بقلم هيثم السحماوي
القاهرة (زمان التركية) – تمنيت لو كان هذا عنوانا لكتاب لي، ربما لعشقي للقهوة، التي قال فيها الشاعر نزار قباني مخاطبا حبيبته (عندما اشرب فنجان قهوتي معك أشعر بأن شجرة البن الأولى زرعت لأجلنا).
وفي ذات السياق قال الشاعر محمود درويش (وتشابهتي انتي وقهوتي باللذة والمرارة والحرمان).
ولكن هذا عنوان كتاب للأديب الكبير والطبيب أحمد خالد توفيق.
كان مما قيل في حقه إنه الأديب الذي جعل الشباب يقرؤون، ويعد أول كاتب عربي في مجال أدب الرعب.
بدأ حضرة الأديب كتابه بموضوع يحمل تساؤلا: أين ذهب الجميع؟
ثم تبع ذلك بالحديث عن شهر رمضان المبارك الكريم تحت عنوان (رمضان جانا) قائلا: (لهذا الشهر رائحة، ولهذا الشهر صوت، وله شخصية كاسحة حفرت الذكريات لدى كل واحد منا، ولو لم يكن لديك فيض من الذكريات يتعلق برمضان فأنت على الأرجح لست مصريا).
ثم يتحدث حضرة الكاتب في أربع موضوعات يحملان هذه العناوين:
حارس البوابة
قصة مرعبة أمار كورد
مرحبا بكم في شيرك (أبو شقة )
ويتبع ذلك بالحديث عن موضوع هام، يتعرض له الكثير، وهو (خداع النفس)، ذاكرا أن لخداع النفس أنواعا ودرجات، فبالنسبة لأنواعه أحدها يسمي (الشيطان جعلني أفعل كذا). فهذا ما يقوله اللص، والزوجة الخاطئة، والقاتلون عندما يرتكبون جرائمهم.
أما عن درجات خداع النفس، فقد يصل إلى درجة ذبح النساء وقتلهن، وهنا يذكر الدكتور أحمد خالد توفيق، ما رواه الكاتب صلاح عيسي في التحقيقات التي أجريت مع سفاحتي الإسكندرية (ريا وسكينة). إن المرأتين كانتا تؤمنان أن ما حدث كله مقدر ومكتوب ولا دخل لإرادتهن فيه، أي أنهما كانتا تصحبان الضحية لبيتهما، وتسكرانها، وتخدرنها، ثم تخنقانها بمنديل مبتل بالماء، ثم تقومان بدفنها تحت أرضية الغرفة، وكل هذا لا دخل لإرادتهما فيه!!
ثم يتحدث الأديب أحمد خالد توفيق عن موضوعات تحمل هذه العناوين
قرب الجبل امرأة مرحة
تاريخ للكبار فقط
كائنات مهددة بالانقراض
مقال مثير للغرائز
مقالات نقدية
بحب السيما
تان تان
انفكتوس: أنا قبطان سفينة روحي
إميلي: عشق التفاصيل الصغيرة
Mekarrenn mefarrenn
وفي وسط هذه الموضوعات يتحدث أديبنا العظيم عن موضوع هام تحت عنوان (لا تقرأ هذا المقال) حاكيا أنه في بداية عهده بالقراءة كان يؤمن إيمانا لا يتزعزع بأن أي حرف مكتوب هو شيء محترم جدير بالقراءة مهما كان، وكانت تؤتي هذه العادة أكلها احيانا، لكن هذه ليست القاعدة، لأن القاعدة هي أنك تقابل الكثير جدا من الكلام الفارغ وعلى المرء أن يتعلم متى يتغلب على تقديسه الخالد للكلمة المطبوعة، ويتجاهل الهراء.
وذكر هنا واقعة حدثت مع ناقد كتب أمريكي شهير، عندما سئل عن سبب سرعته في القراءة أجاب بالآتي: (أنا أؤمن أن الكلام المهم يجب أن يقرأ بأناة السلحفاة، بينما يجب أن تثب عيناك وثبا فوق الكلام الفارغ… فالهراء يجب أن يقرأ بسرعة البرق … ومما يدهشني أن أرى الناس يطالعون الصحف حرفا حرفا مضيعين في ذلك عدة ساعات، لأنهم لم يتعلموا عادة (الوثب فوق الفقرات).
رحم الله حضرة الأديب أحمد خالد توفيق
وعاشت الأمة الإنسانية بكل حب وخير