القاهرة (زمان التركية) ذكرت وكالة رويترز للأنباء في 20 نوفمبر/تشرين الثاني أن “حصاد القمح في روسيا سينخفض إلى 83 مليون طن هذا العام بسبب الصقيع والجفاف، انخفاضًا من 92.8 مليون طن في عام 2023، وقد تؤدي العوامل الجيوسياسية والمناورات الاستراتيجية إلى تعقيد سوق الحبوب العالمية بشكل أكبر، مع احتمال ظهور مصر كلاعب رئيسي في لعبة الشطرنج الجيوسياسية المعقدة هذه.
وذكرت وكالة رويترز للأنباء في 20 نوفمبر/تشرين الثاني أن “حصاد القمح في روسيا سينخفض إلى 83 مليون طن هذا العام بسبب الصقيع والجفاف، انخفاضًا من 92.8 مليون طن في عام 2023 ومستوى قياسي يبلغ 104.2 مليون طن في عام 2022. وتشير التوقعات الجديدة إلى آفاق غائمة للعام المقبل أيضًا”.
وبما أن روسيا واحدة من أكبر مصدري الحبوب في العالم، فإن مثل هذه التطورات سيكون لها “تأثيرات مباشرة على أسعار القمح العالمية والتضخم في المشترين الرئيسيين مثل مصر”، بحسب التقرير.
وأشارت إلى أنه على الرغم من “الوتيرة القياسية تقريبا” لتصدير القمح في روسيا في الأشهر الأخيرة، فإن “من المتوقع أن تتباطأ صادراتها بسبب سوء الحصاد والقيود على الصادرات التي تهدف إلى احتواء نمو الأسعار المحلية، بما في ذلك خفض متوقع في حصص التصدير بمقدار الثلثين اعتبارًا من يناير 2025”.
قال حسين بودي نائب رئيس مجلس إدارة غرفة الحبوب باتحاد الصناعات المصرية، إن انخفاض الصادرات الروسية لن يكون له تأثير فوري أو قريب على السوق المحلية، مؤكدا أن الكميات المتاحة كافية لتلبية احتياجات المستهلكين والحفاظ على استقرار أسعار الدقيق.
قال وزير التموين شريف فاروق في تصريح له يوم 5 نوفمبر/تشرين الثاني إن مصر ستمتلك قريبا احتياطيا استراتيجيا من القمح يكفي لمدة خمسة أشهر. ووقعت الهيئة العامة للسلع التموينية عقودا مع ثلاث دول لاستيراد إجمالي 290 ألف طن من القمح لتسليمها الشهر المقبل.
وهذه الدول هي رومانيا (120 ألف طن)، وأوكرانيا (120 ألف طن)، وبلغاريا (50 ألف طن). ومن شأن إمدادات هذه الدول أن ترفع الاحتياطي الاستراتيجي إلى خمسة أشهر.
وذكرت وكالة رويترز أن المزارعين الروس يشكون من ضعف ربحية محاصيل الحبوب. وأضافت أن ارتفاع تكاليف المعدات والوقود والرسوم الجمركية على الصادرات وغير ذلك من التطورات قد أدى إلى تآكل هوامش الربح. ويفكر المزارعون الآن في التحول إلى محاصيل أكثر ربحية مثل فول الصويا وعباد الشمس.
لكن هذا التحول غير مرجح، بحسب نادر نور الدين، أستاذ الموارد المائية بكلية الزراعة بجامعة القاهرة، موضحا أن فول الصويا وعباد الشمس من المحاصيل الصيفية، في حين أن القمح من المحاصيل الشتوية.
وأشار نور الدين إلى أن الانخفاض المتوقع في إنتاج القمح من 92 مليون طن إلى 83 مليون طن يعني أقل من تسعة ملايين طن في المجمل، وقال إن ذلك لن يؤثر بالضرورة على الصادرات.
وقال إن سكان روسيا البالغ عددهم نحو 145 مليون نسمة يستهلكون ما بين 25 و30 مليون طن من القمح سنويا، وهو ما يترك فائضا قدره 50 مليون طن للتصدير. وكان هذا هو متوسط حجم صادرات القمح الروسية خلال السنوات الخمس الماضية.
وأشار نور الدين إلى أن عوامل أخرى ربما تدفع المزارعين الروس إلى الابتعاد عن القمح. ويتعلق بعضها بالتداعيات الناجمة عن الحرب مع أوكرانيا، مثل ارتفاع تكاليف التأمين على الشحن بسبب المخاطر الأعلى المرتبطة بمنطقة الصراع، والضغوط الأميركية على مستوردي القمح الروسي للبحث عن مصادر بديلة.
وقال الخبير اللوجستي عماد الساعي إنه من السابق لأوانه التنبؤ بمحصول استراتيجي مثل القمح قبل موسم الحصاد بفترة طويلة، مرجحاً أن يكون الدافع سياسياً ومرتبطاً بنظام العقوبات الغربية ضد روسيا.
وأضاف أن الهدف هو خفض أسعار القمح العالمية، وتقليص عائدات روسيا من القمح، وتقويض نفوذها باعتبارها أكبر مصدر للقمح في العالم.
وقال الساعي إنه إذا نجحت العقوبات في خفض أسعار القمح الروسي، فقد تلجأ روسيا إلى بيع إنتاجها خارج بورصات الحبوب العالمية بأسعار تنافسية. وستستغل بعض الدول النامية، وخاصة في أفريقيا التي لا تتعامل مع البورصات، الفرصة لشراء القمح مباشرة من موسكو بأسعار أقل من المتوسط العالمي.
ومن بين هذه الدول مصر والجزائر والعراق، وهي كلها من كبار مستوردي الحبوب.
ورأى الساعي فرصة محتملة أخرى لمصر وهي أن روسيا يمكن أن تستخدم قدرات تخزين الحبوب في مصر، مما يمكنها من العمل كمركز توزيع مع تفريغ الشحنات الروسية وتخزينها مؤقتًا في الصوامع المصرية استعدادًا لإعادة تصديرها إلى وجهاتها النهائية.
وكانت روسيا قد توصلت إلى ترتيب مماثل مع تركيا في وقت مبكر من الأزمة الأوكرانية، لكن هذا الترتيب لم يدم طويلا بسبب فشل تركيا في الامتثال للمعايير الروسية.