بقلم: مسعود تشاويك ألب
استهدفت الإدارة الروسية التي زادت من حجم رد فعلها على تركيا بسبب إسقاط الأخيرة إحدى مقاتلاتها كلاً من الرئيس رجب طيب أردوغان وأسرته مباشرة في مؤتمر صحفي خاص نظمته قبل أيام.
إن الموقف الحاد لموسكو، بعد أن نشرت ادّعاءات حول تهريب النفط إلى تركيا عبر الصور ومقاطع الفيديو، التي يبدو أنه تم التقاطها من الأقمار الصناعية والطائرات بدون طيّار، حال دون تكليل المبادرات الدبلوماسية المطروحة لتسوية الأزمة بأي نتائج.
وأدلى خبراء لصحيفة “زمان” التركية بآرائهم حول هذا الموضوع. ورأوا أن موسكو تُصعّد الأزمة عن قصد. ولفتوا إلى تعزيز روسيا تواجدها في منطقة الشرق الأوسط عن طريق إرسال شحنات عسكرية إلى سوريا أكثر من أي وقت مضى.
حشد للحرب الباردة الثانية
فقد قال أونور أويمان، الممثل الدائم السابق لتركيا لدى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، إن تصرف روسيا بطريقة تجعلها تصرف النظر عن العلاقات الثنائية مع تركيا، والبالغة 25 عامًا، تشير إلى أن الأزمة أكثر عمقًا مما انعكس إلى الصحف التي نطالعها حول الأزمة.
وأضاف أونور: “الروس اتخذوا أزمة الطائرة كذريعة لاتخاذ خطوات من أجل البقاء في سوريا عسكريًّا وسياسيًّا. وتحاول دفع تركيا عبر هذه الأزمة لتعود إلى حدودها الذاتية. وهي بذلك تفتح الباب أمام حرب باردة ثانية ضد الناتو عبر سوريا عن طريق تصعيد التهديدات التي تشنها على تركيا. مجيئ أعضاء الناتو إلى المنطقة بطائراتهم وسفنهم الحربية يُشير أيضًا إلى الصراع القطبي الموجود وراء الستار”.
وأوضح السفير المتقاعد أويمان أنه اطّلع على الاتهامات التي توجهها روسيا إلى تركيا، لافتًا إلى أن المحادثات المختلفة والصور ومقاطع الفيديو لا تستند أي منها إلى أدلة ملموسة. وقال إنه لا يمكن التقدم بطلب إلى المحاكم الدولية حول هذا الموضوع عبر الصور والمقاطع المذكورة.
وتابع: “تركيا ليست طرفًا في المحكمة الجنائية الدولية نظرًا لأنها لم توافق بعد على ميثاق روما المؤسس للمحكمة. لذا ينبغي وجود أدلة وبراهين ملموسة ودامغة من أجل رفع هذا الموضوع إلى محكمة دولية. لكن في هذه الحالة الموجودة الآن لا يمكن رفع الاتهامات إلى القضاء”.
تحسين الصورة على الصعيد الداخلي
فيما قال البروفيسور أرتان أفجيل أستاذ العلاقات الدولية بجامعة سكاريا التركية إن الإدارة الروسية تستغل الأزمة التركية تجاه الرأي العام المحلي. وقال إن الإدارة تهدف إلى زيادة الدعم الشعبي عبر الخطابات القومية المتزايدة عقب الأزمة.
ولفت أفجيل إلى أن المسؤولين الروس يتجنبون لقاء نظرائهم الأتراك، موضحًا أن روسيا دفعت بشحنات عسكرية إلى سوريا غير مشهودة من قبل. وأضاف “في واقع الأمر أن أزمة الطائرة كانت مسألة يمكن تسويتها بسهولة عن طريق لقاء الطرفين. إلا أن الرئيس فلاديمير بوتين سدّ هذا الطريق بسبب تصريحاته، وبعث برسالة للعالم عبر تركيا مفادها أن روسيا باقية في سوريا. إن إسقاط تركيا المقاتلة الروسية منح الروس الفرصة الذهبية التي كانوا يتربصونها. وحتى وإن لم يبد الروس اليوم وقد ضحوا بإحدى مقاتلاتهم إلا أنها عززت من موقفها في “روسيا الكونفدرالية” التي ستبلور حدودها في القريب العاجل.