أنقرة (زمان التركية) – الفراغ السياسي الذي نشأ بعد عزل الشيخة حسينة في بنغلاديش فتح الباب أمام توازنات جديدة في المنطقة. وبينما تكتسب تركيا نفوذاً متسارعاً في جنوب آسيا، أصبحت علاقاتها مع بنغلاديش موضوع نقاش في الصحافة الهندية ومصادر غربية، فيما جاء تحليل لافت من الصحافة اليونانية. فقد زعمت الصحافة اليونانية أن تركيا لديها خطط لتقسيم الهند، مشيرة إلى أن حكومة نيودلهي محاصرة بقبضة الإسلام.
وفقاً لتحليل نُشر في صحيفة هيلاس اليونانية، فإن سياسة تركيا لتعزيز علاقاتها مع المجتمعات المسلمة في جنوب آسيا تكتسب زخماً عبر بنغلاديش. فقد ساهمت مشاريع التعليم والمساعدات الاجتماعية والتنمية التي تنفذها مؤسسات مثل الديانة التركية (ديانيت) ووكالة التعاون والتنسيق التركية (تيكا) وبعض المنظمات غير الحكومية في تمكين أنقرة من إثبات وجود بارز في المنطقة من خلال “القوة الناعمة”.
علاوة على ذلك، أصبحت بنغلاديش أحد الشركاء الرئيسيين للصناعة الدفاعية التركية. تبرز منتجات مثل طائرات “بيرقدار تي بي 2” المسيرة، وصواريخ “تي آر جي-300″، ومركبات “أوتوكار كوبرا-2” المدرعة، والأسلحة الراجلة الحديثة، وأنظمة الاتصالات المتقدمة ضمن العروض التي تقدمها تركيا لبنغلاديش. كما يجري النقاش حول إنشاء منشآت دفاعية مشتركة في منطقتي شيتاغونغ ونارايانغانج.
الهند محاصرة
وفقاً لتحليلات في الصحافة الغربية، يُزعم أن خط ضغط ضد الهند يتم تشكيله من خلال منظمة الجماعة الإسلامية العاملة في بنغلاديش بالتعاون مع المخابرات الباكستانية. وفي هذا السياق، يُذكر اسم تركيا بشكل متكرر مع تحركات استراتيجية في المنطقة.
ادّعت الصحافة اليونانية أن أردوغان وباكستان يعدان لانتفاضة إسلامية في الهند، وقالت: “يبدو أن المخابرات الباكستانية والأتراك شكلوا تحالفاً لتخريب الهند”.
وأضافت الصحيفة أن تركيا وباكستان تعملان على تعزيز المنظمات الإرهابية في بنغلاديش ونيبال، مدعية أن “الأموال والأسلحة والأيديولوجية الجهادية تُنقل إلى دكا. وتمول وكالة الاستخبارات التركية تجديد مكتب الجماعة الإسلامية”.
ومع ذلك، فإن السياسة الرسمية لأنقرة تتجاوز هذه الادعاءات، وتركز على التعاون الدفاعي، ونقل التكنولوجيا، والمساعدات الإنسانية. فقد جعلت تركيا دعم تنمية المناطق ذات الأغلبية المسلمة أحد أولويات سياستها الخارجية منذ فترة طويلة.
وجود تركيا يثير القلق
تسبب التعاون المتزايد بين تركيا وبنغلاديش في حالة من الذعر الكبير لدى حكومة نيودلهي. وفي الوقت الذي تُفسر فيه الصحافة الهندية تعزيز قوة بعض الجماعات في بنغلاديش على أنه “تهديد أمني”، فإن طرح بعض المنظمات غير الحكومية لخطاب “بنغلاديش الكبرى” قد صعّد التوترات الدبلوماسية بين البلدين.
إن خطوات تركيا لا تشكل فقط إطاراً للعلاقات الثنائية مع بنغلاديش، بل تخلق أيضاً توازناً جديداً للقوى في جنوب آسيا بشكل عام. فنجاح تصدير الصناعة الدفاعية التركية، إلى جانب المساعدات الإنسانية والمبادرات الدبلوماسية، يحول أنقرة من لاعب إقليمي إلى فاعل عالمي.
على الرغم من أن التطورات في بنغلاديش تثير القلق في الهند، فإن نهج تركيا يقوم على التعاون والتنمية والشراكة الاستراتيجية. وبينما تعزز أنقرة وجودها في جنوب آسيا، بدأت توازنات جديدة تتشكل في المنطقة.