولة العميقة في الماضي. لكن الشعب لم يعد ينخدع بهذا الزيف؛ ذلك أنكم كررتم كل ما عاشه الشعب التركي في تسعينيات القرن الماضي، واليوم تلجؤون إلى التظاهر بالشكوى من الأوضاع القديمة. فكلما دخلوا في دوامة عدم استدامة الاستبداد يبدأ في التحول أكثر إلى وضع راهن.
أعزائي الكتاب الموالين للحكومة… إذا كانت مقالاتكم الانتخابية محاوَلة لإخفاء هذه الحقيقة، فهذا يعني أننا أمام صعوبة مأساوية؛ ذلك أن هناك بقعة سوداء تكبر ويزيد سوادها كل يوم لدرجة أنكم لا تستطيعون إخفاءها بعد اليوم. لكن الوضع لم يعد يتحمل أكثر. مهمتكم صعبة ووضعكم مؤلم، كان الله في العون.