بقلم: ماهر المهدي
كيف يكون للمرء أن يكون إنسانا وقائدا مسلما ويقيم شعائر الدين وهو يقتحم حدود وبيوت جيرانه وينهش ثرواتهم ومقدراتهم ويهدد أمن ومستقبل أجيالهم المقبلة في اصرار وصلف وتكبر في ظل مزاعم واهية كاذبة ؟ أليس للمؤمن على المؤمن حق الجيرة الآمنة؟ واذا كان الماكرون الممالئون لقادة السوء يميلون على ميل زعيمهم وعلى ميل أهوائهم ويخدعون البسطاء بمزاعمهم ويسطون على المعارضين وعلى الرافضين لتجاوز حدود الله في خلقه ، فكيف يستطيع هولاء ان يخادعوا الله ؟ والى أين تكون مسيرة الخداع الغريبة ؟
ان المرء ليستغرب أيضا سذاجة البسطاء الذين يحبون أن يصدقوا في قائدهم الغازي لحدود الآخرين المعتدي على حقوق دول أخرى الناشر للخوف والجوع والإرهاب والجريمة في بلده وفي بلاد أخرى وبين شعوب أخرى انه مبعوث العناية الألهية ومصب رحمة الله تعالى فى وطنه وشعبه ؟ أليست الدعوة الى الاعتقاد اليوم في قدسية القائد في حد ذاتها هراء واستخفافا بالشعوب ؟
ان من حق الجميع أن يحلم بالأمن والاستقرار والرخاء ، ومن حق الجميع ايضا على نفسه الا يجرها الى خدعة كبرى لا تفيق منها الا وهى أمام مسؤولية وخيمة ووقائع صعبة . إذ – مثلا – كيف يبرر المزارع البسيط الطيب لنفسه حصوله على مياه نهر لم يكن له من قبل ولم يكن بالغها ابدا ولن تكن لتصله ، لولا اعتداء قائده الهمام على حقوق الغير الذين اصبحوا في فقر مائي وفي ازمة زراعية تهدد حياتهم ووجودهم ؟ وكيف ينعم رجل الاعمال بصفقة تجارية وضع يده عليها في بلد أجنبي عليه في حماية الدبابات وفي حراسة مليشيات الفزع والإرهاب والاجرام المأجورة ؟ من أين يستمد المرء أمنه النفسي واستقرار ضميره الإنساني في صفقة يعقدها سحبا على خيرات بلد مغتصب مسفوك الدماء ؟
ان الكل مسؤول والكل راع ، ولا يمكن لأحد أن يدعي عدم المسؤولية تجاه ما اقترف من إثم أو شارك فيه بشكل أو بآخر بالطبع . وعندما يحين وقت الحساب ، فلا بد أن تسوى الحقوق وأن تعود الحقوق المغتصبة إلى أهلها ، فما كان للباطل أن يعلو إلا قليلا ، وما كان للحق الا ان ينتصر ولو بعد حين . لنصرة الحق عماد الحياة ، ولو كان للباطل ان يسود ويعلو ، لاعتلى المجرمون منابر الحق والشرف ولانقضت الحياة ، ولكن الله – سبحانه تعالى – هو الحق وهو المنتصر ولو كره الظالمون .
ان القانون لا ينسى ، والتاريخ لا يموت ، والمحاكم لا تنتهي ولا تنفذ ولا تمل في انتظار إحقاق الحق والقصاص له من الغاصبين المعتدين على حدود الله وعلى حدود البشر والناهبين لثروات الشعوب الملوثة بالدماء ، فليتّعظ من يشاء.