بريابولي، صربيا ( أ ب )- اعتقلت الشرطة في صربيا والبوسنة اليوم الجمعة خمسة عشر شخصا بتهمة الضلوع في مذبحة حرب هزت البلقان خلال فترة الحرب وهي المذبحة التي ترمز إلى ثقافة الإفلات من العقاب التي لا تزال تمثل درعا لفرق الموت سيئة السمعة وقادتها.
وقالت النيابة العامة في صربيا والبوسنة، العدوين اللدودين في زمن الحرب، للأسوشيتد برس إنهما تشاركا في حملة للتحقيق في قضية مجزرة شتربتسي التي وقعت في السابع عشر من فبراير / شباط عام 1993 والتي تم خلالها خطف تسعة عشر رجلا من داخل قطار في ذروة الصراع في البلقان.
وقام الضباط قبيل فجر اليوم الجمعة بحملة لضبط خمسة من المشتبه بهم في صربيا و10 في البوسنة، ومن بينهم شقيق أحد أمراء الحرب المتواجد فعليا في السجن وأعضاء في مليشيات سابقة وجنرال سابق من صرب البوسنة والذي قاد الجيش في تلك المنطقة.
وقال المدعي العام في محكمة جرائم الحرب الصربية، برونو فيكاريتش: “هذه المرة نحن مستعدون للذهاب حتى النهاية لحل لغز هذه الجريمة”.
ولم تصدر أي تعليقات من المحبوسين المشتبه بهم أو من محامييهم.
ويقول المحققون إن السؤال الآن يدور حول ما إذا كان المشتبه بهم سيشيرون إلى الرجال الأعلى منهم الذين أمروهم بالقتل أم لا. وإذا حدث ذلك، فبإمكانهم توريط بعض كبار قادة صربيا الحاليين، الذين كانت لهم أدوارا بارزة في آلة حرب سلوبودان ميلوسيفيتش، رئيس البلاد في ذلك الوقت.
وبينما تعترف الحكومة الصربية الآن بشتربتسي كجريمة حرب، لا يزال ينظر إلى القتلة من قبل البعض في صربيا على أنهم أبطال حرب.
وقال المدعي العام في البوسنة غوران صالحوفيتش: “العديد من مجرمي الحرب لا يزالون يحظون بنفوذ في مجالات الأعمال والسياسة والشرطة والجيش”.
وتمكنت الأسوشيتد برس من التوصل بشكل حصري إلى وثائق التحقيق في القضية، المدعومة من قبل محكمة جرائم الحرب الدولية في لاهاي، بهولندا.
وإلى جانب شهادة الشهود، توفر تلك الوثائق أول نظرة مفصلة على المأساة التي ظلت متفاقمة حتى اليوم بسبب عدم التعرف على هوية القتلة وعدم تعويض عائلات الضحايا.
وتتذكر عطيفة ميموفيتش جيدا آخر مرة رأت فيها زوجها منذ أكثر من 21 عاما.
كان الثلج يتساقط وكان زوجها يرتدي معطفا من الجينز له بطانة شتوية، وسترة رمادية فوق القميص بالإضافة إلى الحذاء. وكان لديه ساعة يد من نوع سايكو.
وقبل رحيله أعطاها قبلة ووعدها بالعودة في قطار بعد الظهر.
وانتظرت، لكنه لم يعد أبدا.
أصعب شيء فيما حدث له لا يزال يجعلها تعيش لحظات من الألم الذي لا يطاق.
ودون أن يكون مقررا له ذلك، توقف القطار الذي كان يستقله في محطة بشتربتسي، وهو موقع ناء في شرق البوسنة على الحدود مع صربيا.
واقتحمت مجموعة مسلحة من صرب البوسنة القطار لتفحص بطاقات الهوية.
وحددوا هوية 18 من مسلمي البوسنة وآخر كرواتي من خلال أسمائهم وأخذوهم إلى خارج القطار.
ومضى القطار في صمت.
وتم جمع الرجال، الذي كانوا ممسكين بأمتعتهم، في شاحنة عسكرية، أخذت طريقها بعد ذلك على الطريق المرصوف بالحصى.
وعلا الصياح وصوت إطلاق النيران في الهواء، بينما أخذت القوات أسراهم إلى مدرسة بالقرية.
وفي داخل صالة الألعاب، جردوا الرجال من ملابسهم. وبعد ذلك عاقبوهم بضربهم بمؤخرات البنادق حتى سالت الدماء على الأرض وتناثرت على الجدران.
وتم أخذ الرجال، وهم عراة والدم يسيل منهم وأياديهم مقيدة بالأسلاك، على شاحنة إلى منزل من الطوب الأحمر احترق نصفه بالقرب من نهر درينا.
وتم إطلاق النار على رؤوسهم من الخلف.
وتمت مطاردة اثنين من السجناء، حاولا الهرب، حيث تم الإمساك بهما وغرست الحراب في حنجرة كلا منهما.
وتقاسم القتلة المسروقات التي كانت عبارة عن أموال وسلاسل ذهبية، وأساور، وخواتم الزفاف، فضلا عن ساعة ميموفيتش من نوع سايكو.
وتم حرق الملابس والأمتعة حتى آخر زر فيها في حريق أضاء السماء في الليل.
وتركت الجثامين متناثرة داخل وحول المنزل المهجور.
وفي الصباح التالي، تم جرها بواسطة الجرارات وإلقاءها في النهر.
وتقول عطيفة: “لن يكون تقبل الأمر سهلا أبدا بالنسبة لي، حتى مماتي”. وتضيف: “لا يمكنني التفاهم مع ما آل إليه مصيره، مع ما حدث له – أن يتم اختطافه وقتله بهذه الطريقة”.
وكانت مذبحة شتربتسي جزءا من الصراع الذي خلف أكثر من مائة ألف قتيل وملايين المشردين. وعلى الرغم من اتهام كل الأطراف بارتكاب جرائم حرب، يقول المؤرخون إن الصرب في البوسنة وكرواتيا نفذوا أسوأ الفظائع في محاولة منهم لخلق أرض نقية عرقيا.
وحددت النيابة العامة شخصية ميلان لوكيتش، وهو واحد من أمراء الحرب من صرب البوسنة الأكثر رعبا خلال ذلك الوقت، كزعيم للمذبحة، التي جرى التخطيط لها وتنفيذها بعناية ودقة.
ويقضي لوكيتش بالفعل حكما بالسجن مدى الحياة أصدرته محكمة الأمم المتحدة لارتكابه فظائع منفصلة ضد المسلمين في البوسنة.
وشملت عملية الاعتقال المتصلة بمذبحة شتربتسي شقيق ميلان لوكيتش، غويكو لوكيتش، المقرب سابقا من بوبان انديتش، والعديد من أعضاء الميليشيات السابقين وقائد جيش صرب البوسنة السابق الجنرال لوكا دراغيسيفيك، الذي قاد الجيش في المنطقة الحدودية.