بقلم: سليمان ياشار
يزعم مسؤولو قطاع الاقتصاد في تركيا أن الاقتصاد الوطني بحالة جيدة. أما الذين لا يستطيعون قبول معارضيهم، فيقولون إن هؤلاء المعارضين ينشرون فكرة كاذبة تقول إن أمور الاقتصاد التركي لاتسير بشكل جيد. ويحاولون إلصاق هذه التهمة بالمعارضة أو حتى القوى الخارجية.
بيد أن مؤشر ثقة المستهلك الذي أعلنه معهد الإحصاء والبنك المركزي في تركيا، بشكل مشترك، قد وصل إلى أدنى مستوياته هذا العام، وانخفض إلى ما دون المستوى الذي كان عليه أيام الأزمة الاقتصادية العالمية في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2008.
والآن يمكن أن يخطر على بالكم سؤال يقول: “لماذا مؤشر ثقة المستهلك مهم لهذه الدرجة؟”
سأجيب عليكم فورًا وأقول إن هذا المؤشر مهم لأنه يعكس نظرة المستهلك إلى الاقتصاد. ويظهر كيفية تشكيل نفقات المستهلك وتوفيره. أي أن هذا المؤشر ينقل لنا توقع المستهلك بشأن البطالة والحالة المادية للأُسرة وإمكانية التوفير وتوقعه الإيجابي أو السلبي حول الحالة العامة للاقتصاد. ولأخبركم قبل أن أنسى بأن قيمة مؤشر ثقة المستهلك تتراوح بين 0 و200، وإذا كان المؤشر في مستوى أقل من 100 فإن ذلك يعني أن أفكار المستهلك الاقتصادية متشائمة.
والآن لننتقل إلى الحديث عن مؤشر ثقة المستهلك الذي نشره معهد الإحصاء التركي أمس” الخميس”… يشير المؤشر إلى أن ثقة المستهلك تراجعت في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري إلى مستوى 68.7 وهي نسبة لم يشهدها الاقتصاد التركي حتى في نهاية العام الماضي. أي بعد مظاهرات متنزه جيزي بارك والكشف عن فضيحة الفساد والرشوة يومي 17 و 25 ديسمبر / كانون الأول الماضي. وكان أقل مستوى وصل إليه المؤشر عام 2013 في شهر سبتمبر/ أيلول هو 72.1.
إذن، لماذا يتراجع مؤشر ثقة المستهلك في تركيا هذا العام؟
يتراجع لأنه في الوقت الذي تنخفض فيه أسعار الغذاء حول العالم ترتفع في تركيا. هذا فضلاً عن ارتفاع معدلات التضخم بشكل غير منضبط. كما تنخفض القوة الشرائية لدى المواطن. أضف إلى ذلك أن الحكومة تتجه إلى النفقات البذخية. الأمر الذي يزيد من عبء الضرائب على المواطنين بسرعة كبيرة. ولهذا السبب فإن المواطن التركي، الذي يرى عدم ضخ استثمارات جديدة في قطاع الصناعات التحويلية والزراعة، وكذلك زيادة الإسراف والتبذير من أجل البهرجة، يعتقد أن الاثني عشر شهرًا المقبلة ستشهد زيادة في معدل البطالة.
ولهذا السبب أيضًا يزيد الاعتقاد لدى المواطنين بأن الحالة المادية للأسرة ستنهار؛ إذ يفكر المواطن في أنه لن يستطيع التوفير. الأمر الذي يرفع – بدوره – التوقعات بشأن تراجع الحالة للاقتصاد الوطني.
وعليه، فإن مؤشر ثقة المستهلك تراجع هذا الشهر إلى مستوى 68.7% أي أقل من المستوى الذي كان عليه في نوفمبر 2008 عندما بدأ المواطن يشعر بتأثيرات الأزمة الاقتصادية العالمية، حيث كان المعدل وقتها 68.8.
وهذا يعني أن المواطن التركي لم يعد يثق بخطابات المسؤولين التي تخفي الحقائق وراء لغة الحديث الودي أو قُل – إن شئت – “لغة المسامرة”. وباختصار، فإن الاقتصاد التركي لا يبشر حاليًا بنتائج إيجابية.
صحيفة” طرف” التركية