إسطنبول-تركيا (زمان عربي) – دفعت السياسات الاستبدادية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي يحاول التخلص من ادعاءات الفساد والرشوة بالدولة التركية إلى العديد من المشكلات والأزمات من الاقتصاد إلى السياسة ومن الصحة إلى الفن. إلا أن الأمر يتعلق هذه المرة بقضية التعليم إذ أن السياسات غير واضحة الهدف والمحسوبية والقرارات المتغيرة يوميا والأنظمة التي تتغير كل سنة بدأت تهدد مستقبل تركيا.
ونسرد هنا بعض أشكال تلاعب حزب العدالة والتنمية الحاكم بالمنظومة التعليمية:
1- التقليل من جودة التعليم بسبب التوسع المفرط في مدارس الأئمة والخطباء
إن حزب العدالة والتنمية، الذي يعرف نفسه بالحزب المتدين والمحافظ، يحرص على تحويل العديد من المدارس في المدن التركية المختلفة إلى مدارس الأئمة والخطباء زاعما تنشئة جيل متدين في الظاهر. لكن توجه الحزب لاستغلال تلك المدارس وكأنها حديقة خلفية له معلوم لدى عموم الناس.
وإذا نظرنا في الواقع نرى أنه ليس هناك عدد كاف من المدرسين الأكفاء لتعليم اللغة العربية والمواد الدينية بشكل جيد. ومع ذلك يرغَم أولياء الأمور على إرسال أبنائهم إلى تلك المدارس قسرا. وكل ذلك يصيب جودة التعليم بأضرار بالغة.
2- اتباع ممارسات قمعية ضد المدارس ذات الجودة التعليمية العالية
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]إن حزب العدالة والتنمية، الذي يعرف نفسه بالحزب المتدين والمحافظ، يحرص على تحويل العديد من المدارس في المدن التركية المختلفة إلى مدارس الأئمة والخطباء زاعما تنشئة جيل متدين في الظاهر. لكن توجه الحزب لاستغلال تلك المدارس وكأنها حديقة خلفية له معلوم لدى عموم الناس.[/box][/one_third]يتعرض العديد من المدارس الخاصة التي تقدم خدمات متميزة في المراحل التعليمية المختلفة سواء التعليم الإبتدائي أو الإعدادي أو الثانوي وعلى رأسها المدارس التابعة لحركة الخدمة التي طالما حصد تلاميذها العديد من الجوائز والميداليات في المسابقات العلمية الدولية لحملات ضغط وممارسات قمعية من قبل حكومة العدالة والتنمية.
وقامت الحكومة التركية بحرمان تلك المدارس من المنح التشجيعية التي تقدمها وزارة التعليم للمدارس الخاصة في البلاد فضلا عن تعرضها لعمليات التضييق مثل فرض الضرائب الثقيلة والرقابة المشددة.
3- الحكومة تسعى لإغلاق مراكز دروس التقوية وتزاول الخدمات نفسها بنفسها
شهد العام الماضي قرارا أثار حفيظة الرأي العام التركي بعد أن اعلنت الحكومة عن عزمها لإغلاق مراكز دروس التقوية المنتشرة في جميع مدن البلاد مدعية تحرير الطلاب من تعب الذهاب إلى تلك المراكز في إجازات نهاية الأسبوع ورحمة بأهاليهم حتى يوفروا المصروفات الإضافية التي يدفعونها لتلك المراكز. بيد أن الحكومة التي ادّعت أن خطوة إغلاق تلك المراكز تصب في مصلحة أولياء الأمور والطلّاب الذين يُرهقون كثيرا بدأت تقديم دروس إضافية ليلية للطلاب.
وانتقد أولياء الأمور تلك الخطوة الجديدة التي بدأت الحكومة تطبيقها مؤكدين أنها تُرهق أبناءهم أكثر مما سبق.
فضلا عن أن أولياء الأمور أوضحوا أن الدروس الإضافية التي تقدمها الحكومة غير مجدية وبدأوا في التراجع عن فكرة إرسال أبنائهم إليها.
ويرى الخبراء والمختصون أن الحكومة التي تعيش صعوبة في تقديم الرواتب الكافية والمريحة للموظفين قد تعجز عن دفع رواتب المدرسين والمعلمين وقد تعيش البلاد أزمة جديدة بعد إضافة ذلك العبء الجديد بسبب ما ستدفعه للمعلمين مقابل هذه الدروس الليلية.
