من الظواهر التي تشير إلى أن التاريخ يعيد نفسه، حيث يتظاهر العديد من الحكام بالتدين، وبالتالي يمارسون وسائل شتى بالضغط على العلماء.
ويتعرض العلماء أثناء حكم هؤلاء الحكام لأنواع مختلفة من التعذيب والزج في غياهب السجون، يتلقون صنوف العذاب بسبب معارضتهم لهذه النوعية من الحكام.
ومن الأمثلة في ضوء ما نقوله أن المنصور أمر بجلد الإمام أبي حنيفة النعمان، الذي عاصر الدولتين الأموية والعباسية، وبالرغم من ذلك لم يحظ منهما بتقدير، كما أن المأمون حبس الإمام أحمد بن حنبل، وليس ببعيد عنا قتل الحجاج بن يوسف السقفي نحو 200 ألف مسلم، في وقت لم يكن يقصر في صلاته البتة، كما كان حافظاً لكتاب الله تعالى، ولم يقصر في فرائض الدين، كما كان عالماً وخطيباً مفوهاً، وله اهتمام بالغ بالصلاة والمواظبة عليها.
من حينها، عُرف الحجاج في التاريخ الإسلامي بحجم الظلم الذي أوقعه على المسلمين، حيث قام بقتل معارضيه من بني أمية وأجبر المسلمين على بيعته، حيث اعتبر كل من تخلى عن بيعته “مرتداً عن الدين”.
ولم يتوقف الحجاج عن أذى المسلمين وحسب، بل ألحق الضرر بالكعبة المشرفة، وحاصر مكة المكرمة، وقتل الصحابيين عبدالله بن الزبير، وأنس بن مالك.
أما الخليفة الأموي يزيد الثاني، فقد حول الخلافة إلى ملك، كما كان مسؤولاً عن مقتل الحسين في كربلاء، في وقت سعى إلى فتح إسطنبول سنة 668 هـ، وقاد جيشاً واجتاز المضيق لمحاصرة إسطنبول، فاستشهد العديد من الصحابة وعلى رأسهم أبي أيوب الأنصاري، ولم ينته من حصاره إلا بعد أن دفع البيزنطيون الجزية.
وفي القرن 17، كان هناك الشيخ نيازي المصري الذي دعم أهل التصوف ضد المتشددين في عهد محمد الرابع، وقد دخل في جدال واسع مع شيخ السلطان واني محمد أفندي الذي نشر شائعة، مفادها أن مريدي المصري سيطروا على أجهزة الدولة ويحاول التأثير في القصر، فاتهم المصري بالخيانة وتم نفيه إلى جزيرة ليمني.
وأبو حنيفة لم يتراجع يوماً عن مواقفه، فاستمر في انتقاد الخليفة العباسي الثاني أبا جعفر المنصور، إلى أن قدم له حليباً مسموماً ليقتله، وزج به في السجن، وجلده بالسياط، وبالرغم من ذلك، فقد عرف عن المنصور عذوبة صوته أثناء قراءته للقرآن الكريم.
في حين أن الخليفة العباسي المأمون -الذي اتخذ مجموعة من الإجراءات ليضع حدا للصراعات المذهبية التي انتشرت في عهده- كان قد فتح المجال لنقاشات خطيرة حول الإسلام وذلك بناء على مشورة بعض رجال الدين.
في حين أن المعتصم الذي خلف المأمون سار على نهجه، وزج بالإمام أحمد بن حنبل في السجن وأمر بجلده وتعذيبه حتى أُغمي عليه.
وقد تكررت مثل هذه الحوادث في التاريخ الإسلامي