القاهرة (زمان التركية)_نشرت صحيفة “الأهرام” المصرية، في نسختها الأنجليزية تقريرا يرصد انعكاس تطورات التقارب المصري التركي، على الأزمة الليبية.
التقرير من إعداد الكاتبة الصحفية دينا عزت، وجاء فيه:
أثارت المصافحة الرائدة بين الرئيس عبد الفتاح السيسي ونظيره التركي رجب طيب أردوغان خلال افتتاح مونديال كرة القدم المقام في قطر التفاؤل -من ناحية حل الأزمة الليبية-، نظرا لأن ليبيا مركزية لمصالح كل من القاهرة وأنقرة.
ولكن الحذر والترقب يسيطران على المشهد ففي تصريح غير رسمي، بدا مسؤول مصري حذرًا ولكنه يأمل أن يؤدي التقارب بين الزعيمين إلى “عملية سياسية يمكن أن تمهد الطريق لانتخابات تشريعية ورئاسية في ليبيا” إلا أنه في الوقت نفسه حذر من أنه لا يوجد شيء واضح ومباشر.
مهما كانت صورة المصافحة تدعو إلى الأمل إلا أن هناك مجموعة من الخلافات التي تحتاج كلا من القاهرة وأنقرة تسويتها خلال الاجتماعات الأمنية والسياسية التي ستجري “في الأسابيع المقبلة” في كلتا العاصمتين، وقد وحذر المسؤول من أن التوفيق بين مصالح اللاعبين السياسيين على الأرض في ليبيا لا يزال صعبًا كما كان دائمًا.
ولقد تناقشت مصر وتركيا ببطء حول خلافاتهما في سلسلة من اجتماعات أمنية غير معلنة في كثير من الأحيان عقدت على الأرض في ليبيا وذلك منذ أكثر من عام، وقد ساعدت تلك المحادثات على تخفيف حدة التوترات على الأرض، وعلى كل فإن ليبيا وبحسب المصدر الحكومي كانت على رأس جدول أعمال محادثات السيسي وأردوغان التي عقدت في الدوحة، كما أنها ستحتل مكانة بارزة في المناقشات التي ستدور بين وزيري الخارجية المصري والتركي، والمتوقع أن يتم تحديد موعدها في غضون “أسابيع قليلة”.
وكما تصرح بعض المصادر المطلعة في كل من مصر وتركيا، فإن إدارة الغاز والنفط والتعاون ليس فقط في ليبيا ولكن عبر شرق البحر المتوسط وهي قضايا حاسمة.
من جهة أخرى فقد صرح المسؤول المصري إن ما حققته مصر بشأن التعاون في مجال الغاز مع خصوم تركيا الإقليميين اليونان وقبرص “لا يزال سليما ونافذا” فقد زار وزير الخارجية اليوناني نيكوس ديندياس القاهرة في وقت سابق هذا الأسبوع لإجراء محادثات مع نظيره المصري سامح شكري الذي أكد بحسب المصدر الحكومي لأثينا أ على التزام القاهرة بمواصلة التعاون مع اليونان، وأضاف المصدر أن القاهرة تحتفظ في الوقت نفسه بالتحفظات على اتفاقيات الغاز والنفط التي وقعتها تركيا مع حكومة الوحدة الوطنية التي تتخذ من غرب ليبيا مقرًا لها والتي انتهت ولايتها، وجادل بأن الكثير مما تم الاتفاق عليه لا يفي بالمتطلبات القانونية، ليس فقط بسبب انتهاء ولاية حكومة عبد الحميد الدبيبة، ولكن أيضًا نظرًا لخلافات ترسيم الحدود البحرية بين تركيا وأعضاء منتدى غاز شرق المتوسط والتي لم يتم حلها بعد. والجدير بالذكر أيضا أنه في أكتوبر الماضي اتفق شكري ودندياس على موقف مشترك ضد جولة جديدة من الاتفاقات الموقعة بين تركيا والدبيبة.
