بقلم: طارق توروس
هناك نوع من نمط الحياة كهذا يحرض الإنسان.. صارت الهواتف الذكية شغلا شاغلا لرئيس الجمهورية التركية رجب طيب أردوغان في هذه الأيام.
في حفل الذكرى العشرين لتأسيس شركة توركسل للإتصالات لفت إلى التضخم الزائد في استخدام الهواتف الذكية، وإلى التباهي والتفاخر، وإلى الإسراف في شراء أشياء لاحاجة للناس لها، وانتقد بشدة التنافس الشديد بين الشركات والمستهلكين وتحريض بعضهم بعضا.
وهذا ما قاله بالضبط:
- عدد أجهزة الهواتف أكثر من عدد سكان الأرض .
- لا يحمل الواحد في يده هاتفا واحدا فقط، فالبعض لديه اثنان والبعض الآخر لديه ثلاثة !
- وكأن الناس يتسابقون في امتلاك الهواتف، والهواتف المحمولة يتم تحديثها يوميا.
- وليست المنافسة في ذلك بالأمر الهين، فالكل يتباهى ويتفاخر بما لديه من أحدث وأغلى الهواتف.
- وكلما صدر نوع جديد يتسارعون في شرائه وكأنهم يشترون العلكة من البقال.
- فثمة نوع كهذا من نمط الحياة، وهو يحرض الإنسان…
- ولا تفوت الشركات المصنعة طبعا هذه الفرصة السانحة بل تستمر في إنتاجها وإستحداث أنواع وتصاميم جديدة لتلبية طلبات هذا السوق.
حسنا…
ولكن يا سيادة رئيس الجمهورية؛
هناك قصر تشانكايا الرئاسي المشيد على أرض تبلغ مساحتها 438 ألف متر مربع تحت تصرفكم…
وهناك قصر هوبر (بإسطنبول ومساحة أرضه تصل إلى 34 هكتارا، …
وهناك قصر الضيافة في شاطئ أوكلك المطل على بحر إيجه بمدينة مارماريس بنسيجه الطبيعي الخلاب، ومساحته تبلغ 16 ألف متر مربع…
مع كل ذلك أضفت:
قصر بيلربيي(على مضيق البوسفور) من أجل الاجتماعات والمشاورات (فيها 5 قصور اثنان منها صغيران بالإضافة إلى القصر الكبير الذي يقع على شاطئ البحر مباشرة ويتكون من 24غرفة)…
وقصر السلطان وحيد الدين الواقع في غابة مساحتها 50 ألف متر مربع (المطل على مضيق البوسفور) ليكون مكتب أعمال…
وبعد ذلك كله أضفتم إليها أخيرا…
القصر الأبيض (بأنقرة) المكون من ألف غرفة، والذي بلغت تكلفته مليارًا و370 مليون ليرة تركية.
هل تعلمون كم عدد الموظفين برئاسة الجمهورية التي تمتلك كل هذا العدد من القصور في كل هذه الأماكن والتي بها كم هائل من الغرف ؟
718 موظفا فقط.
الرقم مؤكد، فقد أدلى به الأمين العام لرئاسة الجمهورية “فخري قاصرجا” في جلسات مناقشة الميزانية بالبرلمان، وناهيكم عن القصور الأخرى. فلو وزعنا 718 موظفا على عدد الغرف في القصر الأبيض لحصل كل موظف على أكثر من غرفة، ولذلك:
لاتكن مهموما ياسيادة الرئيس بعدد الهواتف التي يستخدمها الشخص الواحد …
ولا يشغلكم التنافس بين الناس…
فهذا سوق حر ومن لديه امكانية من حقه أن يبدل هاتفه “مرة في سنة” بل يغيره “كل شهر” ليس لأحد حق في التدخل في ذلك!
لكن…
الشعب من حقه أن يسأل ويحاسب عن القصور، وقصور الضيافة التي لا يستطيع أحد توضيح سبب الحاجة إليها:
- لماذا انتقلتم إلى قصر عدد غرفه أكثر من عدد موظفيكم؟
- أنتم مع من تتنافسون ولمن تتباهون وعلى من تتفاخرون؟
- يقال إنه “مخالف للقانون وشيد من غير ترخيص بناء”. فقد مضت شهور على هذه الادعاءات ولم يظهر أي مسؤول ليبين الوثائق الخاصة به!
ولكن رغم كل ذلك إنكم على حق:
- فثمة نمط حياة كهذا يحرض الإنسان…
صحيفة بوجون التركية