إسطنبول (زمان عربي) – في مقال كتبته تحت عنوان “ثمة أشياء كثيرة يمكن أن نتعلمها من السعادة” حلّت الممثلة التركية المشهورة باران ساعات المعروفة في العالم العربي باسم “فاطمة” ضيفة على صحيفة”جمهوريت” التركية. حيث تناولت في مقالها، بمناسبة اليوم العالمي للسعادة، أسرار السعادة.. وفيما يلي أبرز ما جاء في المقال:
أتمنى لكم يوم سعادة عالمياً يعم عليكم جميعا بالسعادة.. مع العلم بأن السعادة لايمكن إحياؤها وتطويرها إلا بالصبر والحب والأدب والنجاح والعدل.
لقد أصبحنا في الفترة الأخيرة مستعدين لحفظ الصيغ المقدمة لنا من أجل السعادة، وابتلاعِ الحبوب التي تجلبها لنا، ووضع الكتب المعنية التي أصبحت موضة وسهلة القراءة في الصيف على الأرفف بعد قراءتها بسرعة فائقة. لكن بالرغم من كل ذلك لم تأتِ السعادة التي ننشدها وباءت جهودنا بالفشل. وفي الحقيقة نسينا وتجاهلنا أن نفعل شيئاً بسيطاً جدًّا حتى اليوم؛ وهو أننا لم نسأل السعادة ذاتها ما الذي علينا فعله حتى تأتي إلينا وننعم بها.
إذا أمضيتم بعض الوقت بجوار شخص متصالح مع الحياة بشكل كامل ويوزّع البسمات على الجميع ستدركون عندها مدى عدم إمكانية حبس السعادة بين الجدران ومدى قدرتها على تجاوزها الأزمان والأماكن. إن السعادة تحب المرونة قبل أي شيئ؛ ويجب ألا تعكرَ صفوك بسبب الظروف والمواقف المتغيرة، وألا تخلق الأحداث الخارجة عن سيطرتك حالة من الخوف والقلق لديك؛ كما يجب أن تكون أولوية عقلك أن يطوّر أفكاراً تسهّل عليك التكيف والتأقلم مع الحياة والمجتمع والبيئة.
واعلم أنه شرط أساسي أن تكون منفتحًا وشغوفًا بالتعلم والمعرفة؛ حيث ليست العاداتُ التي اكتسبناها من أسرتنا ولا القواعد الاجتماعية مطلقةً في كل الأحوال والأزمان. وينبغي أن نعلم أن الحياة متقلبة ومتطورة باستمرار ولن تفتح لنا أذرعها وترحب بنا قبل أن ندافع بقوة عن أفكارنا، لأنه إذا ما رحب الآخرون بأفكارنا وتقبّلوها سيكثر عندئذ الإقبال عليها وستعم الاستفادة عنها، وهو الأمر الذي سيجعل السعادة تعم حياتنا بأكملها.
لا يمكن أن ترتاح السعادةُ بالعقد والصدمات والطمع والجشع؛ لذلك تتمثل مهمتنا الأساسية في سعينا لتنوير ظلماتنا الداخلية حتى تكون قلوبنا قابلة ومستعدة لاستقبال السعادة والاستفادة منها. وعلينا أن ندرك أنه لا داعي للعراك والصراع، ذلك أن كل فرد منّا قد خلق مختلفاً عن الآخر، وسيعيش حياة مختلفة، وستكون أفكاره وآرؤه مختلفة بلاشك. ولو استطعنا وضع كلمة “الاختلاف” مكان “النقصان” سننجح حينها في تخفيف حدة غضبنا بنسبة كبيرة، واستساغةِ مبدأ المساواة في داخلنا. وعندها كذلك ستكون السعادة قد رضيت عنا وأقبلت إلينا في أحسن وأفضل ثيابها.