بقلم: هيثم السحماوي
القاهرة (زمان التركية) – تحدثت في المقالات الخمس السابقة من هذه السلسلة عن عرض لبعض الحقائق عن طبيعة عمل منظمة الأمم المتحدة، والانتقادات التي توجه إليها في هذا الإطار بشيء من الموضوعية والواقعية الشديدة، بحيث انتهينا في المقال السابق إلى حقيقة أن منظمة الأمم المتحدة تعتبر إلى الآن هي السلاح الدبلوماسي والمنبر الوحيد الذي أمام الدول العربية والدول النامية بشكل خاص للتعبير فيه عن نفسها.
وليس الحل على الإطلاق هو إلغائها وإنما البحث عن تعديل هي في حاجة إليه سواء تعلق بميثاقها أو بطبيعة عمل أجهزتها المختلفة وعلى رأسها مجلس الأمن.
وفي المقالات التالية في الجزء الثاني من هذه السلسة أتحدث عن أهم الموضوعات التي تعمل فيها الأمم المتحدة، وهو ذاته أهم موضوع في حياة الأفراد، وما ينبغي أن يكون هكذا أيضا في سياسة تعامل الدول تجاه مواطنيها، ألا وهي مسألة (حقوق الإنسان) ولكن تناولا مختلفا بعيدا عن الاختزال والتشويه، في محاولة للإجابة على هذه التساؤلات الواقعية في حياة الأفراد والجماعات:
ما إذا كانت مسألة حقوق الإنسان حكرا على الحكومات أم لا؟
وأليست هذه من الموضوعات التي لا يناسب الحديث عنها إلا في دول ونظم حققت قدرا كبيرا من التقدم ووصلت إلى مرحلة كبيرة من التطور من الملائم لها الحديث في مثل هذه الموضوعات وليست الدول النامية التي تعاني من الثلوث المدمر من المرض والفقر والجهل التي من الملائم لها الحديث عن امور اخرى أكثر فائدة ولها الأولوية .
وفي حالة ما إذا تعرض أحد المواطنين لأحد الانتهاكات الخاصة بأحد حقوقه، فكيف يمكنه الاستفادة من هذه الأجهزة عمليا باللجوء إليها بشكل آمن بعيدا عن تعسف هذه الدولة ولا يمثل خطورة عليه، وميسرا بحيث يستطيع اللجوء إلى الأمم المتحدة من مكانه الذي يعيش فيه ويسجل شكواه؟
وفي هذه الحالة هل يمكن لهذا المواطن أن يُنصف من قبل هذه الأجهزة ويصل لحقه، وكيف يتم ذلك بعيدا عن سطوة الدولة المشكو ضدها؟
وبعبارة أخرى كيف تتعامل الأمم المتحدة عمليا مع الدول في المسائل التي فيها انتهاكا لأحد حقوق الإنسان؟
وماذا عن حقوق الإنسان (الشائكة) التي ترعاها الأمم المتحدة، كحقوق السجناء داخل الدولة، حق حرية الرأي والتعبير، حرية الاعتقاد، حق المساواة بين الرجل والمراة، حق الهجرة وتغير الوطن، حقوق الأقليات، وحظر التعذيب وغير ذلك من صور المعاملات الأخرى اللاإنسانية.
وماذا عن حقوق الإنسان الأخرى مثل حق الحياة، الصحة، التعليم، الحرية، احترام الخصوصية، العيش في بيئة نظيفة، بناء الأسرة، توفير الحد الأدنى للأشخاص لمعيشتهم الإنسانية الخ.. من حقوق أخرى وحريات يتم الحديث فيها بشئ من التوضيح المناسب في المقالات القادمة، وما إذا كانت هناك شروطا للتمتع بهذه الحقوق؟ أو أولوية لتوفيرها أو تعلق هذه الحقوق بأمور أخرى.
إلى غير ذلك من المسائل الأخرى ذات الصلة كمشكلة الجمعيات والمنظمات داخل الدول التي تعمل في مجال حقوق الإنسان، وكونها اما تتخذ جانب الموالاة مخالفة أنظمة الدولة الداخلية لصالح جهات أخرى أو تتحول لأن تصبح أحد اللسنة الدولة وجزء من نظامها ولو كان ذلك على حساب قول الحق والحقيقة في مسألة حقوق الإنسان، بشكل يصل بالبعض إلى وصف ما تقوم به الدولة من انتهاكات لحقوق الإنسان بأنه حماية له وحفاظ على حقوقه .
وصولا بالحديث عن واجبات الإنسان المقابلة لحقوقه، الواجب عليه الالتزام بها التزاما واحتراما لحقوق الإنسان الآخرين.
وأحد حقوق الإنسان هذه التي سوف أتحدث عنها في مقالي القادم، حقوق الصحفيين والإعلاميين بشكل عام وبشكل خاص أثناء فترة النزاعات المسلحة أو الحروب وفقا للقانون الدولي، بمناسبة استشهاد الصحفية الفلسطينية شيرين أبوعاقلة، التي استشهدت على أيدي القوات الإسرائيلية المحتلة أثناء عملها وتغطيتها للأحداث بفلسطين “رحمها الله”..