اسطنبول/ديار بكر 10 أغسطس آب (رويترز) – أطلقت امرأتان النار على القنصلية الأمريكية في اسطنبول اليوم الاثنين وقتل تسعة أشخاص على الأقل في موجة من الهجمات المنفصلة على قوات الأمن التركية بعد أسابيع من اطلاق تركيا حملة ضد تنظيم الدولة الاسلامية والمقاتلين الأكراد وعناصر من اليسار المتطرف.
وتركيا العضو في حلف شمال الأطلسي في حالة تأهب قصوى منذ أن بدأت ما وصفه مسؤولون بأنها “حرب منسقة على الإرهاب” الشهر الماضي والتي شملت توجيه ضربات جوية ضد مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا ومقاتلي حزب العمال الكردستاني في شمال العراق بالاضافة إلى اعتقال مئات من المشتبه بهم في الداخل.
وأعلنت جبهة جيش تحرير الشعب الثوري اليسارية المتطرفة التركية تنفيذ أحد أعضائها الهجوم على القنصلية الأمريكية في اسطنبول اليوم الاثنين قائلة في بيان على موقعها على الإنترنت إن الولايات المتحدة “عدو لدود” لشعوب الشرق الأوسط والعالم.
وتصنف الولايات المتحدة وتركيا الجبهة على أنها منظمة إرهابية.
وكانت الجبهة أعلنت من قبل مسؤوليتها عن هجمات مشابهة منها تفجير انتحاري عند السفارة الأمريكية في أنقرة عام 2013 أسفر عن مقتل حارس أمن تركي.
وأغلقت الشرطة المسلحة ببنادق آلية الشوارع حول مبنى القنصلية الأمريكية في حي ساريير على الجانب الأوروبي من مدينة اسطنبول بعد الهجوم.
وقال شاهد عيان يدعى أحمد اكاي لرويترز إن احدى المرأتين أطلقت أربعة أو خمسة أعيرة نارية على مسؤولي الامن وضباط القنصلية.
وأضاف “صاحت الشرطة قائلة لها (ألقي حقيبتك..ألقي حقيبتك) وكانت المرأة تقول (لن أستسلم).”
وتابع “حذرتها الشرطة مرة أخرى (ألقي حقيبتك وإلا سنضطر لاطلاق النار عليكي) وقالت المرأة (أطلقوا).”
وقال مكتب حاكم اسطنبول إنه جرى اعتقال احدى المرأتين في وقت لاحق بعد إصابتها.
وذكرت وكالة دوجان للأنباء أن المرأة التي اعتقلت تبلغ من العمر 51 عاما وقضت حكما بالسجن للاشتباه في انتمائها إلى جبهة جيش تحرير الشعب الثوري اليسارية المتطرفة. ولم يتسن لرويترز التحقق من صحة التقرير.
وذكر مسؤول في القنصلية الأمريكية “نعمل مع السلطات التركية للتحقيق في الحادث. القنصلية العامة لا تزال مغلقة أمام الجمهور حتى إشعار آخر.”
ووقع الهجوم بعد يوم واحد من إرسال الولايات المتحدة ست طائرات من طراز إف-16 المقاتلة ونحو 300 فرد إلى قاعدة إنجيرليك الجوية في تركيا في إطار جهود التحالف الساعي للقتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية.
وقال جون كيربي المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية في واشنطن إن الهجوم على القنصلية لم يسبب أي إصابات بين الموظفين الأمريكيين وإن القنصلية ستفتح أبوابها للعمل غدا الثلاثاء. ورفض المتحدث التعليق حين سئل إن كان سيتم اتخاذ إجراءات أمن خاصة.
وقالت الشرطة إنه في الجانب الآخر من اسطنبول استخدمت مركبة محملة بالمتفجرات في هجوم على مركز للشرطة مما أسفر عن إصابة ثلاثة من رجال الشرطة وسبعة مدنيين.
وقال مكتب حاكم اسطنبول إن أحد المهاجمين قتل خلال التفجير في حين لقي اثنان آخران وضابط شرطة حتفهم في تبادل لاطلاق النار لاحقا.
