أنقرة (زمان التركية) – شهدت تركيا أمس الأحد الذكرى السنوية الثانية للمحاولة الانقلابية الفاشلة التي وقعت في الخامس عشر من يوليو/ تموز عام 2016.
وفي هذه الذكرى نعود بكم إلى الساعات الأولى للمحاولة الانقلابية قبل عامين، حيث اتهمت الحكومة التركية مباشرة حركة الخدمة بتدبير المحاولة قبل أن تبدأ أي تحقيقات. ولاحقا صنفت السلطات التركية حركة الخدمة تنظيما إرهابيا، وأعلنت حالة الطوارئ وأقدمت على سجن عشرات الآلاف خلال حملات أمنية ضد أعضاء وأنصار حركة الخدمة.
كشفت الأخبار التي تسربت إلى وسائل الإعلام قبيل المحاولة الانقلابية عن وجود قائمة تضم 1500 شخص يزعم أنهم من مؤيدي حركة الخدمة داخل الجيش سيتم اعتقاله وإعدام بعضهم.
بدأت الأسماء في هذه القائمة تتسرب وشهد الجيش حالة من السخط والارتباك، وفي تلك الأثناء قال محيطون برئيس الأركان خلوصي آكار الذي يشغل حاليا منصب وزير الدفاع أنه كان منزعجا من هذا الوضع.
وفي ربيع عام 2016 كثر الحديث في أروقة السلطة في تركيا عن أن التدخل العسكري مسألة وقت، وتناول عدد من أصحاب الأقلام الصحفية، الأمر في مقالاتهم .
وكان الكاتب الصحفي آدم ياوز أرسلان، رئيس تحرير قناة “بوجون”، التي أغلقها أردوغان في 2015، قال خلال برنامج تلفزيوني في مايو/ أيار 2016، أي قبل شهرين من الانقلاب الفاشل: “إن أردوغان قام إلى الآن بتصفية الأمن والقضاء وكل الأجهزة البيروقراطية وعين فيها كوادر حزبه ما عدا الجيش. لذا بدأ يناشر مؤخرا إشاعات حول تخطيط الجيش لانقلاب. هذه الإشاعات والحديث عن الانقلاب ليست سوى سيناريو لإعادة تصميم الجيش كالمؤسسات الأخرى”.
وأضاف الكاتب الصحفي المخضرم قائلاً: “إشاعات استعداد الجيش للانقلاب ليست إلا سيناريو يصنعه وينشره أردوغان بهدف إطلاق تصفية شاملة في الجيش تحصد آلاف العسكريين دفعة واحدة من جهة وخلق مناخ من الخوف والرعب والقلق في البلاد تمهيدا لنقل البلاد من النظام البرلماني إلى الرئاسي من جهة أخرى”.
فيديو (مايو 2016) قبل شهرين من الانقلاب!
رئيس تحرير قناة بوجون:
قام #أردوغان إلى الآن بتصفية الأمن والقضاء وكل الأجهزة البيروقراطية وعين فيها كوادر حزبه ما عدا الجيش
لذا بدأ ينشر مؤخرا إشاعات حول تخطيط الجيش لانقلاب
إنها ليست سوى سيناريو لإعادة تصميم الجيش كالمؤسسات الأخرى pic.twitter.com/JkL6tZE3LS
— نبض تركيا NabdTurkey (@nabdturkey) June 27, 2018
وفور وصوله بالطائرة إلى إسطنبول ليلة المحاولة الانقلابية، وصف أردوغان المحاولة بـ”لطف من الله”، مشددًا على أنها ستوفر له إمكانية تصفية العناصر غير المرغوبة في الجيش، كما عاد ووصف هذه المحاولة بـ”الوسيلة للخير” خلال الذكرى السنوية الثانية للمحاولة الانقلابية الغاشمة.
كان يجب ألا يكون ما خططه أردوغان انقلابا ناجحا وأن يبدو الأمر وكأن البعض يحاولون الانقلاب على السلطة، وفي الوقت نفسه كان لا بد من إراقة دماء زكية وسقوط ضحايا أبرياء كي لا يشكك أحد عدوًا كان أو حليفًا في وجود تنظيم دموي سري يقوم بالانقلاب على السلطة الشرعية.
