محمود أكبينار
إيران دولة كبرى بعدد سكانها البالغ 80 مليون نسمة وبثرواتها الباطنية ومساحتها الجغرافية الواسعة.
صحيح أن الرئيس في إيران – المعروفة بعدائها المعلن لأمريكا وإسرائيل- يتمتع بمنصب مهم إلا أن القوة الأساسية بيد الزعيم الديني الروحي على خامنئي الذي يمثل منصب ولاية الفقيه.
إن الزعيم الديني في إيران لا يُحاسب على ما يفعل مع أنه يمسك بيده السلطتين السياسية والإدارية، وهو صاحب أعلى منصب في الدولة. فهو يرسم السياسة العامة للبلد، كما أنه القائد العام للقوات المسلحة، وهو الذي يعين قضاة المحكمة العليا، ويملك صلاحية عزل رئيس الجمهورية المنتخب، وله الحق في إجراء استفتاء عام في البلاد. فضلا عن أن مصاريفه معفاة من الرقابة.
ويتمتع الزعيم الديني بقوة اقتصادية كبرى. فكثير من شركات الدولة تحت أمره، وهو يشرف على نحو 40 % من اقتصاد البلد. وله نفوذ كبير في مؤسسات الدولة الكبرى كالمركز الاستشاري الإسلامي، ومجلس حماية الدستور، ومجلس المصالح، والمجلس الأعلى للأمن القومي. ناهيك عن أن خامنئي يرى نفسه حامي جميع الشيعة وزعيمهم بالاستناد إلى الدستور الإيراني وينفذ إجراءات رامية لإثبات هذه الزعامة.
ومع وجود حكومة ومؤسسات في إيران، إلا أن الذي يدير الاقتصاد وما يتعلق بالمخابرات والأمن كادر ضيق وعدد أعضائه محدود جدا، وهو كادر مرتبط بالزعيم الديني. وصحيح أنه تجري انتخابات في إيران إلا أنه لا يستطيع أحد الترشح لأي منصب حتى لو كان رئيس الجمهورية دون موافقة الزعيم الديني.
وكان أردوغان حين يتحدث عن الرئاسة الحزبية التي تشبه الرئاسة التقليدية في عهد حكم الحزب الواحد يذكرنا بالنظام الإيراني بسبب توجهاته الدينية والروحية. فقد كان يهدف إلى الحصول على صلاحيات لا حدود لها دون أن يخضع لأية مساءلة أو محاسبة. وكان يصنع لنفسه أرضية دينية من خلال مدارس الأئمة والخطباء والمؤسسات الدينية. أي ثمة تطلعات لجعل الدين داعما للسياسة ووسيلة لتحقيق المآرب السياسية. ولكن الشعب رفض رغبات أردوغان الذي لم يتوانَ عنها.
ومع أن خامنئي يوسع من شعبيته في إيران والعالم الإسلامي عبر معاداة الغرب، لكنه الآن يتعاون مع الغرب وأمريكا في إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط.
ولذلك تكاد تكون إيران اللاعب الوحيد في المنطقة، فهي بقيادة خامنئي حققت نتائج مذهلة في الشرق الأوسط من خلال مخابراتها ودبلوماسيتها ومكتب تمويل الدولة.
أما أردوغان في تركيا فحقق شيئا من الشعبية في الداخل من خلال معاداة الغرب لكنه انهزم تماما في الشرق الأوسط وأُقصي عن الساحة الدولية.
فهو يمارس مطاردة الساحرات في الداخل كما هو الحال في بعض الدول الشرق أوسطية، ومنشغل بملاحقة المتدينين ليعين مكانهم القوميين اليساريين والمجموعات من منسوبي الدولة العميقة.
ولا ندري إن كان أردوغان يريد أن يصبح مثل خامنئي؛ ولكن رغم وجود تشابه بينهما لا مجال للمقارنة بين النتائج التي حققها كل واحد منهما.