بقلم: هيثم السحماوي
(لن يتعلق الأمر بمجرد الاحتفال بمرور 75 عاما على ميلاد منظمة الأمم المتحدة ، ولكن العالم بحاجة إلى الالتزام الكامل بالدفع باتجاه إصلاح مؤسساتها ومنحها القدرة على التصرف والإنجاز الفعلي).
هذه كلمات من حديث الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بمناسبة الاحتفال بمرور 75 سنة على إنشاء منظمة الأمم المتحدة.
وفي المقال السابق تم سرد مختلف وجهات النظر حول أداء وعمل منظمة الأمم المتحدة، ووجهة نظر كاتب المقال مع الرأى الأخير القائل بأن المنظمة تعمل في إطار وظيفتها المحددة والمتاح لها.
وعند الحكم على منظمة الأمم المتحدة هناك عدة حقائق يجب مراعاتها وتفهمها قبل الحكم عليها:
فأولا: منظمة الأمم المتحدة هي منظمة بيد الدول للحوار والعلاقات، وليست منظمة فوق الدول لها سلطة آمرة عليها، فهكذا أرادت الدول التي أنشأتها وأسستها بل إنه كانت هناك فكرة تثار عند إنشائها وهي أن يكون للدول الكبرى منظمة خاصة، ولكن تم العدول عن الفكرة احتراما لمبدأ المساواة والسيادة بين الدول ، فأنشئت الأمم المتحدة كمنظمة لكل الدول مع تقرير حق الامتياز للدول الكبرى التي أنشأتها عن طريق تقرير لها المقاعد الدائمة التي لا تتغير.
ويلاحظ هنا:
هذه الدول بالإضافة إلى كونها صاحبة الفكرة في بنيانها وإنشاء ميثاقها، هي أيضاً من دفعت الثمن بالمشاركة في الحرب حينذاك.
ثانيا: ظروف إنشاء الأمم المتحدة ونظامها الداخلي جعلها تغلب أحياناً الجانب السياسي على مبادئ القانون، وأحياناً أخرى يكون الاعتبار للمصالح على مبادئ العدل والإنصاف.
ثالثا: من الغبن البين أن تقيم المنظمة علي أساس عملها السياسي فقط حيث إن للمنظمة ميادين أخرى للعمل كثيرة كجانب التربية والعلوم والثقافة، والصحة، وجانب المساعدات … الخ
كما أنه من الغبن أيضاً أن تقيم المنظمة من خلال آمال وطموحات بعيدة عن وظيفتها المحددة وإرادتها التي بيد الدول، أو أن يتم مقارنتها بالنظام الداخلي للدول، فهناك فرق كبير بين الاثنين ، فالمنظمة تخاطب دولا وليس أفرادا وقانونها هو القانون الدولي وليس الداخلي.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن كيف يتم الإصلاح؟
وجهة نظر كاتب السطور أن تتحول المنظمة من منظمة بيد الدول إلى منظمة فوق الدول ولها سلطة آمره عليها، ويمكن أن يتم ذلك عن طريق سُبل عديدة كأن تكون مثلا جميع الدول ولايات وتكون هناك دولة واحدة فقط اسمها الأمم المتحدة.
وقد تم عرض وجهة النظر هذه على أستاذي العالم أ/د مفيد شهاب كبير الخبراء في القانون الدولي، في الاحتفالية التي أقامتها الجمعية المصرية للقانون الدولي مساء السبت الماضي 31/10/2020
وكان الرد من سيادته كالآتى:
إن ذلك يتوقف على إرادة الدول، وماذا تريد أن يكون دورها بالضبط.
والأمر وارد بأن تتطور المنظمة ويكون لها السلطة الآمرة على الدول مثلما حدث مثلا في مبدأ السيادة، فلقد كانت قديما مطلقة ولا حدود لها ثم تطورت وأصبحت سيادة للدولة داخل حدودها فقط.
والآن سيادة الدول مقيدة وقائمة بشروط الالتزام بالاتفاقيات والمعاهدات التي وقعت عليها الدول والتزمت بها.
دامت الأمة الإنسانية بكل حب وخير ..