هدايت كاراجا: مدير العام مجموعة سمانيولو الإعلامية
بلغت إجراءات الرقابة والمنع التي فرضتها الحكومة على شبكة سمانيولو الإعلامية حدًا لايقبله العقل بعد عمليات الفساد 17-25 ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي.
فرضت الهيئة العليا للإذاعة والتليفزيون (وأغلب أعضائها من التابعين لحزب العدالة والتنمية) على هذه الشبكة غرامات مالية تُقدر بملايين الليرات التركية خلال 10 أشهر. كما مارست الهيئة تطبيق التمييز في اعتماد وسائل الإعلام ومن ضمنها أنها حالت دون تصوير المسلسلات، ومارست الضغط على مقدمي وضيوف البرامج. ونحن سنستمر في السير على دربنا وفق مبادئنا بالرغم من كل هذه الصعوبات وجرائم الكراهية التي ترتكب ضد مجموعتنا الإعلامية.
إن حزب العدالة والتنمية الذي مضى على تسلمه الحكم 12 عاما وصلت تصرفاته الديكتاتورية إلى أوجها في السنوات الأخيرة. فقد بدأت بممارسة الضغوط التي لا يقبلها العقل على مؤسسات المجتمع المدني وعلى الأشخاص والهيئات والإعلام. حيث طُرد عشرات الصحفيين من وظائفهم. فالإعلام التركي لم يتعرض لمثل هذه الرقابة والضغوط حتى في عهود الانقلابات.
وخير دليل على ذلك نراه في الضغوط الممارسة على شبكة سمانيولو الإعلامية.
فحكومة العدالة والتنمية فرضت بعض الإجراءات التي تعرقل شبكة سمانيولو عن متابعة أنشطتها بشكل سليم بعد ادعاءات الفساد والرشوة التي ظهرت في 17 و25 ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي، التي طالت أسماء بعض الوزراء وأبنائهم. ومن تلك الإجراءات:
- غرامات مالية كبيرة
فرضت الهيئة العليا للإذاعة والتليفزيون (وأغلب أعضائها من حزب العدالة والتنمية) على هذه الشبكة غرامات مالية تُقدر بملايين الليرات التركية خلال 10 أشهر. إذ اتخذوا في حساب الغرامات أعلى المعايير في كل مرة. وهذه الشبكة الإعلامية التي حافظت على تقدمها في عدم تعرضها للغرامات المالية طيلة 21 عاما من عمرها الإعلامي، أصبحت تتعرض للغرامات المالية التي تنهمر عليها كالمطر بعد عمليات الفساد والرشوة.
- عقوبات إيقاف البث، وبعبارة أخرى ممارسة الرقابة المشددة
وإن قناة سمانيولو الإخبارية هي أكثر وسائل الإعلام تعرضا للغرامات المالية وإيقاف البث من قبل الهيئة العليا للإذاعة والتلفزيون، مع أننا كنا أفضل مجموعة إعلامية ملتزمة بقوانين الإعلام قبل ظهور ادعاءات الفساد.
وكانت الهيئة العليا للإذاعة والتليفزيون والهيئة العليا للانتخابات قد قطعتا البث 49 مرة عن قناة سمانيولو الإخبارية، ومرة واحدة عن قناتي سمانيولو ومهتاب.
وأكثر ما يلفت الأنظار في هذه العقوبات هو أنها نُفذت قبل انتخابات المجالس المحلية في 30 مارس/ آذار وانتخابات رئاسة الجمهورية في 10 أغسطس/ آب. وقد مُنع الشعب أثناء الانتخابات من حقه في الحصول على الأخبار. وقد أدى منع البث إلى أضرار اقتصادية لا يستهان بها أبدا.
- فضيحة التمييز في اعتماد وسائل الإعلام في القرن 21
يفرض الآن تمييز سلبي على مجموعتنا الإعلامية بشكل لم يحدث إلا في أيام الانقلاب العسكري في 28 فبراير/ شباط عام 1997. فمراسلونا يمنعون من حضور اجتماعات رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ووزير الداخلية أو يطردون منها بالقوة. وبذلك ترتكب جريمة تمييز وجريمة رقابة واضحتين.
- إعاقة تصوير المسلسلات والبرامج والأفلام ومنها
- مسلسل شفقة تبه (تلة الحنان)
مسلسلنا “شفقة تبه” هو أحد أعمالنا الأكثر مشاهدة في تركيا منذ اليوم الأول من بثه إلى الوقت الحاضر. وقد منعت محافظة قونيا تصوير مشاهد المسلسل دون أي مبرر في الأماكن المفتوحة للعامة والبراري الواقعة ضمن حدود المحافظة فضلا عن الأماكن الرسمية. مع أن المحكمة ألغت قرار المنع غير المعقول، إلا أن المحافظة منعت تصوير المسلسل بإجراءات وضغوط لاتعترف بالقانون. وفريق إنتاج المسلسل لم يتحمل هذه الضغوط، واضطر إلى نقل موقع التصوير من قونيا إلى “أسكيشهير”. ما أدى إلى إلحاق الضرر بالممثلين وعدم التمكن من تصرير الحلقات التي كانت من المفترض عرضها بسبب الأضرار المادية التي تعرض لها فريق الإنتاج والعاملون والممثلون.
من المؤسف أيضا أن محافظة أسكيشهير التي وافقت في البداية على تصوير المسلسل امتنعت هي كذلك فيما بعد عن السماح بذلك.
وقد تسببت القوة السياسية بترك بعض الممثلين من خلال تصعيد التفرقة والضغط على الممثلين. وكان رئيس الوزراء حينها (أردوغان) تكلم بشكل غير لائق عن المسلسل في خطاباته الجماهيرية مستهدفا مجموعتنا الإعلامية.