إنه كان مشروعا صعبا لكنه كان ممتازا! وقد نجح أردوغان في تحقيق هذا. ولم تكن ابتسامات صهره وزير الطاقة السابق وزير المالية الحالي “برات ألبيراك” الذي كان يقف بجواره عند ظهوره أمام الكاميرات ليلة الانقلاب عبثًا بل كانت تدل على افتخارهم بنجاح خطتهم المشئومة. نعم، كان لا بد من قتل 250 شخصًا من أجل ظهور هذه الابتسامات على وجه ألبيراك!
أردوغان ورئيس المخابرات ورئيس الأركان خلوصي أكار الذين كانوا على علم مسبق بالمحاولة الانقلابية بذلوا قصارى جهدهم كي تتم بالطريقة التي خططوا لها عوضا عن منع وقوعها، إذ دعوا المواطنين العزل إلى نزول الشوراع لمنع الانقلابيين بدلاً من قوات الأمن المسلحة، ذلك لأنهم كانوا يريدون مواجهة دموية بين الشعب والجيش ليحصلوا على الذريعة اللازمة للتصفيات وتأسيس نظامهم الذي يريدون.
وسنفهم من التطورات اللاحقة أنهم خططوا لسقوط أكبر عدد ممكن من الضحايا في تلك الليلة، فكلما سقط المزيد من الضحايا سيكون من السهل تأسيس حكم أردوغان الملوث بالدماء وهو ما حدث بالفعل.
مقتل 250 شخصًا لتأسيس الدولة الجديدة
دعونا نتطرق في الذكرى السنوية الثانية للمحاولة الانقلابية إلى 250 شهيدا تتحدث عنهم السلطة الحاكمة كثيرا ولا تخجل من استغلالهم لدرجة أثار حتى غضب أقارب الضحايا.
أولا الأرقام، حيث تشير المعلومات الصادرة عن الجيش التركي إلى مشاركة 8651 جنديا في المحاولة الانقلابية. وفي تلك الفترة كانت قوة الشرطة التركية تتألف من 270 ألف شخص، بينما كانت قوة الدرك تضم 270 ألف شخص ليصل الإجمالي إلى 540 ألف شخص.
لماذا زُج بالجماهير العزل في هذه الفوضى بينما كانت هذه القوة كافية لعرقلة 8651 جنديا بكل سهولة؟ فقد استشهد 250 شخصا وأصيب 1500 آخرين بسبب الزج بالحشود في هذه الفوضى.
في تلك الليلة كذب أردوغان علينا جميعا علانية وتبين أنه كان على علم قبل أيام بأمر المحاولة الانقلابية التي زعم أنه علم بأمرها من صهره، بل لم يكن هو الوحيد الذي يعرف بأمر المحاولة الانقلابية، فأبطال هذا السيناريو خلصوي آكار رئيس الأركان وهاكان فيدان رئيس الاستخبارات التركية آنذاك كانا أيضا على علم بالأمر، حيث تبين أنهما اجتمعا مدة 6 ساعات قبل يوم من الانقلاب. لكنهم لم يتخذوا أي إجراءات لمنع وقوع الانقلاب عمدا، لأنهم كانوا يرغبون في حدوث هذه المحاولة ومارسوا كل أعمال التحريض لضمان حدوثها.
ولهذا السبب فإن ما قاله قائد القوات الخاصة “كائي أكسكالي” من أن المحاولة الانقلابية لم تكن لتحدث لو كانت القيادات أصدرت تعليمات بعدم مغادرة الجنود الثكنات ينطوي على أهمية كبيرة.
في المستقبل سيحاسب ثلاثي أردوغان-فيدان-آكار على تجاهلهم سقوط قتلى من المدنيين لأجل سلطة ملوثة، إما في هذا العالم أو في الآخرة.
لقراءة الخبر باللغة التركية اضغط على الرابط التالي:
Erdoğan iktidarı uğruna darbe günü 250 kişinin ölmesine sebep oldu