بقلم: عبد السلام كمال أبوحسن
أنقرة (الزمان التركية) بعد اغتيال السفير الروسي في أنقرة أندريه كارلوف الاثنين الماضي خرج علينا الرئيس رجب طيب أردوغان وقبل أي تحقيق واتهم حركة الخدمة والداعية فتح الله كولن بأنهم يقفون خلف عملية الاغتيال في الوقت الذي أعلنت فيه الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا ضرورة عدم التعجل في اتهام أحد وطالبت الثانية بمشاركتها في التحقيق وهو ما رحبت به تركيا.
لكن دعونا نقول إنه لاشك أن مقتل السفير الروسي أتى في وقت تأكل فيه النار الأخضر واليابس، والقلوب فيه تغلي مما يحدث لأهل حلب من قتل وتهجير في ظل صمت المجتمع الدولي كله عن المجازر التي ترتكب هناك، فهل كان مقتل السفير الروسي تغطية وصرف انتباه للناس عما يحدث هناك؟ وكذلك يكون منقذا للسياسة التركية التي ستتحول تجاه سوريا بعد ذلك وحفظ ماء الوجه لها؟
بالتأكيد أن الدب الروسي قد استغل هذه الحادثة استغلالا جيدا وتعامل معها بحرفية سياسة كبيرة، فقد كان الجميع ينتظر من روسيا ردود فعل قوية إلا أن روسيا فضلت أن تجعل تركيا تغير موقفها تجاه سوريا فبعد أن كان الرئيس رجب طيب أردوغان يقول إن بشار الأسد ليس له مكان في سوريا الجديدة، وجدنا في اليوم التالي لمقتل السفير الروسي اتفاقا ثلاثيا بين تركيا وروسيا وإيران ووجدنا تركيا ولأول مرة تقبل بوجود الأسد في سوريا.
ولنعد إلى السبب وراء اتهام أردوغان لحركة الخدمة بأنها من تقف خلف هذه القضية، فالمتابع للأحدث في تركيا وخاصة في السنوات الأخيرة يجد أن أردوغان ومنذ حادثة الفساد والرشوة دائما في أي مشكلة تحدث في تركيا، يحمل الخدمة هذه المشكلة حتى يهرب منها.
ولو عدنا إلى المعلومات التي قالتها الحكومة التركية لوجدنا:
إن القاتل قد عمل حارسا شخصيا 8 مرات لأردوغان فإذا كان من الخدمة ورأي كل هذا الظلم الذي وقع على أفراد جماعته فلماذا لم يقتل أردوغان بدلا عن السفير الروسي؟
ولو نظرنا إلى عمر القاتل لوجدنا هناك تضاربا في الرويات الرسمية فالرويات الرسمية تقول إن عمره 22 سنة، ومن المعروف أن سير الدارسة في تركيا تنقسم كالتالي الطفل يلتحق بالدارسة وهو في سن 7 سنوات ثم يمكث في الابتدائية والإعدادية 8 سنوات ثم الثانوية 4 سنوات ثم الجامعة أربعة4 سنوات؛ إذن المجموع 23 سنة حتى يتخرج أي شخص من الجامعة سواء العسكرية أو غيرها. والحكومة تقول عنده 22 سنة ويعمل منذ سنتين ونصف في الشرطة، فكيف دخل هذا الشاب إلى جهاز الشرطة ومتى تخرج من كلية الشرطة وبدأ العمل؟
ثم إن التهم التي توجه إلى حركة الخدمة، والتي تزعم أن الضابط تخرج من مدارس الخدمة تهم واهية، فلو فرضنا جدلا صحة الرواية التركية وأن هذا فعلا تخرج من مدارس الخدمة، فليس معنى ذلك أن الخدمة هي من تقف خلف هذا، لأنه لو كان كل شخص تخرج من مدرسة فعل شيئا يخالف الفطرة الإنسانية ورمينا التهمه على المدرسة التي تخرج منها لكنا أغلقنا جميع المدارس، فالمدرسة يتخرج منها الطيب والمهندس والمعلم والبلطجي والذي لا صنعة له، ثم إن صهر الرئيس رجب طيب أردوغان وزير الطاقة بيرات البيراق تخرج أيضا من مدارس الخدمة فهل لو فعل شيئا مخالف للإنسانية رمينا المدرسة بهذا. بالتأكيد لا.
لكن حرص أردوغان على رمي الخدمة بالتهمة وقبل أي تحقيق يؤكد أن هناك شيئا خلف الستار يريد أردوغان عدم ظهوره.
لا شك في أن الأيام القادمة تحمل لنا الكثير والكثير من المفاجآت.