بقلم: أرهان باشيورت
أعلن وزير المالية محمد شيمشك التكلفة المالية لمقر رئاسة الجمهورية التركي الجديد المسمّى بـ “القصر الأبيض”، والذي من المقرر أن يكون مقرًا لرئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان، وقال إن القيمة المالية المخصصة من ميزانية الدولة للقصر مليار و370 مليون ليرة تركية، وطبعًا هذا لا يشمل ثمن الأرض المشيّد عليها القصر.
وتبلغ المساحة التي بُني عليها القصر الأبيض 50 ضعف مساحة البيت الأبيض للولايات المتحدة الأمريكية.
وكتبت صحيفة” واشنطن بوست”، خبرًا على صدر صفحاتها، قالت فيه إن قصر الكرملين في روسيا أصبح مثل النادي إلى جانب القصر الأبيض التركي، والأكثر من ذلك أن بعض الخبراء يشيرون إلى عدم وجود ترخيص بالبناء على الأرض، وأنه تم إنشاؤه على الرغم من قرار مجلس الدولة بوقف البناء.
وبتعبير آخر، أصبح لدينا أكبر قصر رئاسة في العالم من حيث الترف والأبهة، أو بالتعبير المستخدم عبر مواقع وسائل التواصل الاجتماعي “القصر الأبيض المشيّد بصورة مخالفة للقانون”.
طائرة رئاسة تتمتّع بنظام دفاع صاروخي
إن الردّ الصادر عن وزير المالية محمد شيمشك على أحد طلبات الاستجواب كشف في الوقت ذاته عن التكلفة المالية لطائرة الرئاسة التي طالما شغلت الرأي العام في الآونة الأخيرة، إذ من المقرر دفع 412 مليون ليرة تركية (نحو 205 ملايين دولار) للطائرة الجديدة المقرر أن يستخدمها كلٌّ من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء.
فضلاً عن أن الطائرة الفخمة على طراز (إير فورس وان) الذي يستخدمه رئيس أمريكا، تتميز بنظام الدفاع الصاروخي أيضاً، كما أن الطائرة المسمّاة بـ”TC-TUR” يمكنها الطيران عبر المحيط، واستغرق تصميمها الداخلي عامين ونصف العام، لتصبح على هيئة طائرات الأعمال التي تسع 90 شخصًا، كما تضمّ بداخلها أفخم غرف النوم المطابخ بمواصفات خاصة.
صندوق الدعم الضمني يحطم الأرقام القياسية
وأعلن شيمشك بالأرقام الواضحة حجم المصاريف التي تمت بدون رقابة من صندوق الدعم الضمني المخصص لمصروفات الدولة، وقال إنه تم استخدام 990 مليون ليرة من الصندوق في عام 2013، و875 مليون ليرة حتى الآن في عام 2014، وخلال العامين أنفقت رئاسة الوزراء مليارا و243 مليون ليرة، كما أنفق جهاز المخابرات التركي 335 مليون ليرة.
وتبلغ المصاريف التي استخدمتها رئاسة وزراء حزب العدالة والتنمية الحاكم من الصندوق خلال أحد عشر عاماً، 20 ضعف مصاريف الحكومات السابقة التي أخذتها من الصندوق في عشرة أعوام لحكومات تانسو تشيللر ومسعود يلماظ ونجم الدين أربكان.
ونود أن نهنئ وزير المالية محمد شيمشك على إعلانه بشكل واضح وصريح لتفاصيل هذه المصروفات التي تأتي من ضرائب الشعب.
ألا يجب علينا أن “نفتخر”؟
حسنًا، ألا يجب علينا بعد أن أصبحنا نملك أكبر قصر وأفخم طائرة في العالم أن نفتخر بذلك؟ في حقيقة الأمر، من الممكن أن نفتخر بذلك، إلا أن هذا يعتبر لدولة تشير المؤشرات إلى تراجعها في ترتيب أكبر اقتصاديات العالم، وبها 29 مليون مواطن على عتبة الفقر، من قبيل “الترف” و”الإسراف” و”الفخامة”.
وهذه المصاريف تأتي في ذيل قائمة الاحتياجات لدولة بها عجز في الميزانية بقيمة 67 مليار ليرة، و408 مليارات ليرة ديون داخلية و194 مليار ليرة ديون خارجية.
أجل، فذلك يُعدّ ترفاً وإسرافاً في دولة بها أناس ينزلون مناجم الفحم دون أي إجراءات للسلامة أو تأمين حياتهم من أجل الحصول على قوت يومهم البالغ 35 ليرة (15 دولار)، وفلاحون يذهبون لجمع التفاح لقاء 32 ليرة، والحد الأدنى للمرتب الشهري يصل إلى 891 ليرة (نحو 435 دولار).
تخيلوا أنه بالأموال المصروفة على القصر الأبيض والطائرة فقط يمكن أن تدفع الدولة راتباً لمدة سنة كاملة لـ180 ألف عاطل، أو يتم فتح محال تجارية عن طريق تقديم 50 ألف ليرة كنوع من الدعم لـ20 ألفا من أصحاب المشاريع.
ويمكن أيضًا أن يتم إنشاء 20 ألف وحدة سكنية بقيمة 100 ألف ليرة للشقة ثم توزع على 20 ألف أسرة فقيرة، إذ أن الدولة بها 3 ملايين من العاطلين رسميًا.
ومن الممكن أن أكتب لكم قائمة لا يمكن حصرها من الأعمال التي يمكن أن نقوم بها بهذه المصاريف، لا سيما ونحن نعيش في دولة تستخدم أغلى بنزين في العالم.
وفي هذه الحالة، كيف لنا أن نشعر بالفخر والتباهي بهذه المصاريف التي تمت بأموال الشعب دون علمه ودون أن تعود عليه بفائدة تُذكر؟ هناك ثلاثة قصور أخرى، ولكن تريثوا، إذ إن المصاريف الباهظة ليست منحصرة في القصر والطائرة فحسب، وذكرت الصحف أمس أنه يتم ترميم قصر السلطان وحيد الدين الـمُطل على مضيق البوسفور لكي يكون مقرًا لرئيس الجمهورية في إسطنبول، كما أنه يتم تجديد قصر هوبار وقصر الضيافة الموجود بخليج مارمريس للهدف ذاته.
ياليت الوزير شيمشك أعلن عن حجم الأموال التي سيتم دفعها للقصور الجديدة المنشأة بأموال الشعب لرئاسة الجمهورية التي زادت ميزانيتها العام 2015 بمعدل 98 في المائة مقارنة بالعام الحالي حتى نتمكن من إدراك عظمة” تركيا الجديدة” التي ترددها حكومة العدالة والتنمية!
أما الشعور بالفخر من عدمه فهو اختيارٌ شخصي يرجع لكل فرد!
صحيفة” بوجون” التركية