ب_ أوتاسيز إنسانلار (أناس مجهولو المصير)
إننا نواجه مصاعب عديدة في تصوير مسلسلنا “أوتاسيز إنسانلار” في حي الفاتح بإسطنبول مع السماح بتصوير المسلسلات الأخرى في المنطقة نفسها. وتنتهي عمليات التصوير دائما بتدخل مسؤولي البلدية والشرطة لإيقاف التصوير.
ج- يتيم جونولَّر (القلوب اليتيمة)
تستمر عمليات تصوير هذا المسلسل في أسكيشهير وسط صعوبات كبيرة. ولذلك نضطر أحيانا إلى تصوير بعض المشاهد في مدن أخرى.
د- إيكي دنيا آراسيندا (بين عالمين)
وهذا المسلسل في طليعة المسلسلات اليومية الأكثر متابعة. وهذا ما يعكس نسبة مشاهدته العالية. ولكن للأسف منعت بلدية “شيلا” (القريبة من إسطنبول) التابعة لحزب العدالة والتنمية تصوير هذا المسلسل الذي يزيد عدد حلقاته على 500 حلقة.
هـ- أعمال التصوير التي نجريها في أماكن مفتوحة للعامة بسبب الأيام والليالي الدينية
إن إحدى أكثر محاولات الضغط جرت في 12 يوليو/ تموز 2014. حيث منعت بلدية أوسكودار (أحد أحياء إسطنبول) التابعة لحزب العدالة والتنمية فريقنا من بث برنامج الإفطار والسحور في فناء جامع السليمية على الرغم من حصولنا على الموافقة القانونية مسبقا.
وقد رُفض طلبنا بالتصوير في الجوامع والأماكن المقدسة في الليالي الدينية دون أي مبرر.
- إخضاع المؤسسات التابعة لمجموعتنا الإعلامية لرقابة متكررة من قبل الهيئات دون الإجراءات الروتينية المعتادة
ومن الضغوط القاسية التي خضعت لها شبكة سمانيولو الإعلامية. اجراءات المراقبة المالية والاجتماعية والأمنية غير الطبيعية. فالمفتشون التابعون لوزارتي المالية والعمل يراقبوننا بشكل غير مسبوق حيث عملوا على فرض العقوبات بحق شركات مجموعتنا الإعلامية.
- محاولات لمنع بث الإعلانات في شبكة سمانيولو
المؤسسات التجارية التي تديرها الحكومة بشكل مباشر أو تتأثر بها، قطعت الإعلانات الممنوحة سابقا بصورة عاجلة وعجيبة، فمن المفترض أن تقسَّم الميزانية حسب نسب التصنيف من حيث حجم المشاهدة، ولكنها قامت بالتمييز السلبي فأمطرت وسائل الإعلام المقربة منها بالإعلانات، وقطعتها عن مجموعتنا بطريقة غير قانونية. كما اضطرت بعض الشركات في القطاع الخاص إلى قطع إعلاناتها أو التقليل منها بسبب خوفها من ضغوط حزب العدالة والتنمية.
- محاولات التنصت والتجسس من أجل إحباط مجموعتنا
فريق الخدمات المعلوماتية عندنا اكتشف وجود برامج تنصت محملة في كمبيوترات العاملين في مؤسساتنا. وذلك بغية اتهام موظفينا ومؤسساتنا بتنفيذ أعمال غير مشروعة، ولكن تمت إزالة تلك البرامج دون تحقيق الغاية المطلوبة منها.
- القرصنة على مواقعنا على شبكة الإنترنت
وفي أثناء الانتخابات تعرض النظام الخدمي وشبكة الكمبيوتر لدينا إلى قرصنة حاسوبية مبرمجة ومدروسة مسبقا. وبذلك أوشكت مواقعنا على الإنترنت للحجب والتوقف.
- مداهمة مقر تليفزيوننا
حاول بعض الأشخاص الذين يحملون لافتات مؤيدة لحزب العدالة والتنمية باقتحام مبنى قناتنا التليفزيونية في أثناء عد الأصوات الانتخابية في الانتخابات المحلية وانتخابات الرئاسة. وحين أخفقوا في ذلك قاموا بسب العاملين في التليفزيون بالكلمات والعبارات البذيئة.
الضغط على ضيوفنا بقولهم: “لا تظهروا على شاشة سمانيولو”
هناك الكثير من الأشخاص المشهورين في تركيا والذين لطالما استضفناهم من قبل، أصبحوا متحفظين بالظهور على شاشاتنا بعد محاولة القضاء على مجموعتنا الإعلامية.
وعلى الرغم من كل تلك الصعوبات والمشاكل وجرائم الكراهية والبغض التي تتم تنفيذها بأساليب غير إنسانية بحق مجموعتنا الإعلامية، فإننا سنستمر بطريقنا وفقا لمبادئنا. وسنبقى مع كل زملائنا في العمل كما كنا في السابق مصرين على التمسك بمفهوم الإعلام دون التنازل عن الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات.
ونحن نؤمن بأنه سيأتي يوم تسود فيه الديمقراطية والقانون بشكل سليم أكثر، وأن الذين ارتكبوا الجرائم غير الإنسانية بحق مجموعتنا الإعلامية سيدفعون ثمن ما أسلفوا أمام القانون. أما مرتكبو جرائم الكراهية والتمييز من الخبراء والأعضاء في الهيئات، والموظفين في البلديات والمسؤولين، فلابد أنهم أيضا سيحاكمون أمام القضاء. ونحن سنقوم بمتابعة الإجراءات القانونية اللازمة.
قد يبدو اليوم أن الشر سائد وعارم في كل مكان إلا أننا على يقين من أن الغد سيكون للأخيار.