تونس (أ ف ب ) – انتشرت منذ أسابيع قليلة، على مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى عدد من المواقع الإخبارية التونسية، أخبار عن اعتزام شركات الاتصالات التونسية الثلاث (اتصالات تونس، وأورانج تونس، والشركة التونسية القطرية” أريد”)، قطع خدمات فايبر وسكايب وواتساب في تونس اعتبارا من أول أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
إجراء حجب تطبيقات المكالمات الصوتية عبر الإنترنت في تونس لن يكون في حال تأكده استثنائيا، لأن دولا أخرى عمدت إلى حجب هذه التطبيقات التي تتمتع بشعبية كبيرة في العالم اليوم، خاصة أنها توفر خدمة مجانية، وهي سهلة التحميل والاستخدام، وتعوض بشكل فعال خدمة الهواتف الكلاسكية بمجرد توفر هاتف ذكي واتصال بخدمة الإنترنت .
مستخدمو الهواتف الذكية في تونس بدأوا القيام بحملات على مواقع التواصل الاجتماعي والمدونات، للتنديد بهذا القرار المرتقب، خاصة أن الجميع في الداخل والخارج يستخدمون هذه التطبيقات في بلد معظم شرائحه الاجتماعية تظهر اهتماما بالتكنولوجيا الحديثة، ويغلب الشباب على بنيته الاجتماعية.
ولأن المكالمات الدولية هي الدافع الرئيسي لاستخدام هذه التطبيقات خاصة أن عدد التونسيين في الخارج يناهز المليون و200 ألف شخص بحسب إحصائيات رسمية، وتقريبا في كل العائلات التونسية هناك شخص على الأقل يعيش خارج الوطن، إذن هذه التطبيقات مفيدة جدا للتونسيين في الداخل والخارج وطريقة مثلى لتوفير المال.
الخبر الذي أوردته للمرة الأولى صحيفة تونسية انتشر بسرعة في كل الصفحات. واتصلنا بمشغلي الهاتف الجوال في تونس للاستفسار حول هذا الموضوع، خاصة أن الأخبار الرائجة تتحدث عن تقارب فريد واتفاق بين الشركات الثلاث على حرمان التونسيين من تطبيقات المكالمات المجانية.
شركة اتصالات تونس هي الشركة الوحيدة التي قبلت الرد على استفساراتنا وأكد مصدر مسؤول في الشركة التاريخية للهاتف في تونس صحة هذه الأخبار. وقال إن شركات الاتصالات الثلاث تنبهت لمسؤولية هذه التطبيقات في تراجع عائداتها وبحثت فيما بينها وتحت إشراف الهيئة العليا للاتصالات في تونس، إمكانية تعطيل هذه الخدمات، وبحسب نفس المصدر فقد استمرت هذه المفاوضات لعدة أشهر قبل الاتفاق على صيغة تحد من استخدامها. وقال المصدر لفرانس24 إن هذه التطبيقات سيتم تنظيم استخدامها ولن تحذف كما تتداول مواقع الإنترنت وستعرض في إطار عرض خاص يضم تطبيقات للمكالمات الصوتية عبر الإنترنت مقابل اشتراك شهري قد يضم أيضا تطبيق فيس بوك الذي يقدم أيضا خدمة الاتصال الصوتي.
شركة اتصالات تونس أكدت أن تونس ليست الدولة الوحيدة التي اتخذت هذه الإجراءات، وأن دولا أخرى سبقتها لذلك. وأن الشركات التونسية الثلاث كان أمامها ثلاثة حلول: إما قطع الخدمة تماما أو التخفيض في سرعة ربط هذه التطبيقات مع الإنترنت، أوالتسبب في تقطعات متواصلة لخدمة المكالمات الصوتية عبر الإنترنت، أو تنظيمها ضمن باقات خاصة وهو الحل الذي أيدته الشركات الثلاث.
وأضاف مصدر أن شركات الاتصالات التونسية حاولت أولا الاتصال بالشركات المالكة للتطبيقات لتنظيم استخدام هذه التطبيقات في تونس، إلا أن هذه المحاولات لم تثمر، لأن السوق التونسية صغيرة وبالتالي لم تبد اهتماما للتعاون، فولت الشركات التونسية وجهتها صوب الحكومة التونسية ممثلة في الهيئة العليا للاتصالات، التي أبدت تفهما وتعاونا أكبر.
محاولاتنا الاستفسار لدى الشركتين التونسيين الأخيرتين عن هذه الإجراءات باءت بالفشل، حيث لا نزال ننتظر استجابة من مسؤوليها للرد على استفساراتنا.
تونس سبق لها أن شهدت حالة مشابهة في2010 حين قطعت اتصالات تونس خدمة سكايب لنفس الأسباب “تراجع عائدات الشركة المالية”، وأحدث ذلك ضجة في البلاد، قبل أن تفيد مصادر حينها أن الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي أمر بإعادة الخدمة بعد الضجة التي تسببت فيها عملية حجب الخدمة.
دول أخرى عربية عمدت منذ أشهر قليلة إلى حجب هذه التطبيقات كالسعودية والإمارات تحت ذريعة عدم حصول هذه التطبيقات على التراخيص الضرورية للعمل في هذين البلدين. وكذلك الأمر في دول أجنبية ككوريا الشمالية، والصين، وإيران في إطار مضايقتها للحريات الشخصية وحرية التعبير.
وبدأت بعض الصفحات منذ انتشار هذه الأخبار في البحث عن حلول أخرى للتمتع بهذه التطبيقات، من ذلك تغيير العنوان المعرف الشخصي – عنوان يو بي- أو المرور عبر وسيط موجود في بلد آخر لا يعاني من الحجب واستخدام “بروسكي” خاص ليصبح اتصال المستخدم لديه عنوان في بلد آخر وبالتالي الإفلات من الحجب. فيديوهات عديدة متوفرة على اليوتيوب تشرح بكثير من الدقة والسهولة كيفية كسر هذا الحجب. ما يعني أن إجراءات منع هذه التطبيقات قد لا تكون الحل الأمثل لشركات الاتصال خاصة أن الإنترنت يبقى عالما يصعب السيطرة على كامل مفاصله وتشعباته.