القدس المحتلة (أ ف ب): توفي فجر الأربعاء الرئيس الإسرائيلي الأسبق شيمون بيريز الذي تولى رئاسة إسرائيل ورئاسة وزرائها عن عمر يناهز 93 عاما بعد إصابته بسكتة دماغية قبل نحو أسبوعين وتحسن حالته قليلا قبل أن تتدهور فجأة الثلاثاء.
بدأ بيريز مسيرته السياسية كناشط صهيوني قبل أن يتقلد مناصب سياسية عليا أوصلته إلى منصب رئاسة الدولة العبرية، كما شغل منصب رئاسة الوزراء عدة مرات. وبدأ نشاطه السياسي غداة الإعلان عن قيام دولة إسرائيل حيث كان من رواد تطوير القدرات العسكرية الإسرائيلية قبل أن يصبح، وطيلة النصف الثاني من حياته.
ولد شيمون بيريز، وكان لقب عائلته عند الولادة بيرسكي، في 2 أغسطس/آب 1923 في مدينة فيشناف، التي كانت تابعة آنذاك لبولندا قبل أن تصبح اليوم مدينة تابعة لروسيا البيضاء ، وهاجر إلى فلسطين برفقة والديه في 1934 حيث أقام في عدد من المستوطنات. نشط خلال شبابه ضمن منظمات صهيونية قبل أن ينخرط في صفوف عصابات “الهاجاناه”، وهي منظمة سرية شبه عسكرية شكلت النواة الأولى لجيش الاحتلال الإسرائيلي.
رفض بيريز في البداية المشاركة في المعارك التي كانت تخوضها عصابات “الهاجاناه”، لكنه أصبح أحد قادة هذه المنظمة واضطلع في صلبها بمهمة التموين العسكري. وفي 1949 ترأس بعثة وزارية للشؤون الدفاعية إلى الولايات المتحدة.
من وزارة الحرب إلى رئاسة حزب العمل
وبعودته إلى إسرائيل في 1952، قام رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك دافيد بن جوريون بتسمية شيمون بيريز مديرا عاما لوزارة الحرب الإسرائيلية عام 1953.
عمل بيريز لمدة ست سنوات بنجاح على عدد من الملفات، من بينها ملف التعاون العسكري بين فرنسا وإسرائيل، ولطالما اعتبر بيريز بمثابة الأب الروحي للبرنامج النووي الإسرائيلي، رغم أن إسرائيل لم تؤكد أبدا حيازتها لهذا السلاح.
دخل بيريز البرلمان الإسرائيلي بعد انتخابه في 1959 عن قائمة حزب “ماباي”، نواة حزب العمل، الذي أصبح لاحقا أحد مؤسسيه في 1968.
وشغل بيريز منصب نائب وزير الحرب من 1959 حتى عام 1965. لاحقا، وبين 1969 و1977، كلف بعدة حقائب وزارية من بينها وزارة الحرب عام 1974.
في 1977، ترأس شيمون بيريز حزب العمل الإسرائيلي عقب استقالة إسحق رابين، لكن الحزب فشل فشلا ذريعا في ذات السنة في الانتخابات التشريعية، ما مكن حزب الليكود اليميني وعلى رأسه آنذاك مناحيم بيجن من تولي الحكم في البلاد لأول مرة. وشغل بيريز منصب رئيس الحزب لثلاث ولايات، 1977-1992 و1995-1997 و2003-2005.
في أيلول/سبتمبر 1984، ترأس شيمون بيريز حكومة وحدة وطنية في إسرائيل قبل أن يترك منصبه لإسحق شامير من حزب الليكود، كما كان متفقا، ليضطلع بمنصبي نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية حتى عام 1988.
وإثر الانتخابات التشريعية عام 1988، شغل بيريز منصب نائب رئيس الوزراء ووزير المالية، الذي احتفظ به حتى 1990. والتحق بعد ذلك بالمعارضة فبقي في صفوفها حتى عام 1992. لكنه عاد مجددا إلى التشكيلة الحكومية حيث تقلد منصب وزير الخارجية في حكومة إسحق رابين بين 1992 و1995.
جائزة نوبل للسلام
في 1994، تقاسم بيريز جائزة نوبل للسلام مع كل من إسحق رابين والرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، إثر توقيع اتفاق أوسلو في 1993، الذي كان يعتبر من أبرز مهندسيه.
وفي 1995، شغل منصب رئيس الوزراء (مؤقتا) خلفا لإسحق رابين الذي اغتاله المتشدد اليهودي إيجال عامير في العام نفسه، قبل أن يخسر الانتخابات التشريعية عام 1996 أمام بنيامين نتنياهو.
عين شيمون بيريز في منصب وزير التعاون المحلي في حكومة إيهود باراك عام 1999، ثم استعاد منصبي نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية في حكومة عدوه السياسي آريل شارون من 2001 إلى 2002.
عام 2005، شغل مجددا منصب نائب رئيس الوزراء بعد التحاقه بحزب “كاديما” الذي أسسه شارون في نفس السنة. وختم بيريز مسيرته الوزارية بمنصب نائب رئيس الحكومة الذي شغله عدة مرات خلال حياته السياسة، بعد فوز حزب “كاديما” الذي تزعمه إيهود أولمرت في انتخابات 2006.
نجح شيمون بيريز في توظيف خبرته السياسية في الحصول على منصب رئيس إسرائيل في 15 يوليو 2007، بعد محاولة أولى منيت بالفشل في 2000.
ورغم مسيرته السياسية الحافلة والتقدير الدولي الذي حظي به، فإن الإخفاقات الانتخابية المتكررة لازمت صورته داخل إسرائيل، إذ كان يفشل في الانتخابات التشريعية كل مرة يقود فيها حزب “العمل”.