عبد الحميد بيليجي في منتدى “الشروق الجزائرية”:
حل مدير “وكالة جيهان” التركية الخاصة عبد الحميد بيليجي، أمس ضيفا على “فوروم الشروق”، بعد عقد الشراكة الذي أبرمه مع مدير مجمع “الشروق” للإعلام والنشر علي فضيل يقضي بتعاون المؤسستين في مجال تبادل المادة الخبرية وتوظيفها لخدمة الرأي العام، حيث تطرق هذا الأخير إلى عديد القضايا على الساحة الدولية والعربية وحتى الوضع الآن في تركيا، وفي صدد حديثه عن الجزائر، قال إن سياسة الحياد التي تعاملت بها مع ما يسمى ببلدان الربيع العربي جنبتها العديد من المشاكل، كما أن ما عاشه الشعب الجزائري خلال العشرية الحمراء جعله أكثر حكمة وترو قبل الخوض في أي مغامرات.
الربيع العربي كان شتاء والجزائر تصرفت بحكمة
اعتبر مدير وكالة “جيهان” التركية، عبد الحميد بيليجي، أن الحكومة الجزائرية عرفت كيف تحمي شعبها ودولتها بعدم تدخلها في الأمور الداخلية للدول التي شهدت ما يعرف بأحداث الربيع العربي، خاصة بعد ما اتضح أن تلك الأحداث لم تكون “ربيعا” على دولها.
وتابع مدير وكالة “جيهان” التركية التي تتواجد على الساحة الإعلامية التركية والعالمية منذ 30 سنة قائلا: “اتضح بعد مرور الزمن، أن الأحداث التي عاشتها مصر وسوريا وتونس لم تكن أحداث ربيع عربي، وهنا يظهر ذكاء الدبلوماسية الجزائرية وحنكتها في التعامل مع مختلف القضايا الدولية بالإضافة إلى دولة المغرب التي التزمت الحياد”.
وأشار المتحدث إلى أن كلا من الجزائر والمغرب استفادتا من الأحداث التي عاشتها هذه الدول العربية وباشرت إصلاحات واسعة من أجل تجنب الأوضاع الأمنية التي عاشتها العديد من الدول، مشيرا في سياق متصل إلى أن الخبرة التي اكتسبتها الجزائر في التعامل مع هذا النوع من الأحداث في العشرية السوداء جعلها تتجنب الوقوع في نفس المآزق التي عايشتها من قبل، مؤكدا على أن تطبيق النموذج الديموقراطي في الجزائر سيكون نموذجا يقتدى به إذا ما حرست السلطة على تطبيقه خطوة بخطوة، بعكس النموذج التركي الذي يشهد تدهوا كبيرا بسبب عدم التزامه بالعديد من القيم الديمقراطية على غرار حرية التعبير والصحافة.
المجتمع الدولي لم يقدم المساعدة اللازمة للجيش الحر
تركيا دعمت المعارضة السورية للتخلص من نظام الأسد لكنها فشلت
صرح عبد الحميد بيليجي، أن تركيا دعمت التنظيمات الراديكالية، بهدف التخلص من نظام الأسد، بعد أن عجزت عن إقناعه بضرورة القيام بإصلاحات في بلده، غير أن الخطة التي وضعتها فشلت، مشيرا إلى أن دعمها لداعش وغيرها من التنظيمات المسلحة جلب الكثير من المشاكل لتركيا.
وتابع ضيف “فوروم الشروق”، عبد الحميد بيليجي موضحا: “حتى نفهم ذلك، يجب أن نتطرق إلى السياسة التركية تجاه سوريا، ففي بداية الأحداث التي شهدتها سوريا، طلب الرئيس الطيب أردوغان الدول الغربية بعدم التدخل وانه سيقنعه بضرورة إجراء إصلاحات، وعكفت تركيا طيلة ثمانية أشهر على إقناع الرئيس بشار الأسد، ولكنها فشلت”، وتابع المتحدث في سياق متصل: “وهذا ما جعلها تغير في سياستها مع سوريا، وبعد أن كان بشار الأسد صديقا حميما لأردوغان أصبح يطالبه بالمغادرة، وانضمت عندها كل الدول المعارضة لبشار إلى الموقف التركي بالإضافة إلى بقية الأطياف المعارضة في سوريا المسلحة وغير المسلحة منها، وبهذا الشكل لجأت تركيا للدعم كل الدعم من أجل إسقاط نظام الأسد، وكانت الحكومة التركية تظن ان نظام الأسد سيسقط في زمن قياسي، لكن حدث العكس، حيث ان المعارضة المسلحة وغير المسلحة لم تتمكنا من ذلك وانقسمت هاتان الأخيرتان إلى قسمين وهما تنظيم داعش وجبهة النصرة والجيش الحر، ومع مرور الزمن بدأ هذا الأخير يفقد قواه، وبدأت تظهر سياسة الأسد في هذا المجال”.
