محمود عبد الرازق جمعة
أصبح رجب طيب أردوغان رئيسًا للجمهورية التركية بعد عام من انتشار فضائح فساده وفساد حزبه “العدالة والتنمية”. وكانت محصّلة أصواته في الانتخابات الرئاسية أكثر قليلًا من خمسين في المئة في منافسة أمام مرشحين فقط. بعد أن كانت محصّلة نتيجة حزبه قبلها بأشهُر قليلة في انتخابات البلدية أكثر قليلًا من أربعين في المئة في منافسة أمام جميع الأحزاب، وكل هذا بعد أن كان حزب العدالة والتنمية هو الحزب الحاكم بنسبة تزيد على الخمسين بالمئة.
معنى هذا أن أسهُم أردوغان وحزبه تتراجع، وبذلك فيإن هناك خطرا داهما على حياته السياسية، وحتى الاجتماعية، أن يتعرّض للمحاكمة عن قضايا الفساد التي ظهرت منذ السابع عشر من ديسمبر 2013، لأنه كرئيس جمهورية لا يمكنه التحكُّم في كل مقاليد الحكم كرئيس الوزراء بحسب الدستور التركي، وإن كان يفعل هذا اليوم فلن يستطيع فعله غدًا… فكيف يتصرّف؟
ربما كان التصرُّف الوحيد المتاح هو “تغيير الدستور”، فكيف يمكنه تغيير الدستور؟ هذه الخطوة في يد البرلمان، إذن فعليه السيطرة على البرلمان. ولكن تهاوِي اسهُم “العدالة والتنمية” وأردوغان نفسه يهدِّد بعدم السيطرة على البرلمان، خصوصًا في وجود صحافة منتبهة وعينها على الفساد والفاسدين في الحكومة والحزب الحاكم، لهذا يكون الحل البديهي هو “ضرب حرية الصحافة”.
ولكن كيف تؤثر هذه الخطوة إذا كانت كل الاتهامات ملفَّقة ودحضها سهلًا؟
إن الهدف ليس حبس أو سجن الصحفيين المعارضين، وإن كان هذا محبَّذًا إن أمكن، بل الهدف تخويفهم وترهيب مَن حولهم من الصحفيين الأحرار حتى يتمكن حزب العدالة والتنمية من “خداع” الشعب دون قلق من نشر فضائحه وفضائح كبيرهم الذي علّمهم الفساد.
وفي حال نجاح هذا المخطط فإن أردوغان -بلا شك- سيتلاعب بالبرلمان، ويغيّر الدستور بأغلبية أصوات “العدالة والتنمية” الذين يوافقونه على كل تجاوزاته في حق القانون والدستور والعدالة، ليجعل السلطة المطلقة في يد رئيس الجمهورية.
هذا هو الحل الوحيد الذي يُنقِذ أردوغان من نتائج فساده وفساد حزبه وتعدّيه على أموال ومقدَّرات الشعب، وغرقه حتى ذقنه في مستنقع الفساد.