مراد يتكين
يرى من ينظر سطحيا أن أمام كل من الرئيس رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء أحمد داود أوغلو، قبيل الانتخابات، المشاكل التي طفت على السطح فقط، مثل عملية حل القضية الكردية، وخطر تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي (داعش)، والأزمة السورية وما شابه ذلك، بيد أن هذه القضايا هي المشاكل التي تبدو للعيان فحسب، غير أنه يجب إضافة القضايا التي تسطير عليها الحكومة التركية حاليا، قبل أن تظهر على السطح…
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]نحن لا نتحدث هنا عن المناصب التي خلت بسبب إقصاء المنتسبين إلى جماعة الخدمة أو المتعاطفين مع رائدها الأستاذ فتح الله كولن؛ إذ أن هذه المسألة صارت – من الآن فصاعدًا – ضمن إطار مسؤوليات مجلس الأمن القومي، لكن نفهم في الوقت الحالي أن رياحًا عاتية تهبّ داخل أروقة المناصب العليا في القطاع البيروقراطي بتركيا، وإن كان من الصعب أن نختار اسمًا محددًا لهذه العملية.[/box][/one_third]وإذا نظرتم ستجدون أن هناك موضوعا متواترًا في كواليس السياسة التركية، وصار من المفيد أن تتضح ويزول عنه الغطاء، أتحدث عن مشاركة داود أوغلو في قمة مجموعة الدول العشرين (G-20) التي ستعقد في أستراليا، ولاشك في أن هذه القمة تحمل أهمية كبيرة، وهذا ليس بسبب أن تركيا ستستضيف العام المقبل قمة “أكبر 20 دولة من الناحية الاقتصادية في العالم” فقط. بل لأن هذه القمة تجمع زعماء العالم على طاولة واحدة أيضا. فعلى سبيل المثال، سيلتقي داود أوغلو، في أستراليا، الرئيس الأمريكي باراك أوباما والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، للمرة الأولى بعدما أصبح رئيسًا للوزراء.
ولو أن المشاركة التركية في قمة الدول العشرين كانت دائمًا على مستوى رؤساء الوزراء، وكان الرأي العام قد طرح تساؤلات حول مشاركة الرئيس أردوغان، بعد فترة قصيرة من انتخابه، في قمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) في بريطانيا، مع أن رؤساء الوزراء أيضا كانوا يشاركون في هذه القمة عادة إلى الآن، والوضع نفسه ينطبق على قمة الأمم المتحدة، حيث مثَّل تركيا في تلك القمة كذلك أردوغان نفسه، وليس داود أوغلو.
وكان الإعلان عن اعتزام داود أوغلو السفر إلى أستراليا اليوم، الأربعاء، بمثابة الرد على هذه التكهنات، لكن على الرغم من ذلك، لايمكن عدم ملاحظة وجود عقبات بيروقراطية ماكنا نراها في الماضي إلا في أيام الحكومات الائتلافية.
فمثلًا، جرى تعيين المستشار فخري قاصيرجا في مكتب مستشارية رئاسة الوزراء عقب تعيين أفكان علاء كوزير للداخلية بعد الكشف عن فضيحة الفساد يومي 17 و25 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وعندما انتخب أردوغان رئيسًا للجمهورية، وأصبح داود أوغلو رئيسًا للوزراء، أراد الأخير تغيير قاصيرجا؛ إذ أنه يريد – على الأقل – أن يحدد البيروقراطي رقم 1 في الدولة والذي سيكون أقرب من يعمل معه كرئيس للوزراء. وكانت الكواليس السياسية قد تحدثت عن أن اختيار داود أوغلو وقع على رئيس مجلس التعليم العالي جوكهان تشتينسايا، الذي ينتمي هو الآخر، كداود أوغلو، إلى الحقل الأكاديمي.
لكن هذا لم يحدث؛ إذ لم يعيَّن تشتينسايا في ذلك المنصب، بل جرى تعيين كمال معدن أوغلو، الاقتصادي الذي ينتمي إلى جهاز التخطيط في الدولة، لهذا المنصب بعد موافقة أردوغان على ذلك، وكان معدن أوغلو – في السابق – مستشارًا بوزارة التنمية، كما أُنشئ القصر الرئاسي الجديد (القصر الأبيض)، الذي بلغت تكلفته الإجمالية 615 مليون دولار أمريكي، بسرعة كبيرة خلال فترة توليه منصبه بوزارة التنمية وأشرف على بناء القصر.
