أنقرة (زمان التركية) – خلال تواجده في السنغال أمس الأول الخميس ضمن جولته الأفريقية، تحدث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن “الانقلاب الناعم” الذي استهدف الحكومة الائتلافية لـ نجم الدين أربكان وتانسو تشيلير والمجتمع المدني في 28 فبراير/ شباط عام 1997، وشدد أردوغان في تصريحاته على أن “الجناح المدني للانقلاب سيدفعون الثمن”.
وتمتع المتورطون في ذلك الانقلاب بحصانة قانونية لمدة أكثر من 15 عامًا ولم يتمكن القضاء من محاسبة أدنى شخصية فيهم، حتى جاء عام 2013 ليمثلوا أمام المحكمة لأول مرة، وذلك بعد إجراء تعديلات جذرية في القوانين في أعقاب انطلاق القضايا المتعلقة بعصابة أرجنكون الإجرامية الانقلابية. وأسفرت تلك المحاكمة عن اعتقال 76 شخصًا، بينهم كبار الجنرالات، وعلى رأسهم الجنرالان جفيك بير وتشيتين دوغان.
ومع أن تلك المحاكمة كانت هي الأولى من نوعها في تاريخ تركيا الحديث، نظرًا لأن كل الانقلابيين والمحرضين على الانقلاب لم يخضعوا لأي محاسبة قانونية قبل ذلك التاريخ، إلا أن هذه الخطوة التاريخية تعرضت لنكسة عندما اضطرت حكومة أردوغان إلى الاتفاق مع عصابة أرجنكون والجنرالات الانقلابيين بعد فضائح الفساد والرشوة في نهاية عام 2013، حيث خرجوا من السجن قيد المحاكمة في عام 2014.
وبرر أردوغان إفراجه عن أعضاء عصابة أرجنكون والجنرالات الانقلابيين إلى أن حركة الخدمة المستلهمة من فكر الداعية الإسلامي فتح الله كولن دبرت مؤامرة ولفقت جرائم لاعتقال أعضاء عصابة أرجنكون والجنرالات الانقلابيين وهم برآء من التهم المنسوبة إليهم، وهي الآن (2013) تسعى إلى الإطاحة بحكومته من خلال تحقيقات الفساد والرشوة التي لفقتها أيضًا وهي بريئة منها، على حد زعمه.
إلا أن أردوغان لم يغلق هذا الملف تمامًا وأبقاه مفتوحًا لكي يستخدمه كالسيف المسلط على أعضاء أرجنكون والانقلابيين عند الضرورة، ذلك لأنهم يعرفون أن المسؤول السياسي لاعتقالهم هو أردوغان، ويعرف أردوغان أنهم يخططون للانقلاب عليه في أول فرصة. لذا طالبت النيابة العامة في نهاية العام الماضي (2017) بإنزال عقوبة الحبس المؤبد على 60 جنرالاً وضباطًا عسكريًّا من أصل 76 شخصًا يخضعون للمحاكمة في إطار قضية “انقلاب فبراير/شباط 1997 الناعم”، وفي مقدمتهم رئيس الأركان الأسبق الجنرال “إسماعيل حقي كارادايي” والجنرالان اللذان لعبا دورًا مهما في ذلك الانقلاب “تشيفيك بير” و”تشيتين دوغان”.
ويرى المراقبون أن أردوغان زعم كونه أحد ضحايا الانقلاب الذي استهدف حكومة أربكان بالترويج لنفسه بأنه امتداد لحزب أربكان على الرغم من انفصاله عنه، ويحاول استغلال هذا الأمر سياسيا مما دفعه إلى إثارة الموضوع مرة أخرى.
وأعلن أردوغان أن الدور قد جاء على الجناح المدني في قضية انقلاب 97 قائلا: “دعمت النقابات والإعلام وعالم الأعمال ذلك الانقلاب. وهم يعلمون أفضل مني ما حدث في تلك الفترة، لكن لم يسبق المساس بأي واحد منهم حتى يومنا هذا. لذلك من الممكن أن يأتي دورهم الآن”.
وخلال إجابته عن أسئلة الصحفيين في السنغال أكد أردوغان أن رغبته تكمن في إقرار القضاء مشيرًا إلى وجود بعض العناصر التي تجاهلها أو لم يرغب المدعون العامون السابقون في رؤيتهم أثناء اطلاعهم على ملفات تلك القضية.
وأوضح أردوغان أن هذه الملفات في حوزة المدعين العامين الجدد وسيعملون عليها، مفيدا أنه من الممكن أن يأتي دورهم الآن وأنه يرغب في إقرار القضاء على هذا الموضوع.
وفي تعليق منه على تصريحات أردوغان أوضح الخبير الأمني والصحفي امره أوسلو أن أردوغان أعطى إشارته بالقضاء على العناصر المدنية الداعمة لذلك الانقلاب أي مجموعة “دوغان” الغعلامية لمالكها أيدين دوغان.
ويُعرف أيدين دوغان بأنه صاحب أكبر مؤسسة إعلامية لها وسائل مسموعة ومقروءة في تركيا ألا وهي مجموعة دوغان الإعلامية.