وقد أشارت الحكومة المصرية إلى أن القاهرة كانت “حريصة للغاية في أثناء مفاوضات ترسيم الحدود مع اليونان على عدم التغاضي عن المصالح القانونية لتركيا”، وتوقع أنه بمجرد أن تتبادل تركيا “النوايا الحسنة”، يمكن البدء في مناقشة التعاون في سياق إقليمي يفيد مصالح جميع الأطراف، وهذا السياق الدولي فإن إسرائيل لاعب رئيسي في أي خطط للتعاون في مجال الغاز في شرق البحر المتوسط، واليوم وبعد سنوات من التوتر بشأن الوضع في فلسطين، تسعى تركيا مؤخرًا إلى تقارب سياسي مع إسرائيل، وبالفعل فقد ذكرت مصادر دبلوماسية مطلعة إن المسؤولين الإسرائيليين والأتراك بدأوا مناقشة التعاون المحتمل في مجال الغاز، وأن أنقرة أعربت عن رغبتها في الانضمام إلى صندوق تعديل العولمة الأوروبي.
بالإضافة إلى التعاون القائم بالفعل في مجال الغاز، تعمل مصر وإسرائيل معًا في مشروع غزة البحري الذي ستساعد مصر بموجبه في التنقيب عن الغاز في مياه البحر الأبيض المتوسط الفلسطينية بشرط إبرام اتفاقيات مع كل من الفلسطينيين والإسرائيليين، وسيتم بعد ذلك تصدير الغاز المستخرج إلى أوروبا عبر مصر وإسرائيل، وسيذهب الجزء الأكبر من الإيرادات إلى خزائن السلطة الفلسطينية.
وهكذا يمكن القول بأن الغاز هو أكبر قصة في المنطقة في الوقت الحالي، وأن التقارب المصري التركي وترسيم الحدود البحرية اللبنانية الإسرائيلية، ومشاورات منتدى غاز شرق المتوسط مع المراقبين والشركاء المحتملين في المستقبل، كلها أجزاء مترابطة يجمعها كلمة واحدة هي غاز البحر المتوسط، وكما صرح دبلوماسيون أوروبيون مقيمون في القاهرة فإن محاولات أوروبا لإنهاء الحاجة إلى إمدادات الغاز من روسيا تغذي أيضًا الاهتمام باحتياطيات الغاز في شرق البحر المتوسط.
بالإضافة إلى ذلك، تدرس دول الخليج العربي إمكانية المشاركة في المخططات قيد التنفيذ وتلك التي تجري مناقشتها، حيث تلعب الإمارات العربية المتحدة بالفعل دورًا نشطًا، كما تتحدث المصادر عن الاهتمام القطري المتزايد، وكما صرح مصدر تجاري مصري فمن المرجح أن يكون لقطر دور مهم في التعاون المستقبلي بين مصر وتركيا على عدة جبهات بما في ذلك الغاز، وقال: “قطر مهتمة بالاستثمار، ومصر تبدي اهتمامًا بالأفكار والمقترحات القطرية الآن بعد أن تلاشت التوترات السياسية بين البلدين”.
الجدير بالذكر في هذا السياق أنه قد عقد كل من السفير القطري والقائم بالأعمال التركي في القاهرة اجتماعات في الأشهر الأخيرة مع مسؤولين مصريين وكبار أعضاء مجتمع الأعمال، وأفادت الصحافة التركية بموجة مفاجئة من “دبلوماسية المانجو” كمبادرات من قبل الدوائر الرسمية والتجارية في القاهرة لنظرائهم في أنقرة، بينما كان المسؤولون المصريون يتحدثون عن حملة دبلوماسية متبادلة من خلال حلوى “البقلاوة والحلقوم”.
ووفقًا لمصدر اقتصادي مطلع فإنه من المحتمل أن يتم عاجلًا وليس آجلًا تفعيل المزيد من التبادلات الاقتصادية الجوهرية نظرًا لأن كل من مصر وتركيا تواجهان رياحًا اقتصادية معاكسة قوية، وأضاف أنه يبدو من الواضح بشكل متزايد أن المصالح الاقتصادية والرغبة في تهدئة التوترات السياسية الإقليمية والثنائية قد انتصرت على الخلافات، ووفقًا لتصريحات أدلى بها وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو هذا الأسبوع صرح فيها بأنه ستستأنف كلا من أنقرة والقاهرة التمثيل الدبلوماسي الكامل في غضون أشهر.