واعتبر عبد الحميد بيليجي، أن المجتمع الدولي لم يقدم المساعدة اللازمة للجيش الحر، وهذا ما ساعد داعش على الظهور للعلن، مشيرا إلى انه وعلى اعتبار ان تركيا قدمت مساعدات للحركات الراديكالية، فمن الممكن أن تكون قد قدمت الدعم لـ”داعش”، قائلا: “ولا ننسى أن تركيا فتحت حدودها للأشخاص الذين اتخذوها كخط عبور بالإضافة إلى استقبالها لأكثر من 2 مليون لاجئ سوري، وهنا بدأ المجتمع الدولي يوجه اتهامات لتركيا مفادها أنها من بين الدول التي تدعم هذه الجماعات الراديكالية، كما ان العديد من جنود تنظيم “داعش”، اعترفوا بالتسهيلات التي قدمت لهم لدى مرورهم من تركيا”، وأفاد المتحدث أن أكثر من 1000 تركي اليوم منخرط في تنظيم “داعش”.
تركيا تشهد انزلاقا خطيرا في الداخل والخارج
بالغ ضيف “الشروق” في نقده لسياسة بلده، مؤكدا أن “تركيا قبل ثلاث سنوات من الآن، كانت تسير في طريق تطبيق النموذج الديمقراطي الإسلامي، غير أن تدخلها في أحداث الربيع العربي جعلها تنزلق عن الطريق الذي اتخذته لنهضتها”، وتابع: “كنا نطمح للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وقمنا بـ”عصرنة” مختلف المجالات الاقتصادية والصناعية وحتى في مجال حقوق الإنسان وحرية التعبير، وتمكنا من خلال هذه الخطوات من تحقيق نظرة نمطية في الشرق الأوسط ودول الغرب حتى في إفريقيا، ولكن كل تلك النظرة الإيجابية زالت بسبب تدهور السياسة التركية في الداخل بسبب تقييد الحريات واعتقال الصحفيين لأبسط الأمور وتدخلها في أحداث الربيع العربي، لأن التصرفات لا تلائم شروط الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، كما أن التصرفات التي تقوم بها الحكومة التركية لن تجعل منها نموذجا يقتدى به في الشرق الأوسط”.
أردوغان انحرف عن الطريق الذي رسمه لنهضة تركيا
أكد عبد الحميد بيليجي، أن من بين أهم النقاط التي تؤشر عن قرب نهاية الرئيس رجب طيب أردوغان بعد الشعبية التي كان يحظى بها حتى على المستوى العالمي، رفض انضمام تركيا إلى مجلس الأمن بهيئة الأمم المتحدة السنة الماضية، حيث حصلت على 60 صوتا فقط بينما حصلت سنة 2008 على 150 صوت.
وأضاف ضيف “الشروق”: “من الصعب أن يسترجع أردوغان الصّورة الأولى التي رسمها لنفسه في تركيا وفي الخارج وهذا يدفعه إلى صرف المزيد من الأموال من أجل ذلك، الأمر الذي سيعود بالسلب على الاقتصاد التركي”.
وأضاف المتحدث الذي يحضر لنيل رسالة دكتوراه حول فكر المفكر الجزائري الراحل مالك بن نبي، قائلا: طيب أردوغان يسيّر تركيا منذ 12 سنة ولكن يوجد فرق كبير بين تسيير تركيا في العشر سنوات الأولى والسنتين الأخيرتين، ففي العهدتين الأوليين كان طيب أردوغان يعمل على محور احترام الحريات الإنسانية، الديمقراطية والعمل على الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، حيث أقام علاقات جيدة مع دول العالم الإسلامي والغربي، كما حرص على تطوير الاقتصاد، الأمر الذي منح دفعا قويا لتركيا داخليا وخارجيا، ولكن اليوم تغير الأمر، كانت تركيا تطمح للانضمام إلى مجلس الأمن بهيئة الأمم المتحدة وحصلت على 150 صوت سنة 2008 من مختلف الدول ولكنها حصلت على 60 صوتا سنة 2014، وأعتقد أن اردوغان تخلى عن مشروع النهضة التركية وترك مشروع الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وبدأ في رسم سياسة ضيقة جدا في الشرق الأوسط وهذا ما جعل تركيا تتراجع عن كل الانجازات التي حققتها.
وأكد المحدث في سياق متصل، أن طيب رجب أردوغان بدأ يفقد شعبيته حتى داخل حزبه “حزب العدالة والتنمية”، بسبب انحرافه عن الطريق الذي كان يسير فيه من قبل.
شراكتنا مع الشروق ستساهم في التقارب بين الشعبين التركي والجزائري
صرح ضيف “الشروق”، أن نشأة الوكالة تعود إلى ثلاثين سنة، فيما أخذت الوكالة على عاتقها ضرورة الاهتمام بنشر مواضيعها باللغة العربية منذ 15 سنة. وأشار المتحدث إلى أن الوكالة تملك بحكم ثمانين مراسلا في مختلف دول العالم، كما أن الإمكانات التي تتمتع بها الوكالة من شأنها أن تثمر في التعاون الذي عقدته وكالة جهان مع مجمع “الشروق الجزائري” للإعلام والنشر، سعيا إلى الوصول للمستوى المطلوب.
وقال إن الاتفاقية سيكون لها أكثر كبير بين الشعبين من خلال انفتاح أكبر على ثقافتي البلدين، خصوصا وأنّ الروابط التاريخية بينهما تساعد على مزيد من التقارب.
من موقع