4- يعيش التلاميذ مناخا أكثر توترا مع تزايد عدد الامتحانات
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]تتسبب سياسة التخبط والمحسوبية وانعدام التخطيط في المنظومة التعليمية التركية في تنشئة جيل جديد من الشباب بعيد كل البعد عن القيم الأخلاقية والثقافة والعلم والعادات والتقاليد.[/box][/one_third]كان الرئيس رجب طيب أردوغان وحكومة العدالة والتنمية أعلنا مرارا أنهما سيقللان من عدد الامتحانات عن طريق تعديلات في المنظومة التعليمية في البلاد. وأنه سيتم بهذه الطريقة التخفيف من حدة التوتر لدى الطلاب تجاه الامتحانات. بيد أن العكس تماما هو الذي حدث إذ زاد عدد الامتحانات في كل مرحلة دراسية ابتداء من المرحلة الابتدائية وذلك جعل الطلاب يحسون بمزيد من الضغط والتوتر المستمر طوال دراستهم.
5- عدم القدرة على تنفيذ مشروع الفاتح الذي قدموه كإصلاح للتعليم
لم يمض الكثير من الوقت حتى أدرك الجميع أن مشروع الفاتح الذي قدمته حكومة حزب العدالة والتنمية على أنه إصلاح شامل وكبير في التعليم في البلاد كان وعدا فارغا ولا حقيقة له في الواقع.
فقد أعلنت الحكومة عن خطتها في توزيع جهاز حاسوب آلي متنقل وجهاز عرض ضوئي وسبورة ذكية على كل الفصول الدراسية في البلاد بالإضافة إلى منح جهاز حاسوب لوحي لكل طالب. إلا أن المشروع الذي أُعلن عنه في 2011 لم يتحقق حتى الآن وقد عجزت الحكومة عن تطبيق ذلك المشروع ولم تف بوعدها هذه أيضا.
6- تراجع جودة التعليم بسبب المحسوبية في تعيين مدراء المدارس من الموالين للحكومة
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]لم يمض الكثير من الوقت حتى أدرك الجميع أن مشروع الفاتح الذي قدمته حكومة حزب العدالة والتنمية على أنه إصلاح شامل وكبير في التعليم في البلاد كان وعدا فارغا ولا حقيقة له في الواقع.[/box][/one_third]يقوم حزب العدالة التنمية كعادته بتعيين الأسماء المقربة منه والأشخاص الموالين له في كل المجالات ويحرص الحزب أيضًا على تعيين المقربين منه في العديد من المناصب داخل المنظومة التعليمية.
ففي حين يتم تعيين مدرس حديث العهد بالمهنة لمنصب مدير مدرسة يتم استبعاد المديرين أصحاب الخبرة والنجاحات أو نقلهم إلى مواقع لاشأن لها بسبب أنهم ليسوا من المؤيدين للحزب الحاكم.
وبحسب الدراسات التي أجريت على مستوى العالم في السنوات الأخيرة فإن تركيا تتراجع مع الوقت بسرعة ملحوظة في مجال التعليم كما تحدث في مجالات مختلفة أخرى وأن الفجوة بينها وبين الدول المنافسة لها تزداد اتساعا شيئا فشيئا.
والنتيجة….
تتسبب سياسة التخبط والمحسوبية وانعدام التخطيط في المنظومة التعليمية التركية في تنشئة جيل جديد من الشباب بعيد كل البعد عن القيم الأخلاقية والثقافة والعلم والعادات والتقاليد.
وفي الأيام الأخيرة أصبحنا نصادف في الصحف ووسائل الإعلام أخبار وفاة شباب أو تعرضهم لحالة الغيبوبة بسبب تعاطيهم للمواد المخدرة بصورة يومية.
كما نقرأ أو نشاهد أو نشهد مباشرة أناسا يتشاجرون مع أصدقائهم أو أبنائهم أو أزواجهم وقد يقتلونهم أحيانا بدم بارد في وسط الطرقات لأسباب تافهة.
فيما تحولت جرائم السرقة والنشل والسطو تحت جنح الليل أو في عز النهار وحالات الابتزاز والنصب والاحتيال إلى جرائم عادية لا نفاجأ بمشاهدتها يوميا.