اسطنبول (أ ب)- أصبح نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن المسؤول الأمريكي الأخير الذي يحاول دفع تركيا الى تصعيد دورها في التحالف الدولي لمحاربة متطرفي تنظيم الدولة الإسلامية.
جاءت زيارته في أعقاب أسابيع من المشاحنات العلنية بين الدولتين الحليفتين في الناتو. الرئيس التركي يصر على إن على الولايات المتحدة، اذا كانت تريد المساعدة منه، التركيز أقل على قتال مسلحي الدولة الإسلامية، والعمل أكثر على الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد. الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يريد من التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة فرض منطقة آمنة شمالي سوريا لمنح المقاتلين المعتدلين مكانا لتجميع صفوفهم وشن هجمات.
لكن الولايات المتحدة التى لا تدفعها أدنى رغبة في محاربة الأسد، قالت مرارا إن فرض منطقة حظر جوي ضد القوات الجوية السورية لن يكون أبدا.
وكانت تركيا قد تعهدت بتدريب وتجهيز قوات المعارضة السورية المعتدلة على أراضيها، إلا إن الطرفين لم يعلنا عن أي تفاصيل. المسؤولون الأمريكيون والأتراك بحثوا رغبة التحالف بإستخدام قاعدة أنجرليك الجوية التركية لشن الغارات الجوية ضد الدولة الإسلامية، إلا إن تركيا لم تتخذ قرارا علنيا بشأن انجرليك.
وقال أردوغان يوم الأربعاء “من منطقة الحظر الجوي الى منطقة آمنة وبعدها التدريب والتجهيز – كلها خطوات يجب أن تتخذ الآن. قوات التحالف لم تتخذ هذه الخطوات التي طالبنا بها”.
كان ذلك بعد إن أمضى وفد عسكري أمريكي يومين في أنقرة الأسبوع الماضي محاولا وضع تفاصيل تطبيق تعهد تركيا بتدريب وتجهيز المقاتلين المعتدلين، وبعد أن قام مسؤولون عسكريون أمريكيون بزيارة قاعدة أنجرليك الجوية. كما جاءت في أعقاب زيارتين في شهرين لجنرال البحرية المتقاعد جون ألن، المبعوث الأمريكي للتحالف الدولي.
قال ألن لصحيفة “ميلييت” التركية في أنقرة إن محاربة المتطرفين في العراق هي “الجهد الرئيسي” الآن إلا إنه ليس المسعى الوحيد و “سنفعل ذلك في سوريا أيضا”.
وأضاف ألن “في نهاية المطاف، بالطبع، سياستنا المتبناة في الولايات المتحدة هي أن تكون ثمة نتيجة سياسية في سوريا لا تشمل الأسد”.
والآن جاء دور بايدن.
يتناول بايدن العشاء مع رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو اليوم الجمعة، ويلتقي أردوغان يوم غد السبت قبل أن يعود الى واشنطن يوم الأحد. الحل الوسط الواضح سيتمثل في تغيير الولايات المتحدة سياستها حيال سوريا لإرغام الأسد على الرحيل، وموافقة تركيا على عمل المزيد ضد تنظيم الدولة الإسلامية، كما يقول جيمس جيفري، السفير الأمريكي السابق الى تركيا والعراق والذي يعمل الآن في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى.
ولكن جيفري لا يشعر بان ذلك يمكن ان يحدث.
وقال جيفري “اردوغان هو زبون قوي عندما تحاول اقناعه، ولكن تركيا بالفعل هي مصدر استقرار ودعم في المنطقة ويمكن ان تكون افضل اذا ما فعلنا الاشياء الصحيحة لتحقيق هذه النتيجة. ولكن ارودغان، في هذه المرحلة، يصعب التنبؤ به”.
ويقول مسؤولون اتراك ان تركيا هي شريك نشيط في التحالف.
والى جانب تعهدها بتدريب القوات السورية المعتدلة، منحت تركيا للمقاتلين الاكراد القادمين من العراق اذنا بالانتقال لمساعدة المقاتلين الاكراد في بلدة كوباني السورية المحاصرة بالقرب من الحدود التركية. وكانت هذه خطوة غير مسبوقة بالنسبة لاردوغان ولكن الجيش التركي لم يكن نشطا فيما يتعلق بتقدم الدولة الاسلامية في البلدة.
ولدى تركيا علاقات طيبة مع أكراد العراق ولكنها تنظر الى الأكراد في سوريا على انهم امتداد لحزب العمال الكردستاني. ويقوم الحزب بتمرد مسلح منذ 30 عاما ضد الحكومة التركية وهو مصنف كجماعة ارهابية من قبل الولايات المتحدة وحلف شمال الاطلسي.
كذلك تستضيف تركيا 1.6 مليون لاجيء سوري. وتعترف واشنطن بان انقرة عملت على وقف تدفق المقاتلين الاجانب على سوريا، رغم انه مازال سهلا في بعض المناطق ان تنتقل عبر الحدود مقابل المال. ويقول مسؤولون امريكيون ايضا ان تركيا قامت بحملة على مهربي النفط. ويقدر محللون ان جماعة الدولة الاسلامية تكسب ما يصل الى ثلاثة ملايين دولار يوميا من عائدات النفط من الحقول التي تسيطر عليها في العراق وسوريا.
والولايات المتحدة وتركيا ليستا على اتفاق فيما يتعلق بسوريا وتأتي زيارة بايدن بعد اسابيع من سوء التفاهم والخطاب الشديد من العاصمتين. ووصف المحليون في اسطنبول الموقف بانه “اعتذار ليس حقيقة باعتذار”.
وقال بايدن في كلمة في وقت مبكر من الصراع السوري ان تركيا تساعد المتطرفين لانهم يسعون الى الاطاحة بالاسد. وطالب اردوغان باعتذار، وقال البييت الابيض ان بايدن اتصل باردوغان هاتفيا ليعتذر، ولكن بايدن قال انه لم يفعل ذلك.
وكان هناك المزيد من الاختلاف حول ما اذا كانت تركيا قد قررت السماح للولايات المتحدة باستخدام قاعدة انجيرليك للعمليات ضد المتطرفين في سوريا والعراق.
ومما يفاقم التوترات ان ثلاثة بحارة امريكيين من السفينة يو اس اس روس عوملوا معاملة سيئة من قبل متظاهرين معادين لأمريكا في اسطنبول الاسبوع الماضي.