إبراهيم عصالي أوغلو
بعد انتخابات 7 يونيو/ حزيران باتت تركيا مكانا لحسابات الائتلاف. ولكن يمكن للبرلمان أن ينهض بمهامه بصورة مستقلة عن محاولات تشكيل الحكومة. ويمكن له إصدار القوانين إلى أن تتشكل الحكومة الجديدة، كما يمكنه تشكيل لجنة لتقصي الحقائق. لذلك فإن ترميم القانون بعد أن تحول إلى أنقاض في عهد العدالة والتنمية يقع على عاتق المعارضة. ولا داعي لتشكيل حكومة للتمكن من إلغاء القوانين والتعديلات التي استصدرها العدالة والتنمية ضمن حزمة قوانين والتي علّقت العمل بالدستور في البلاد، وضيقت الخناق على الحقوق والحريات في الفترة السابقة، بل يكفي أن يكون هناك تعاون بين أحزاب المعارضة (الشعب الجمهوري والحركة القومية والشعوب الديمقراطي الكردي) كي يتمكن البرلمان من تشكيل لجنة تحقيق جديدة بشأن عمليات الرشوة والفساد في 17-25 ديسمبر/ كانون الأول 2013.
ويكفي أن تكون أصوات المعارضة أكثر من أصوات العدالة والتنمية ولو بصوت واحد. ويمكن لهذه الأحزاب إصدار القوانين كما تشاء وتشريعها عمليا، حيث يصل عدد نوابها إلى 292 نائبا. وهذه الأحزاب المعارضة قادرة على تغيير القوانين غير الديمقراطية في وقت قصير، وقد يحظون حتى بدعم بعض أعضاء العدالة والتنمية.
ومن أهم القوانين التي يجب أن تُلغى القوانين التي أسّست بموجبها دوائر الصلح والجزاء بالمحاكم التي اعتبرها الرئيس رجب طيب أردوغان “مشروعاً”؛ إضافة إلى حزمة قوانين الأمن الداخلي التي عارضتها أحزاب المعارضة بشدة.
وقد وعدت هذه الأحزاب في الحملات الانتخابية بفتح ملف الفساد الذي تم طيه بحق 4 وزراء سابقين، وتشكيل لجنة تحقيق جديدة. ويمكن تشكيل هذه اللجنة حتى لو لم يشارك فيها أي عضو من العدالة والتنمية، وبإمكان هذه اللجنة أن تستدعي الوزراء إلى المحكمة العليا بفضل أغلبية أعضاء أحزاب المعارضة.
نذكر هنا أمثلة سريعة للأنقاض القانونية التي تركها العدالة والتنمية في آخر عهده:
دوائر الصلح والجزاء المسماة بـ”المشروع” بمثابة سيف الحكومة:
- يجب فوراً إلغاء دوائر الصلح والجزاء التي تم تشكيلها بدلاً عن محاكم الصلح والجزاء. لأن هذه الدوائر تتمثل مهمتها في تكميم أفواه المعارضة وإسكات الأصوات المنتقدة.
يجب إلغاء قانون الإنترنت:
بموجب إصلاحات أجريت ضمن حزمة قوانين في عهد العدالة والتنمية، أصبح من الممكن حجب الإنترنت بطلب من رئيس الوزراء أو الوزارات المعنية دون الحاجة إلى قرار قضائي، وهذا يعني انعدام حرية التواصل بين الناس. لذلك يجب إلغاؤها فوراً.
إلغاء الدرع القانوني للمخابرات:
لقد تم تشريع قانون خاص بالمخابرات يجعلها “غير مسؤولة مهما فعلت” رغم الرفض الشديد للمعارضة. وبقي هذا القانون مثار نقاش طوال أشهر، وهو ما يجعل من تركيا دولة مخابراتية. حيث تم منح المخابرات صلاحية الارتباط بالأشخاص الفاعلين في المؤسسات والجمعيات والمنظمات وتطبيق طرق التنسيق معها، بل حتى تنفيذ عمليات خارج حدود تركيا. وقد رفضت المعارضة ذلك بشدة. وجرت نقاشات أدت إلى الشجار في البرلمان.
إلغاء ربط السلطة القضائية بالسلطة التنفيذية:
إذ غيرت مواد كثير من القوانين في أواخر عهد العدالة والتنمية لإخضاع السلطة القضائية للسلطة التنفيذية، حيث نقلت صلاحيات المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العموم إلى وزير العدل. وحتى الاتحاد الأوروبي أبدى استياءه من ذلك. وبمجوب هذه القوانين والتعديلات الجارية على بنية مجلس القضاء الأعلى في البلاد تم تشتيت كل العاملين في السلك القضائي باستثناء أعضاء المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العموم.
كلنا مشتبهون بموجب قانون “الاشتباه المعقول”:
حزمة القوانين التي تقضي بإمكانية ملاحقة أي مواطن والحجز على أمواله وتغيير هيكلة المحكمة العليا ومجلس الدولة. حيث حلت مكانها القوانين اللاديمقراطية. وحلت الشبهة المعقولة مكان الشبهة المادية المصحوبة بالأدلة الدامغة. وقد توسعت دائرة الحجز على الأملاك غير المنقولة والأموال المستحقة.
لم يعد التدخل في التحقيقات جرماً:
محاولة التأثير على المدعي العام في أثناء التحقيق لم يعد جرما. ولذلك تغيرت مادة “محاولة التأثير فيمن يمارس مهمة قضائية” من قانون العقوبات التركي. حيث ألغي القِسم الذي يقتضي السجن من 2 إلى 4 سنوات من هذه المادة لمن يفعل ذلك. ولم يعد يُعتبر جرما أن يتدخل مسؤولو وزارة العدل في مهام المدعي العام والتأثير عليه.
تم إنقاذ 4 وزراء سابقين من المحكمة العليا:
إن هؤلاء الوزراء المتورطين في أعمال الفساد تم إنقاذهم من المحكمة العليا عبر تصويت الأكثرية من أعضاء العدالة والتنمية في لجنة التحقيق البرلمانية. حيث قرروا عدم مثولهم أمام المحكمة العليا. كما تمت المصادقة على هذا القرار من قبل الهيئة البرلمانية العامة. لذلك يجب إعادة محاكمتهم بصورة عادلة وفق القوانين الديمقراطية.
مصاريف غير معلنة للقصر:
مُنح الرئيس أردوغان صلاحية استخدام المخابرات والمصاريف غير المعلنة وذلك من خلال حزم القوانين الأخيرة.
حزمة قوانين الأمن الداخلي:
القوانين اللاديمقراطية الصادرة في الدورة 24 للبرلمان وصلت إلى أوجها عبر حزمة قوانين الأمن الداخلي التي ظلت الشغل الشاغل لجميع الشرائح طوال عدة أشهر. كما زادت من صلاحيات المحافظين ورجال الشرطة الذين أصبح بإمكانهم ملاحقة المواطنين بمقتضى أمر شفهي ودون وجود قرار من القاضي أو المدعي العام، كما أصبح بإمكان الشرطة مطالبة المواطن بخلع ملابسه للتفتيش.
إغلاق مراكز دروس التقوية:
أصدر العدالة والتنمية قانونا يقضي بإغلاق مراكز دروس التقوية. ورفعت المعارضة هذا القرار للمحكمة الدستورية لأنه ينافي مبدأ المساواة وحرية النشاط، ولم تتخذ المحكمة أي قرار رغم مرور أكثر من سنة على ذلك.






















