جوكهان باجيك
لقد بتنا نسمع، وبصورة مكثفة وقاهرة، كلمة “تركيا الجديدة”. وإذا ما ألقينا نظرة على ما يُقال، نجد أن تركيا تسير على قدم وساق، وبكل سرعتها، لكي تصبح دولة من الدول المتقدمة.
لكن ثمة سؤال يطرح نفسه وبقوة، ما هي الدلائل والعلامات على أن تركيا ستصبح دولة متقدمة أو عظمى؟ على سبيل المثال؛ هل تركيا من أكثر البلاد الحاصلة على براءات الاختراع في العالم؟ أو هل أصبحت من الدول المهمة في قطاع البرمجيات الذى أضحى العمود الفقري للاقتصاد العالمي؟ أو هل أنتجت تركيا أنظمة صواريخ دفاعية بتكنولوجيا متقدمة قادرة على حماية حدودها؟
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ] ثمة سؤال يطرح نفسه وبقوة، ما هي الدلائل والعلامات على أن تركيا ستصبح دولة متقدمة أو عظمى؟ على سبيل المثال؛ هل تركيا من أكثر البلاد الحاصلة على براءات الاختراع في العالم؟ أو هل أصبحت من الدول المهمة في قطاع البرمجيات الذى أضحى العمود الفقري للاقتصاد العالمي؟ أو هل أنتجت تركيا أنظمة صواريخ دفاعية بتكنولوجيا متقدمة قادرة على حماية حدودها؟[/box][/one_third]إن تركيا لا تزال واقفة مكانها ولم تتحرك، قيد أنملة، لتحرز نجاحا ذا دلالات في حقلي الاقتصاد والتنمية، ولطالما افتخرت الحكومات التركية السابقة بإنجازها إنشاء طرق جديدة، بداية من عدنان مندرس وتورجوت أوزال وصولا إلى حكومة أردوغان التي خلفتها الآن الحكومة الثانية والستون برئاسة أحمد داود أوغلو، وليست القضية هي من الذي أنشأ طريقاً، ولا شك في أن انشائه خدمة من خدمات الدولة، ولكنها ضمن المهام والخدمات الأساسية التي يجب أن تقدمها الدولة للمواطن، لكن القضية هي أن تركيا لا تزال ترى أن إنشاء الطرق يعد مصدر فخر واعتزاز، ونحن في عصر تسعى فيه الدول المتقدمة للوصول إلى ذروة التكنولوجيا.
ثم ما هي تلك المشكلة الكبيرة التي كانت تشهدها الدولة في إنشاء الطرق، والتي تجعل تركيا الجديدة لا تزال تفتخر بالطرق بعد مئة عام من قيام الجمهورية الحديثة.
وثمة سؤال آخر، بأي سواعد سنؤسس دولة متقدمة؟ ،تشير النتائج الأخيرة للبرنامج الدولى لتقييم الطلبة إلى أن تركيا جاءت في المرتبة 41 بين 65 دولة في اختبار قدرة الطالب التركي على فهم واستيعاب النصوص المكتوبة ونقل ما فهمه، وبحسب نتائج الاختبار، نفسه، في العلوم الأساسية مثل الرياضيات لم يأت وضع تركيا مشجعا ولا مبشرا على الإطلاق.
هل بهؤلاء الطلاب الذين خرجهم لنا النظام التعليمي في تركيا، سندخل ضمن الدول المتقدمة في قطاع البرمجيات والصناعات الحربية؟
نحن نريد أن ننافس العالم أجمع، ولكن هل نحن الآن قادرون على أن نعلّم طالبا لغة أجنبية بالمستوى المتوسط؟ ولننحي الدول الغربية المتقدمة جانبًا فهي بلغت من العلم ذروته، لكن حتى دول أوروبا الوسطى والشرقية بعدما ظلت كل هذه السنين تحت التأثير الروسى تفوقت علينا في تعليم أجيالها الجديدة لغة ثانية.
هناك إشارات كبيرة وواضحة منذ سنوات عديدة على فقد تركيا فرصتها لدخول عصر الحداثة ، إلا أن أحدا لم يكترث لذلك، فالعلوم الأساسية في الجامعات التركية (التاريخ والفيزياء والكيمياء والأحياء والاجتماع) تلفظ أنفاسها الأخيرة، لدرجة أن هناك جامعات عديدة أغلقت هذه الأقسام.
