فيما يعد فضيحة من العيار الثقيل يسجلها تاريخ القانون في تركيا والعالم أجمع، أعلن القاضي المكلف بالنظر في ملفات قيادات ورجال الأمن المعتقلين بتهمة التنصت غير الشرعي على تنظيم التوحيد والسلام الإرهابي الإيراني، أنه سيصدر قراره في الساعة التاسعة من مساء اليوم الثلاثاء، دون السماع إلى إفادات ودفاعات 17 متهماً، الأمر الذي يعتبر انتهاكاً قانونياً قل نظيره في العالم.
ولا يمكن تعداد الفضائح القانونية التي يشهدها قصر العدل في مدينة إسطنبول، إذ لا تقتصر تلك الفضائح على إصدار القرار بدون الاستماع إلى إفادات ودفاعات قيادات الأمن، حيث إن القاضي إسلام تشيتشاك المولع برئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، كما جاء في موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”وجه سؤالاً إلى قائد الأمن يورت آتايون أثناء أخذ إفادته مساء أمس الثلاثاء قائلاً: “لماذا تنصتَّ على أردوغان في الـ26 والـ28 من نوفمبر / تشرين الثاني عام 2013، وفي 3 ديسمبر / كانون الأول من العام نفسه”.
فأتى جواب من قائد الأمن ومحاميه لافت للانتباه جدا “لم أرَ في حياتي مثل هذا السؤال الباعث على السخرية! هل أنتَ (القاضي) متأكّد من أنك دقَّقت النظر في الملف؟ فانظر إلى الملف متى عُزلتُ من وظيفتي؟ ذلك لأنني أُقلتُ من وظيفتي في الـ8 من شباط لعام 2012، أي أن الحادثة التي تسألها جرت قبل نحو سنتين من إقالتي”.
وفي أعقاب هذا الردّ تغيرت ملامح وجه القاضي تشيتشاك، ثم قال محامو قائد الأمن للقاضي: “إن الجهة التي تصدر إليك هذه التعليمات زوَّدتك بهذه المعلومات الخاطئة، كان ينبغي لك قبل كل شيء وعلى الأقل معرفة التواريخ على الوجه الصحيح، ومن ثم توجيه الاتهامات!”، الجواب الذي أسقط كافة الاتهامات الموجهة ضد مديري ورجال الأمن تماماً.
وبعد هذه الفضيحة التي اتهم فيها القاضي قيادات الأمن بالتنصت غير القانوني في وقت هم معزولون فيه عن وظائفهم، أكَّد المحامون للقاضي قائلين: “إن الاتهامات قد انهارت وسقطت تماماً يا سيد القاضي. يجب عليكم أن تقولوا لأنقرة التي تصدر لكم الأوامر فلتعدَّ الملفات بشكل صحيح، ومن بعد ذلك توجيه الاتهامات”.
وكانت وسائل الإعلام المحسوبة على حكومة حزب العدالة والتنمية زعمت أمس أن قيادات ورجال الأمن المعتقلين يُتَّهمون بالتنصت على مكالمات أردوغان مع كل من الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود في 26 نوفمبر / تشرين الثاني عام 2013، ورئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية في 28 نوفمبر من العام نفسه، والرئيس الفلسطيني محمود عباس في 3 ديسمبر / كانون الأول من العام ذاته، وذلك عبر التنصت على هاتف سفر توران مستشار أردوغان”، ولكن التصريحات التي ذكرنا أعلاه تثبت أن هذه الحملة حملة سياسية تسعى إلى الانتقام من أفراد الشرطة المشاركين في تحقيقات الفساد والرشوة التي تورطت فيها حكومة أردوغان من جانب، ومن جانب آخر تحاول التستُّر على ملفات الفساد وتنظيم السلام والتوحيد الإرهابي المرتبط بالحرس الثوري الإيراني الذي نفذ العديد من الاغتيالات الدموية منذ الثمانينات، منها اغتيال الكاتب الصحفي الشهير أوغور مومجو الذي أثار غضب الأوساط العلمانية، واستغلته الدولة لاتهام المسلمين وتضييق الخناق عليهم