نوح جونولطاش، جريدة بوجون
أنقرة (زمان عربي) – كانت سوريا دائمًا محط اهتمام للحكومات التركية المتعاقبة، فحتى عدنان مندريس وتورجوت أوزال فكَّرا في احتلالها! إذ أعدَّ الأول العدة لتنفيذ فكرته عندما وصل الشيوعيون إلى سدة الحكم في دمشق، وقد دعمت كل من الولايات المتحدة وبريطانيا هذه الجهود في أول وهلة!
وعندما تم تشكيل حلف بغداد بين تركيا والعراق وإيران وباكستان عام 1955 كان من بين أولى القرارات التي اتخذها قرار حل مشكلة الطاقة التي كانت تعاني منها تركيا. وقد أدخل هذا القرار الحماس إلى نفس مندريس الذي قال لوزير الصناعة في حكومته سَباتي أتامان “لا أعتقد أنه يمكن قيام الدولة العثمانية من جديد، لكن لا يساورني أدنى شك في أن دول المنطقة ستجد مجددًا السبيل للاتحاد والتحرك معا وفي خندق واحد”.
كان هذا يعني كذلك أن مندريس سيلعب لعبة “العثمانية الجديدة” في السياسة الداخلية. وبحسب المخطط الذي أعدته الولايات المتحدة وبريطانيا عام 1957 كان من المفترض أن تشهد الحدود العراقية السورية أحداث عنف وتنفيذ عمليات اغتيال داخل سوريا، وفي تلك الأثناء يشن الجيش العراقي المدعوم أمريكيًا وبريطانيًا هجومًا على سوريا بالتعاون مع الجيش التركي. وقد أرسل الاتحاد السوفيتي مذكرة تحذيرية إلى تركيا عام 1955 يطالبها بعدم الاقتراب من سوريا.
وبحسب ما كان يعتقده الرئيس الأمريكي الأسبق أيزنهاور، فإن الولايات المتحدة ستملأ الأماكن التي تتركها بريطانيا وفرنسا في الشرق الأوسط، وسيكون لتركيا دور مهم في هذه الوتيرة.
وعندما شهدت مصر انقلابًا فاشلًا عام 1957 كانت تركيا تحشد جيشها على حدودها مع سوريا، وكان الهدف من هذا دعم الهجوم الذي سيشنه العراق على الأراضي السورية.
إلا أن أنقرة تراجعت عن التدخل العسكري في سوريا بعدما تعالت الأصوات المعارضة من الشعب والجيش، لكنها سمحت للقوات الأمريكية باستغلال قاعدة إينجيرليك العسكرية.
لم ينقذ الأمريكيون مندريس عندما نفذ الجيش انقلابًا ضد حكومته عام 1960، والتزموا الصمت تجاه تنفيذ حكم الإعدام في حق وزيري الخارجية فاتن رشدي زورلو والمالية حسن بولاتكان!
يعرف الجميع أن حكومة حزب العدالة والتنمية لا تخفي رغبتها في احتلال سوريا، فهي تذكي نيران الحرب الأهلية هناك، ويقال إنه عندما زار الرئيس المصري المعزول محمد مرسي تركيا وألقى كلمة خلال مؤتمر حزب العدالة والتنمية طلب منه بعض المسؤولين الأتراك “توحيد فرعي جماعة الإخوان المسلمين في مصر وسوريا ليحصل على الدعم التركي من أجل تشكيل جيش يساهم في إسقاط نظام بشار الأسد”.
وما علينا الآن إلا الانتظار لنرى ما ستؤول إليه الأمور!