فهل يُعقل أن تنتج دولة ليس لها ثقل في العلوم الأساسية المذكورة تكنولوجيا متقدمة؟ بالطبع لا.
وماذا عن السياسة؟
في الوقت الذي تشهد فيه تركيا مشكلات كبيرة بخصوص السياسية العلمية والتعليمية، لا تكترث السياسة لأي شيء وكأن المسؤولين أطفال يلهون بالألعاب.
لدينا مدارس ومعلمون وطلاب تجرى عليهم التجارب من قبل وزراء ومستشاري قطاع التعليم ومدراء المديريات، وحتى مع كل مدير مدرسة جديد، ونحن بحاجة إلى تقبل مبدأ أن تكافؤ الفرص لا بد منه ولا غنى عنه في التعليم من أجل تمهيد أرضية قادرة على تلبية تطلعاتنا من التعليم، لكن التعليم لدينا عبارة عن ساحة سياسية للنزاع والمشاجرة.
ما هو الموجود لدينا؟ ليس نظاما تعليميا به معلم حاذق، يرتقي في الهيكل التعليمي ولكنه نظام به مدير من محبي الحزب الحاكم ويؤيده، نظام لا يرتكز على ترقية المعلمين وفق مهاراتهم وكفاءتهم إنما ينظر إلى عضويتهم في النقابات، هل النقابة هذه تشجع الحكومة، حيث عيّنت الحكومة المدراء الجدد من النقابات الموالية لها في المناصب العليا في التعليم، بعدما شكّلت لجنة تقييم من المقربين إليها لاختيار المديرين الجدد لـ 16 ألف مدرسة، وأعدّت قانونا جديدا لوزارة التربية والتعليم يحقق لها أهدافها، لتواصل بذلك موجة تعيين الكوادر المقربة إليها في قطاعات الدولة.
وجملة القول هي أن تركيا بها نظام تعليمي لا يعين في مناصب المدراء أناساً موهوبين حتى وإن بذلوا ما في وسعهم من جهد في عملهم.
عدم المساواة في نظام الدعم المقدم للمدارس
لفت نظري في الأخبار الأسبوع الماضي خبر عن الدعم المقدم للمدارس الخاصة وقيام الحكومة هذه المرة باستخدام سياسات التمييز التي تتبعها، في تصنيف المدارس الخاصة التي من المقرر أن ينضم إليها ما يقرب من 250 ألف طالب، على مستوى تركيا، من خلال اخراج المدارس الخاصة التابعة لحركة الخدمة من قائمة المدارس التي ستحصل على الدعم.
حسنا، ما هي المعايير التي تستند إليها الحكومة؟ هل معيار النجاح؟ أم إمكانيات البنية التحتية للمدرسة؟ أم أداء المدرسة الذي تقيمه الدولة من خلال الامتحانات المركزية؟ أم أوسمة الشرف (الميداليات) التي تحصل عليها في أوليمبياد العلوم المحلية والعالمية؟
لا، ففي العصر الذي تجرى فيه أمريكا أبحاثًا عن العثور على الماء في كوكب المريخ في عام 2014، يبقى أحد المعايير المهمة في تركيا هو: “عمن رضيت السياسة وعلى من سخطت “، ويجب أن تعلم تركيا الحديثة، التي أوشكت على أن تدخل عامها المئة على تأسيسها، والتي لا تزال تتصرف بشكل طفولي؛ شيئين، أولهما: أنه إن لم يرتكز تعليم الأطفال الذي تحدثنا عنه على أساس العدالة، فلا يمكن أن نتوقع نتائج جادة من تلك التعليم.
وثانيهما: إذا أقدمت الدولة على أفعال هي من قبيل الظلم وعدم المساواة باستخدام سلطتها وقوتها عل البعض، فلا شك أنها ستضر بأشخاص ما، إلا أن الضرر الأكبر سيكون من نصيبها هي..، كما أن الظلم وعدم المساواة من جانب الدولة يعني وقوعها في وضع مخز .