ويسيل أيهان
ينقل لنا الشيخ بديع الزمان سعيد النورسي (رحمه الله) في خطابه التاسع عشر إحدى معجزات نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حيث جاء رجل يقال له غورث بن الحارث حتى قام على رأس رسول الله بالسيف. وقال: من يمنعك مني؟ فقال صلى الله عليه وسلم: “الله” فسقط السيف من يده. فأخذ رسول الله السيف وقال له : “من يمعنك مني؟”. فقال: “كن خير آخذ”.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “تشهد أن لا إله إلا الله؟” فقال: لا. لكن أعاهدك على ألا أقاتلك ولا أكون مع قوم يقاتلونك، فخلى سبيله، فأتى أصحابه وقال: جئتكم من عند خير الناس.
ولننتقل للحديث عن اليوم، لو فتحت عيناي في صحراء جرداء فوجدت أمامي رجلًا يقف عند رأسي يريد أن يقتلني بسلاح في يده ويوجهه إلى وجهي. فماذا أفعل؟
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]إذا كان بعض الناس يهاجمون حركة الخدمة بضراوة، حتى ولو كان هؤلاء من الذين يستمدون قوتهم من الدولة، فإذا أسندنا القوة إليهم بذاتهم يدل ذلك على ضعف في عقيدتنا وإيماننا وثقتنا بالله. فالتوهم بوجود قوة في ذواتنا يعتبر فسادا عقديا، وكذلك إنساب قوة إلى المتجاوزين لحدودهم تدل على ضعف في العقيدة والإيمان .[/box][/one_third]سيكون أول شيء أفعله هو محاولة إيقاف الرجل الذي يهاجمني. ألتفت يميني ويساري لأبحث عن أحد يمد إلي يد العون. وأبحث عن حجر أو أي شيء أدافع به عن نفسي. كان نداء “الله” الذي أطلقه الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا ندري بأي حال روحية أو في أي بعد معنوي قالها الرسول الكريم، هو رأسمال التوكل الحقيقي الذي كان يربط سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بالله سبحانه وتعالى بكل ملكاته الذهنية والقلبية والروحية بشكل لا نستطيع تخيله.
وأنقل لكم حادثة أخرى: قوم سيدنا إبراهيم أحضروه مكبل اليدين لإلقائه في النار باستخدام المنجنيق. وفي الوقت الذي ترتفع فيه ألسنة اللهب إلى عنان السماء تحضر الملائكة ليعرضوا عليه تقديم المساعدة. لكنه لا يطلب منهم شيئا. وهو يقدم بذلك قمة الأمثلة على تخطي الأسباب وحتى عدم طلب المساعدة من الملائكة. ويقول “حسبي الله ونعم الوكيل”. وكان مقابل هذا التوكل على الله سبحانه وتعالى هو أن تتحول النار الحارقة إلى برد وسلام على إبراهيم وإلى حديقة من الزهور.
ولننتقل للحديث عن وضعنا الحالي، فلو كنت أنا الذي سألقى في نار النمرود المرتفعة إلى عنان السماء، وجاءني ملَك لينقذني، أظنني لا أستطيع أن أقول “حسبي الله ونعم الوكيل” بل أقول للملَك “أنقذني من فضلك”، وربما ألحّ عليه قائلًا “أنقذني ثم أقلب هذه النيران على رأس النمرود وأعوانه”.
لن أستطيع أن أقول هذه الجملة الرائعة المنسوبة إلى سيدنا إبراهيم عليه السلام: “لا تتدخلوا بين الله وخليله! فأنا راضٍ بما يشاء ربي! إن أنقذني فهذا من لطفه. وإن أحرقني فبسبب تقصيري وذنوبي وأكون من الصابرين إن شاء الله”
فامتحاننا مع الأسباب سيستمر إلى أن نقول “الله” حقا وصدقا ومن أعماق قلوبنا .
وهم تملك القوة
إذا كان بعض الناس يهاجمون حركة الخدمة بضراوة، حتى ولو كان هؤلاء من الذين يستمدون قوتهم من الدولة، فإذا أسندنا القوة إليهم بذاتهم يدل ذلك على ضعف في عقيدتنا وإيماننا وثقتنا بالله. فالتوهم بوجود قوة في ذواتنا يعتبر فسادا عقديا، وكذلك إنساب قوة إلى المتجاوزين لحدودهم تدل على ضعف في العقيدة والإيمان . “الإيمان يجعل الإنسان إنسانًا بل يجعله سلطانًا”. ولا شك في أن اهتمام إنسان ارتقى إلى مرتبة السلطنة في الكون بفضل الإيمان والتوكل على الله ببعض الأشخاص العاجزين والمساكين ووضعه لهم بعين الاعتبار وأخذهم على محمل الجد وخوفه منهم يعتبر تناقضًا واضحًا في نفس هذا الإنسان.