دروس الأستاذ محمد فتح الله كولن
مدبلجة باللغة العربية
أبكي بقلبي وإن بدوت مبتسما،
يئن صدري وإن كان وجهي ضاحكا. (توكادي زاده شكيب)
هكذا ينبغي أن نكون. ينبغي ألا نتوقف عن توزيع صدقات الابتسام للناس جميعا. فمفخرة الإنسانية (ص) كان قلبه الشريف يضطرب اضطراب أحجار الطواحين، كانت الهموم المضنيةوالآلام المبرحة تؤرقه، لكنلم تكن الابتسامة تفارق وجهه إزاء كل من جاء ينتظر منه ابتسامة وقبولا. عندما كان يلتقي أحدا، لكي لا يُشعره بما يعتمل في قلبه من آلام،كان يوفي إرادته حقها، إرادته المتناسبة مع مكانته، إرادته التي شقت القمر نصفين، وكان يكبت آلامه تلك. لماذا كان يتألم؟ كان يتألم لأن البشرية قد هامت على وجهها، وأسلمت نفسها لسيل جارف مندفع نحو لظى الجحيم. يتألم لأن البشرية قد سدت على نفسها السبل المؤدية إلى الجنة.”كيف يغلق الناس أبوابهم إزاء هذه المحاسن والطيبات؟ وكيف يفتحونها أمام تلك المساوئ والمنكرات؟ ليتهم عادوا إلى رشدهم!”يقول ذلك بألم، ويموت ويحيى في هذا الهم في اليوممرات ومرات. أرواح الآلاف منا فداء لأنة من أناته!
نعم، لولاه لكنا أمواتا أجمعين.
أجل، هكذا كان. ورغم ذلك كان كما يقول البوصيري “بالبشر متسم”. كان يوزع البسمات التي تبعث الأمل والبشارة في القلوب. صدقة التبسم.. نعم كان يتبسم ويتبسم ويتبسم.
وأعتقد أن توكادي زاده شكيب عانى من إحساس مماثل. وجد نفسه يبتسم إلى الناس وقلبه يعتصر بالألم. لماذا كان يتألم، لا ندري، نحن مكلفون بحسن الظن فقط. شاعر إزميري. هو من توقاد أصلا، لكنه اشتهر شاعرا إزميريا. مرت عليه أيام صعبة. فهو أحد شعراء الجمهورية في عهدها الأول. فهل ما ألم به من ابتلاءات وسلبيات حركت في نفسه هذه المشاعر؟ أم وفاة فلذة كبده؟ أم أنه رأى المجتمع تتداعى أركانه واحدا تلو الآخر وينهار أمام عينيه، فأثار ذلك أشجانه؟ الهمّ الأخير همّ يحمله الأنبياء، همّ يحمله المجددون. هذا هو الهم الذي كابده بديع الزمان في أعماق روحه. “لو أرى إيمان أمتي قد بلغ بر الأمان، فإنني أرضى أن أحرق في لهيب النيران. نعم، جسدي سيحترق ربما، لكن قلبي سيكون روضة من رياض الجنان”. يمكنكم أن تسموا هذا بـ”الهمّ المقدس” بـ”القلق المقدس”.فلحظة من هذا الهمّ تعادل يوما كاملا من العبادة. الأخذ بيد الإنسانية، كشف الغطاء عن عيونهم، رفع الحجب التي تحول دون آذانهم والسماع، إبصارهم بالغيوب الأخروية، إشعارهم بكنوز الماوراء.. أجل،إن كل لحظة تمر عليكم بهم في أعماقكم من هذا القبيل، تعدل يوما كاملا من العبادة.