لم يتبقَّ من رقعة إسطنبول الخضراء سوى غابات الشمال والحدائق. حسنًا، إذا استحضرنا إلى الأذهان حدائق إسطنبول، فكم حديقةيا ترى يمكن أن نذكرها من تلك الحدائق؟
يُعدُّ كلٌّ من حديقة “فتحي باشا” التي تتفتح فيها أزهار الزمزريق الأثيبي وتضفي على المكان جمالًا ورونقًا، وحديقة “أميرجان” التي يتدفق عليها الناس في موسم الربيع لمشاهدة زهرة “الخزامى” بألوانها الزاهية، أشهر حديقتين موجودتين في إسطنبول. لكن ماذا عن الحدائق التي في سواحل المدينة وفي زواياها التي لا ندري بها؟
تضم موسوعة “إسطنبول من الأمس إلى اليوم” قائمة بـ 40 حديقة موجود في مدينة إسطنبول؛ تقع 21 حديقةً منها في الشطر الأوروبي من المدينة، و19 منها في الشطر الآسيوي من المدينة. وتعود بعض هذه الحدائق إلى ملكية أشخاص، والبعض الآخر منها تديره بلدية إسطنبول الكبرى. هذا بالإضافة إلى أنه هناك حدائق أخرى غير مُدرجة في قائمة الموسوعة، لأنه ليس من السهل أن تفرض الحدائق الجديدة نفسها منذ مدة طويلة. ولأحذركم فورًا! انظروا إلى القائمة وقولوا ما الحدائق التي لم نرها أو لم نذهب إليها. لدرجة أنكم إن عقدتم العزم على الذهاب إليها لن تجدوا فيها ما كنتم تنتظرونه.
وهناك أسماء حدائق مُدرجة في قائمة الموسوعة قرأنا على روحها الفاتحة أو بتنا على وشك قراءتها. لقد تغيرت المدينة لدرجة أن معالمها أصبحت غير واضحة. وها هي بعض من تلك الحدائق.
حديقة “جميلة سلطان” غير مسموح للمواطنين بدخولها:
وهي أحد الحدائق التي تعد من الممتلكات الخاصة لأحد الأفراد. بداية أخذ السلطان عبد المجيد هذه الحديقة تخليدًا لذكرى ابنته جميلة سلطان، ولكنه بعد ذلك أصبح مُلكًا لأميرٍ عثماني، ثم لمنتج أفلام يوناني يملك سفن تجارية. وأخيرًا استأجر وقف الخدمات التعليمية والاجتماعية بالغرفة التجارية بإسطنبول هذه الحديقة، فأحياها من جديد عن طريق إعادة تشجيرها. وافتتحت الحديقة لأعضاء الغرفة ولطلاب الجامعة فقط، ولم تفتح للعموم. لكنها كانت تستخدم أحيانًا لإقامة الأنشطة والفعاليات بحجز مُسبق.
حديقة “حاجي عثمان” حديقة المدينة الجديدة:
ليست مُدرجةً في قائمة الموسوعة، لأنها حديقة المدينة الجديدة. ولم تنفَّذ عليها الأنظمة البيئية إلى الآن، لكن سكان المنطقة يفدون إليها لممارسة رياضة المشي وركوب الدراجات. وتعدُّ أكبر الحدائق التابعة لبلدية إسطنبول الكبرى؛ إذ تقع على مساحة 107 هكتار. وتوجد بها أشجار الصنوبر والبلوط والزمزريق الأثيبي وكذلك التين والزعرور البري والبرقوق والتوت. كما يعدُّ مكانًا مثاليًا لتذوق توت العليق في هذا الموسم. وتوجد بها بُحيرة في الغابة التي يحيطها أشجار اللبلاب. على أن هذه الحديقة التي لم يتم افتتاحها بعد يُذكر اسمها في موقع بلدية إسطنبول. ومن المخطط أن يكون بها مضمار للجري والتنزه وحديقة أزهار وألعاب لياقة بدنية وألعاب للأطفال وأماكن للتنزه والترفيه.
حديقة “أياز آغا” الذي لا يُذكر حتى اسمه:
وهي عبارة عن منطقة الحدائق الموجودة داخل قصر أياز آغا الذي يعود إلى الخزينة الخاصة في عهد السلطان محمود الثاني، وكان السلطان يتردد عليه دائمًا للصيد. ويقع الحديقة على مساحة 7.8 هكتار. واستُخدم حقبةً لسلاح الفرسان، وبقي مدة أخرى داخل الثكنة العسكرية الموجودة بالمنطقة. وثمة بالحديقة أشجار المران والدلب والإخلامور، والبلوط، وكستناء الحصان، والإسفندان التي وصلت أبعادًا هائلة وغير موجودة في حدائق إسطنبول الأخرى.
حديقة “ميهرآباد” المطلة على مضيق البوسفور:
وهو يقع أسفل الجسر المعلق الثاني “محمدالفاتح” في إسطنبول ويطل على مضيق البوسفور. ويأتي اسمه من قصر ميهرآباد الذي أمر السلطان أحمد الثالث بإنشائه على تلة “كانليجا” في أثناء فترة الصدر الأعظم/رئاسة الوزراء “دامات إبراهيم باشا نَوشهيرلي”. ومع أن القصر انهدم إلا أن اسمه بقي مخلدًا.
حديقة “عثمان غازي” الحديقة الوحيد في حي العمرانية:
كانوا يلقبون حي العمرانية باسم “أورمانية” يعني الغابة، كانت في سابقًا مُغطاة بالأشجار. وهناك بعض الروايات التي تقول إن اسم العمرانية جاء من كلمة أورمانية أي المنطقة الغابية. بيد أن الحي يشهد نموًا سكانيًا وتحولًا عمرانيًا سريعًا ولم يعد فيه مساحات خضراء إلا القليل. وحديقة عثمان غازي هو الرقعة الخضراء الوحيدة المتبقية في هذا الحي.
حديقة “والدة باغ”:
يقع الحديقة على مساحة 10 هكتار. ويعد مصير هذه الحديقة مشابهًا إلى حد كبير بحديقة أيازآغا، ولا يُعرف إن كان هذا يرجع لوجه التشابه المعماري لقصر الصيد الموجود في القصرين أم إلى غير ذلك. وجميعنا يعرف هذه الحديقة التي تقع فيما بين منطقتي “كوشويولو” و “ألتونيزاده” الواقعتين في حي أوسكودار بالشطر الأسيوي من المدينة، حيث تم فيه تصوير فيلم “مدرسة المشاغبين” أحد روائع الأفلام الكوميدية التركية. ويأتي اسمه من القصر الذي أمر السلطان عبد العزيز بتشييده من أجل شقيقته عادلة سلطان. وهناك قصر صيد آخر أمر السلطان أيضًا بإنشائه.