وقالت قناة (سي.إن.إن ترك) التلفزيونية إن الضابط القتيل من خبراء المفرقعات الذين ارسلوا إلى المكان للتحقيق في الهجوم.
واستمرت الاشتباكات حتى صباح اليوم في حي سلطان بيلي الواقع على الجانب الآسيوي من مضيق البوسفور الذي يقسم اسطنبول. ونفذت الشرطة عدة مداهمات.
ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن أي من الهجومين لكن بعثات دبلوماسية أمريكية ومراكز الشرطة كانت هدفا لهجمات منظمات من اليسار المتطرف في تركيا في الماضي.
وأعلنت جبهة جيش تحرير الشعب – التي اعتقلت السلطات بعض أعضائها في الأسابيع الأخيرة – مسؤوليتها عن تفجير انتحاري عند السفارة الأمريكية في أنقرة في 2013 والذي أدى لقتل حارس أمن تركي.
العنف في جنوب شرق البلاد..
عادت تركيا لتفتح قواعدها الجوية أمام التحالف الذي تتزعمه الولايات المتحدة ضد الدولة الإسلامية الشهر الماضي بعد سنوات من التردد ونفذت بنفسها غارات في تصعيد لدورها بعدما قتل انتحاري يشتبه في انتمائه للدولة الإسلامية 32 شخصا في بلدة سروج على حدود تركيا مع سوريا.
ووصفت تركيا العمليات بأنها حرب ضد مجموعات إرهابية “دون تمييز” وفيها أغارت القوات التركية كذلك على أهداف تابعة لحزب العمال الكردستاني في العراق وفي جنوب شرق تركيا واعتقلت خلال الأسابيع القليلة الماضية ما يزيد على 1300 شخص يشتبه في صلاتهم بجماعات إسلامية وكردية ويسارية متطرفة.
واعتبرت تلك استراتيجية بالغة الخطورة لبلد تتقاطع فيه أوروبا والشرق الأوسط ويعتمد على السياحة لتوفير نحو عشر دخله.
كما تصاعد العنف بين قوات الأمن ومن يشتبه في أنهم مقاتلون أكراد في جنوب شرق البلاد الذي تقطنه غالبية كردية.
وقال مكتب حاكم إقليم شرناق بجنوب شرق تركيا إنه تأكد مقتل أربعة من ضباط الشرطة كما أصيب آخر في هجوم بمتفجرات مزروعة على الطريق نفذه مقاتلون أكراد.
وقال الجيش التركي في بيان اليوم إن جنديا قتل عندما فتح مقاتلون أكراد النار على طائرة هليكوبتر عسكرية في هجوم آخر بإقليم شرناق.
وأضافت مصادر أمنية أن سبعة جنود على الأقل آخرين أصيبوا في الهجوم الذي وقع بعد اقلاع الطائرة.
وشن الجيس حملة جوية ضد معسكرات حزب العمال الكردستاني في شمال العراق يوم 24 يوليو تموز بعد تصاعد في هجمات المقاتلين.
وذكرت وكالة الأناضول الرسمية للأنباء أمس الأحد أنه حتى الأول من أغسطس آب قتل أكثر من 260 مسلحا بينهم قياديون بارزون في حزب العمال بينما أصيب ما يزيد عن 400 حتى الأول من أغسطس آب.
وعصف العنف بعملية سلام مع حزب العمال الكردستاني بدأها الرئيس رجب طيب إردوغان في 2012. والشهر الماضي قال إردوغان إن العملية أصبحت مستحيلة رغم أن أيا من الطرفين لم يعلن حتى الآن توقف المفاوضات بشكل نهائي.
ودعا تحالف المنظمات الكردستانية وهي مظلة سياسية يعمل باسمها المتشددون الأكراد لاستئناف سريع لمفاوضات السلام لكن وضعوا شرطين مسبقين هما إطلاق سراح سجناء سياسيين والتوصل لإطلاق نار.
وبدأ حزب العمال الكردستاني الذي تصنفه تركيا والولايات المتحدة الاتحاد الأوروبي بأنه كيان إرهابي عملياته المسلحة في 1984 للضغط من أجل مزيد من الحقوق للأكراد. وقتل في الصراع أكثر من 40 ألف شخص.