برلين (الزمان التركية) – على الرغم من أن هذا الصيف لم يشهد بطولة دولية ولا أوروبية و انقضى دون كرة قدم فإنه شهد بطولتين دوليتين وهما كأس القارات وبطولة أوروبا.
ولم يحظ كأس القارات باهتمام كبير نظرا لقلة الدول المشاركة في البطولة وضعف بعض الفرق المشاركة بينما حظيت بطولة أوروبا باهتمام المدربين وإدارات الأندية نظرا لكونها ساحة تنافس نجوم المستقبل. وأعاد فوز ألمانيا بالبطولتين إلى الأذهان عبارات لاعب كرة القدم الانجليزي غاري لينيكر التي ذكر خلالها ” أن كرة القدم لعبة بسيطة يتبادل خلالها 20 شخصا الكرة لمدة 90 دقيقة وتفوز ألمانيا في النهاية”.
في الواقع خلال السنوات الأخيرة ابتعد الألمان عن تنفيذ ما تفرضه هذه العبارة لكن دعونا نرى عن كثب لماذا يفوز الألمان.
كفاءة المدير الفني:
من المعروف عن الألمان أنهم يعملون كالآلات، وبينما يحققون النجاحات بالعمل الكثير فإنهم ينفذون أيضا قواعد اللعبة. الألمان لا يمتلكون لاعبين ماهرين فقط بل أيضا يتمتعون بمدربين فنيين يمتلكون الكفاءة، فألمانيا تضم 34 ألفا و940 مدربا بينما يتراجع هذا الرقم في انجلترا إلى ألفين و769 مدربا.
أكاديميات الشباب:
أكاديميات الشباب التي تمثل الينبوع بالنسبة لفرق النوادي الألمانية ليست موجودة لمجرد التباهي بل لأنها ضرورية، فالأندية التي لا تحتوي على أكاديميات شباب لا تحصل على تراخيص.
وبسبب ضرورة وجود أكاديميات شباب فإن الأندية تهتم فقط بالبنية التحتية وتوظف مدربين فنيين مشهورين يتولون مهمة البحث عن اللاعبين الماهرين في أرجاء البلاد. وبهذا تكتسب كرة القدم الألمانية الشباب الذين يتمتعون بمهارات كروية قبل اختفائهم.
منح فرص للاعبين الشباب:
أندية الدوري الألماني لا تخشي منح فرصة للاعبين الشباب الذين سينافسون أمهر اللاعبين، فعلى سبيل المثال اللاعبون الذين لايزالون في مقتبل العشرينات مثل نيكلاس سول وماكس ماير وتيمو فيرنر وماكسيميليان أرنولد شاركوا إلى الآن في أكثر من مئة مباراة.
الكثير من اللاعبين الألمان ضمن تشكيل الأندية الألمانية
في الوقت الذي كانت إمكانية رؤية المزيد من اللاعبين المحليين ضمن تشكيل الأندية تتضاعف بمرور الوقت بعد قاعدة بوسمان التي ألغت حدود اللاعبين الأجانب في كرة القدم الأوروبية واصلت ألمانيا المضي عكس التيار فيما يخص هذا الأمر، ففي موسم 2016-2017 بالدوري الألماني شارك 470 لاعبا في الدوري شغل الألمان 47 في المئة من إجماليهم أي ما يعادل 270 لاعبا.
وفي الدوري الإنجليزي بلغت نسبة اللاعبين الانجليز في صفوف الأندية الإنجليزية نحو 30 في المئة.
المنافسة في المواقع:
الألمان الذين يمتلكون أفضل المدربين الفنيين يضمون إلى الفرق أفضل اللاعبين في كل موقع، ويسهم تنافس اللاعبين ضد بعضهم البعض للمشاركة في الفريق الأساسي إسهامات إيجابية في تفوق اللاعبين والمدربين أيضا. أي أن قميص الفريق لايكمن في فم الأسد بل في معدته.
عطلة بين الدورات الطويلة:
العطلات بين الدورات الطويلة في الدوري الألماني تزيد أسبوعا عن الأندية الكبرى الأخرى. وهذا وضع مخطط، فبهذا يُضمن حصول اللاعبين على قسط من الراحة وتقديمهم مشاركات أفضل في الدورات التي ستُقام خلال شهور الصيف. والألمان ناجحون في هذا الأمر.
التقنيات وليس القوى البدنية:
اللاعبون الذين لايتمتعون بقوى بدنية عالية من بين اللاعبين الألمان الذين يلعبون على مدار 90 دقيقة يتجاوزون هذا الأمر بتطوير تقنياتهم، فاللاعبون الذين يُعتبرون قصار قامة مثل جوشوا كيميتش (176 سنتيمترا) و ماكس ماير (173 سنتيمترا) و سيرجي جنابري (173) يتفوقون على الساحة الخضراء أمام منافسيهم بمهاراتهم التقنية.
وأثناء اعتراض اللاعبين الألمان الأقوياء من الناحية التقنية الكرة قبل منافسيهم يمكنهم بكل سهولة تقليص اللاعب باستحواذهم على الكرة.
الاستقرار:
مفتاح نجاح الألمان يكمن في اتباع اللاعبين في كل الأعمار خطة 4-2-3-1، ويطبق المدرب الفني للمنتخب الألماني يواخيم لوف هذا النظام منذ 11 عاما. ويواصل اللاعبون الذين يتأقلمون على النظام في سن صغيرة مسيرتهم بصورة مستقرة.
دعم المشجعين:
تلعب الفرق الألمانية أسبوعيا أمام مدرجات ممتلئة. ويستشعر اللاعبون وهم لايزالون في سن صغيرة رضا وسعادة المشجعين، ففي الدوري الألماني الذي يبلغ متوسط مشجعيه 40 ألف مشجع يعمل كل لاعب من أجل إرضاء ناديه ومشجعيه كما يستشعر باستمرار ذلك الدعم وأحيانا الضغوط.
التخطيط:
الألمان الذين لم يشهدوا في حياتهم أي حدث ” بمحض الصدفة” يعكسون هذا الأمر على كرة القدم، فبينما يبدو الأمر بسيطا نرى أنه تم إجراء تخطيط جاد وفعلي استنادا على بعض التفاصيل. على سبيل المثال، خلال كأس العالم عام 2014 الذي فاز به المنتخب الألماني استخدم المدير الفني للمنتخب الألماني يواخيم لوف مخيم التدريب نفسه من أجل منتخب الفريق. وتم الإبقاء على روح الفريق قائمة بوضع اللاعبين داخل غرف جماعية وليس غرفا فردية، على سبيل المثال.
وعندما يلعب المنتخب الألماني في دول يختلف توقيتها مع توقيت ألمانيا مثل كازخستان فإنهم يواصلون العمل وفقا للتوقيت المحلي لألمانيا وليس توقيت البلد الذي يقيمون فيه.
ويساعد ذلك في المحافظةعلى قوتهم البدنية.