بقلم: طارق طوروس
التغييرات التي حدثت في أعضاء مجلس القضاء الأعلى لم ترق إلا لحزبين:
حزب العمال التركي اليساري (İP) وحزب العدالة والتنمية الحاكم!
وكلا الحزبين يظن أنه سيطر على الدولة من خلال الحملة الأخيرة.
ونبدأ بأولهما:
حزب العمال ورئيسه دوغو برينتشك فرح بتعيين أكثر المدافعين عن منع ارتداء الحجاب في المحكمة العليا.
حسنا إلى أية درجة يتصالح برينتشك مع النظام الجمهوري مع أنه دعا حزب الشعب الجمهوري إلى التآلف الشهر الماضي فقط؟
على كل.. من حسن حظنا أن هناك ما يسمى بالأرشيف (والحمد لله):
” إن الكماليين البرجوازيين الذين أبرموا معاهدة مع القوى الأمبريالية في لوزان قد عظم شأنهم بسرعة من خلال استخدامهم سلطة الدولة. واستغلوا العمال والقرويين دون إنصاف. وقد عُفي عن خونة الوطن من خلال أحكام معاهدة لوزان. وبسبب التنازلات التي قدموها فإن القوى الأمبريالية بسطت نفوذها على تركيا من جديد. وكانت النتيجة أن تركيا لم تنج من كونها شبه مستعمرة”. (من نص الدفاع في دعوى الحزب الثوري للعمال والقرويين في تركيا).
وقد نسي برينتشك كلامه هذا ليصف معاهدة لوزان بعد سنوات عدة بأنها انتصار كبير وقال: “إننا نرى الثورة الكمالية كميراث عظيم على المستوى العالمي”. ولكنه بُهت عندما ذُكِّر بكلامه السابق.
أما بخصوص حزب العدالة والتنمية
فكما كان برينتشك يهاجم الدولة والنظام الجمهوري في تركيا… وكذلك كان السياسيون الإسلاميون الذين يمسكون بمقاليد الحكم بأيديهم اليوم يهاجمون الدولة ونظام الحكم في يوم من الأيام وكانت تركيا في رأيهم دار حرب وليست بدار الإسلام وبالتالي لايجوز فيها دفع الضرائب ولايجوز الصلاة خلف الأئمة الموظفين الذين يتقاضون رواتبهم من الدولة ولاتؤدى فيها صلاة الجمعة والهيمنة كانت لله وحده من دون قيد أو شرط والذين لايحكمون بما أنزل الله كانوا هم الكافرون والظالمون.
وهاتان العقليتان مع أنهما تبدوان متناقضتين تماما في الظاهر إلا أنه ليس بينهما فرق من الناحية “التقنية”.
إذن فقد كانت الدولة (في رأيهم) طاغوتا ومستعمرة وظالمة. ولكن حين تمت السيطرة عليها (من طرفهم) صارت مقدسة!
وربما أزال حزب العدالة والتنمية كل الحواجز من أمام شبكة أرجينكون بحجة وجود مؤامرة. لكن اليساريين وعلى رأسهم برينتشك ينتظرون بفارغ الصبر قائلين “إن الدور سيأتي على حزب العدالة والتنمية أيضا”. إلا أن حزب العدالة والتنمية يتغاضى عن ذلك!
فالقصة ليست غريبة أبدا:
حكومة أنقرة اتفقت مع القوى الاستعمارية. واستُغلَّ العمال والقرويون. وتم العفو عن خونة الوطن. (انظر: نص الدفاع في دعوى الحزب الثوري للعمال والقرويين في تركيا).