وبعد فترة قصيرة، عُزل تشتينسايا من منصب رئيس مجلس التعليم العالي، ودخل ضمن فريق كبير مستشاري رئاسة الوزراء التي تسلمها داود أوغلو، ولم يعيَّن أحدٌ كرئيس لمجلس التعليم العالي مكان تشتينسايا، غير أن منصب رئيس مجلس التعليم العالي لا يعتبر المنصب الوحيد الذي لم يعيَّن به أحدٌ، ومثال ذلك أنه لم يعيَّن أي شخص في مستشارية الخزانة منذ شهرين ونصف منذ أن غادرها إبراهيم تشناقتشي ليذهب إلى أداء مهامه بصندوق النقد الدولي، حيث يدَار المنصب حاليًا بالوكالة.
نحن لا نتحدث هنا عن المناصب التي خلت بسبب إقصاء المنتسبين إلى جماعة الخدمة أو المتعاطفين مع رائدها الأستاذ فتح الله كولن؛ إذ أن هذه المسألة صارت – من الآن فصاعدًا – ضمن إطار مسؤوليات مجلس الأمن القومي، لكن نفهم في الوقت الحالي أن رياحًا عاتية تهبّ داخل أروقة المناصب العليا في القطاع البيروقراطي بتركيا، وإن كان من الصعب أن نختار اسمًا محددًا لهذه العملية.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]هذه مشاكل ظاهرة على السطح، فإذا أضفنا إليها المشاكل بداخل حزب العدالة والتنمية، التي يحاول الحزب أن يسيطر عليها حاليا حتى لا تظهر للعيان ، سندرك حينها أن الحزب الحاكم قد يجهد كثيرا ليحافظ على نسبة الخمسين بالمائة من الأصوات في الانتخابات البرلمانية العام المقبل، وهو ما حصل عليه في الانتخابات السابقة.[/box][/one_third]أي أنه إذا نظر الواحد منا من الخارج سيرى أن أمام أردوغان، أو بالأحرى إدارة الثنائي أردوغان – داود أوغلو، مشاكل وأسئلة متعلقة بالمسائل الخارجية، قبيل الانتخابات البرلمانية التي ستجري العام المقبل. ومن ضمن هذه الأسئلة نذكر، مثلًا، إذا تعقدت محاولات حل القضية الكردية، فهل يتجه حزب العمال الكردستاني مرة ثانية إلى حمل السلاح في أشهر فصل الربيع؟ وإلى أي مدى ستواجه الحكومة التركية صعوبات في الخارج جرّاء الحملة التي يعتزم الأرمن إطلاقها العام المقبل بمناسبة الذكرى المائة لما يسمى “مذابح الأرمن”؟ وإلى أي مدى ستستطيع أنقرة ممارسة فعالياتها الدبلوماسية ذات الصلة بمنطقة الشرق الأوسط من خلال الولايات المتحدة ودولة قطر فيما خلت مناصب سفرائها في عواصم كل من مصر وسوريا وإسرائيل؟
وإلى أي مدى تستطيع أنقرة الساعية لإسقاط نظام بشار الأسد في سوريا أن تتحمل الصعوبات وتصمد في اتباع سياستها في ظل الظروف الراهنة؟ وكيف سيؤثر الدعم الذي ستقدمه تركيا إلى التحالف الدولي ضد داعش في رصيد أنقرة على المستوى الخارجي؟
إن كل واحدة من هذه المشاكل صعبة جدا، أضف إلى ذلك، وإن لم يتحدث الكثير عنها، نرى وجود مشاكل اقتصادية مثل تراجع قيمة الليرة التركية، وبالتالي عدم زيادة الصادرات التركية.
لكن كما قلت سابقًا، هذه مشاكل ظاهرة على السطح، فإذا أضفنا إليها المشاكل بداخل حزب العدالة والتنمية، التي يحاول الحزب أن يسيطر عليها حاليا حتى لا تظهر للعيان ، سندرك حينها أن الحزب الحاكم قد يجهد كثيرا ليحافظ على نسبة الخمسين بالمائة من الأصوات في الانتخابات البرلمانية العام المقبل، وهو ما حصل عليه في الانتخابات السابقة.