طرابلس (لبنان) (رويترز) – اشتبك الجيش اللبناني مع مسلحين متشددين في شمال البلاد لليوم الثالث على التوالي أمس الأحد في واحدة من أعنف المواجهات منذ أن استولى مقاتلون على صلة بالحرب الأهلية في سوريا لفترة قصيرة على بلدة حدودية خلال الصيف.
وقتل اربعة جنود في اشتباكات الأحد ليرتفع الى عشرة، اجمالي القتلى منذ بدأت الاشتباكات بين الجيش والمسلحين الاسلاميين يوم الجمعة الماضي عقب غارة للجيش على خلية للمتشددين في شمال لبنان.
وقالت مصادر أمنية إن سبعة مدنيين ونحو 12 متشددا قتلوا فيما أصيب العشرات. وخاض الجيش معارك بالشوارع في الحي القديم الأثري بمدينة طرابلس في شمال لبنان واطلق النار على المتشددين من طائرات هليكوبتر.
وندد سياسيون بالبلاد التي تعاني من انقسام عميق بالعنف إلا انه لم تبدر اي علامة حتى مساء الاحد على انتهاء القتال.
وامتد العنف لفترة قصيرة الى عرسال -البلدة الواقعة في سهل البقاع اللبناني قرب الحدود مع سوريا حيث قاتل المتشددون الجيش اللبناني خلال الصيف – مما أسفر عن مقتل عشرين جنديا قبل ان يفروا ومعهم جنود أسرى لايزال معظمهم قيد الأسر.
ودعا رئيس الوزراء اللبناني تمام سلام مواطني طرابلس لتأييد الحكومة خلال هذه الفترات “العصيبة.”
واضاف في تصريحات نشرتها الوكالة الوطنية للاعلام إن الحكومة لن تتهاون مع اي محاولة لاعادة عقارب الساعة للوراء في طرابلس ولن تسمح لشرذمة من “الارهابيين” والاجانب لاحتجاز اهالي طرابلس رهائن.
وتصاعد التوتر منذ اقتحام عرسال الذي قام به متشددون بعضهم يرتبط بتنظيم الدولة الاسلامية الذي ينشط في سوريا والعراق علاوة على جبهة النصرة ذراع تنظيم القاعدة في سوريا.
وبات من العسير تحديد الانتماءات على وجه الدقة لجميع المقاتلين الذين شاركوا في الاشتباكات لكن المصادر الامنية قالت إن بينهم مقاتلين سوريين ولبنانيين على صلة أو متعاطفين مع تنظيم الدولة الاسلامية أو جبهة النصرة.
ويتهم كثيرون من المعارضة السورية -ومعظمهم من السنة- ومن المتشددين السنة في لبنان الجيش اللبناني بالعمل مع جماعة حزب الله الشيعية اللبنانية التي ارسلت مقاتلين لمساعدة الرئيس السوري بشار الاسد الذي ينتمي للطائفة العلوية الشيعية.
ووزع يوم السبت تسجيل صوتي منسوب لواعظ سني شهير في طرابلس يندد بالقمع الذي يقول إن السنة يتعرضون له في لبنان وقال إن الهدف الحقيقي للعملية هو استهداف السنة.
وقال في التسجيل الذي لم تتحقق رويترز من صحته إنه قد يضطر الى اعلان الجهاد الحقيقي في لبنان بأسره.
وقال حسن نصر الله الامين العام لحزب الله خلال مناسبة دينية يوم السبتفي اشارة الى الاحداث التي تشهدها طرابلس “هناك مشروع فتنة خطير وكبير كان يحضر له في طرابلس والشمال.”
وانتقلت الاشتباكات في طرابلس يوم الأحد من أسواق الحي القديم حيث كان المتشددون يتمركزون من قبل إلى باب التبانة الذي تقطنه أغلبية سنية.
وقالت مصادر أمنية إن مدنيين اثنين على الاقل قتلا أحدهما طفل فيما اختطف مسلحون جنديا ثانيا من منزله بعد ان اختطفوا الجندي الاول يوم السبت.
واندلع القتال في مناطق اخرى بالشمال قرب بلدتي المنية وبحنين حيث قتل جنديان على الاقل في كمين. واستخدم الجيش طائرات الهليكوبتر العسكرية لاطلاق النار على مواقع المتشددين وهو نوع من الهجوم لم يلجأ اليه الجيش خلال الحرب الاهلية في سوريا الناشبة منذ عامين ونصف العام.
ومن المرجح ان يسهم العنف في تصعيد التوتر في المناخ السياسي الذي يعاني من الاستقطاب بالفعل حيث يجري تقسيم السلطة على اساس ديني طائفي.
ولبنان بلا رئيس منذ مايو ايار الماضي إذ عرقلت الخلافات السياسية محاولات البرلمانيين انتخاب رئيس جديد بسبب التوتر المستمر منذ مدة طويلة على خلفية الحرب السورية.