محمود أكبينار
نشاهد مدى دعم حزب العدالة والتنمية لمنظمة حزب العمال الكردستاني منذ مفاوضات أوسلو كي تكتسب الشرعية. وفي هذه الحقبة لم يحصل الأكراد على شيء من حقوقهم كما لم يتم قطع شوط طويل في مسيرة السلام، لكن العمال الكردستاني حقق مكاسب واسعة. فلم يترك السلاح، ولم يشتت قواته، ولم يتحول إلى الديمقراطية إلا أنه ازداد قوة وتسليحا، وشكل جيشا إقليميا من ميليشياته.
ما الذي تعنيه عبارة “لا توجد طاولة” (كلمة أردوغان التي أنهت مسيرة السلام مع الأكراد) بعد إضعاف الأجهزة الأمنية لتأسيس الدولة الكردية ، والسماح للعمال الكردستاني بتنظيم نفسه، وتقديم التسهيلات له ؟ إن الحكومة جعلت العمال الكردستاني الجهة المشروعة الوحيدة للأكراد، وأجبر الأكراد على تبني العمال الكردستاني.
وحتى لو تأففت الحكومة من العمال الكردستاني وقت الانتخابات وتظاهرت بالتدخل في بعض الأحداث فإنها لن تستطيع أن تتدخل في شؤون العمال الكردستاني بعد الانتخابات مهما كانت نتائجها. وسينفذ وعوده. وسنرى ما إذا كان سيتبنى المواطنة التركية في حال تجاوز حزب الشعوب الديمقراطية العتبة الانتخابية (10% من أصوات الناخبين) أم لا، وسيستمر بالعمل السياسي في البرلمان مع وجود قوة مسلحة داعمة له. وحين لا تُنفَّذ مطالبه. ومن المحتمل أن تقول الحكومات المقبلة “فلنتفق بدلا عن إراقة الدماء” ليغدو البرلمان مرهونا بالعمال الكردستاني وحزب الشعوب الديمقراطية.
وإذا لم يتجاوز الشعوب الديمقراطية العتبة الانتخابية ستكون الأمور أسوأ. حيث سيتم تشكيل برلمان في ديار بكر أو سيستولي اتحاد المجتمعات الكردستانية على ديار بكر وبالتالي ستتأسس دولة العمال الكردستاني فعليا في تركيا. وفيما بعد لن يصعب إقصاء العناصر الأخرى من المنطقة في ظل الفوضى التي تعيشها الدولة.
العدالة والتنمية أسس طاولة المفاوضات من أجل العمال الكردستاني وقدم الوعود ولم يتم اتخاذ أية خطوة في سبيل الحل الديمقراطي للمشكلة الكردية. وبذلك يكون حزب العدالة والتنمية من خلال اجراءاته السرية والخفية هدم الطاولة ليقدم فرصة ذهبية للعمال الكردستاني.