تحليل : جومالي أونال
بمجرد أن جلس كل من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وأحمد داود أوغلو الذي عينه أردوغان في منصب رئاسة الوزراء، قالا إنهما سيجلبان لتركيا المعايير الغربية في المجالات كافة، بشعار “تركيا الجديدة”.
وعلى وجه الخصوص، كان أردوغان يزعم أن تركيا ستكون في مصاف الدول التي لا يُذكر اسمها بالانقلابات وأعمال الفساد والاشتباكات والأزمات الاقتصادية، لكنه خلّف وراءه ملفًا كبيرًا من أعمال الفساد وتولى منصب رئاسة الجمهورية، وجعل، هو وفريقه، الدولة تنجرف إلى الفوضى، بسرعة الصاروخ، في كل المجالات الدبلوماسية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
وأظهرت احتجاجات بلدة كوباني (عين العرب) السورية الأخيرة، بشكل واضح، كيف أن تركيا لديها بنية هشّة.
والآن لنلقي نظرة، بشكل مختصر، على بعض المؤشرات التي توضح حقيقة تركيا الجديدة التي يتباهى بها أردوغان.
-كشفت مظاهرات كوباني مدى الفشل الذريع لمسيرة السلام الداخلي مع الأكراد التي وضعتها الحكومة التركية أمام الشعب منذ عامين، وباتت تقدمها على أنها نجاح باهر من إنجازاتها؛ لكنها تحولت بسرعة إلى سراب مع اندلاع الأحداث في مختلف أرجاء البلاد وحولتها إلى حلقة نارية بين عشية وضحاها وراح ضحية هذه الاشتباكات 35 شخصًا على الاقل مع إصابة المئات، وتم إحراق آلاف المحال التجارية والمنازل والسيارات.
– ناقوس الخطر بدأ يدق في الاقتصاد التركي، وفي الوقت الذي تتراجع فيه أرقام النمو هناك 200 مليار دولار من الديون يتحتم على تركيا دفعها بشكل عاجل، ولا يعرف أحد كيف سيتيسر لها دفعها، والأكثر من ذلك أن المستثمرين الأجانب بدأوا الاحجام عن المجيئ إلى تركيا، كما أن من قدموا إليها بدأوا مغادرتها.
– أما المجتمع التركي، فبات في حالة انقسام جرّاء خطابات وسياسات أردوغان وحكومة العدالة والتنمية، إذ يتسبب أردوغان في كل خطاب له في زيادة التوتر والاستقطاب لدى المجتمع، مع أنه يجب عليه أن يكون محايدًا بحكم موقعه كرئيس للجمهورية.
– إن الوزارات والبلديات، وباختصار جميع مؤسسات الدولة، باتت تذكر بأعمال الفساد، وديوان المحاسبات تم تعطيله ولم يعد يؤدي مهامه كما يجب، وتتم تبرئة المتورطين في أعمال الفساد، التي انتقلت إلى المحكمة من قبل رجال القضاء الذين عينتهم الحكومة لأنها تثق في ولائهم لها، كما تقوم الحكومة ببيع أقيم المباني والأراضي لدى الدولة لشركات مقربة لها بأبخس الأثمان.
– يقوم حزب العدالة والتنمية بتعيين الاسماء المقربة له في جميع مؤسسات الدولة من الجامعات إلى رئاسة الشؤون الدينية ومديريات الأمن والقضاء والمعلمين والمفتشين، والأكثر من ذلك أن ممثلي الحزب يقومون بتعيين وتوظيف من يرونه مناسبا وكأنهم يؤدون مهام المؤسسات الرسمية في مدن عديدة.
-لم تعد لتركيا دولة صديقة على الإطلاق، كما أن دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة أصبحا ينظران إلى أردوغان على أنه صديق لا يمكن الثقة به، علاوة على ذلك ليس ثمة قائد عربي واحد تقريبًا له علاقة حميمة مع أردوغان باستثناء أمير قطر.
– تبين بعد الربيع العربي أن تركيا لا تعرف شيئا عن المنطقة، إلا أن تركيا لا تريد أن ترى وتعترف بالحقائق وتريد أن تستمر في لعب دور القيادة في المنطقة رغم كل المستجدات، وكان داود أوغلو قد قال، في وقت سابق، إنه لن تتحرك ورقة في الشرق الأوسط من دون علمهم، ولكن بعد التطورات الأخيرة رأينا بوضوح أن تركيا أضحت دولة غير مؤثرة وكلمتها غير مسموعة.
-في الوقت الذي يزداد فيه الغلاء في البلاد يزداد الشعب فقرا بنفس القدر،وتتسع الفجوة بين الأغنياء والفقراء، إلا أن الحكومة توفر دعمًا للفقراء تحت مسميات مختلفة بهدف المصالح السياسية، والحيلولة دون نزول المواطنين إلى الشوارع محتجين عليها.