عمر شاهين – صحيفة ميدان
كان من الممكن أن يتلقى حزب العدالة والتنمية الذي خسر الانفراد بالحكم والحصول على الأغلبية المطلقة في الانتخابات البرلمانية التي أجريت في السابع من يوينو/ حزيران الماضي أن يتلقى الهزيمة الثانية في انتخابات رئاسة البرلمان؛ فالرأي العام وحسابات البرلمان كانت ملائمة لذلك.
خرجت تصريحات رئيس حزب الحركة القومية المعارض دولت بهشلي التي كانت تترقبها الأوساط المختلفة بفارغ الصبر في الساعات الأولى من صباح يوم انتخاب رئيس البرلمان؛ تلك التصريحات التي جعلت حزب العدالة والتنمية يتنفس الصعداء، ويقولون “يالحسن حظنا بوجود حزب الحركة القومية”.
ويمكن القول بأن هذا الموقف تسبب في حالة من الحزن والتعاسة لدى حزب الشعب الجمهوري. لكن لم يكن هناك ما يمنع وقوع ما وقع لأن الحركة القومية كان الحزب الذي بإمكانه حل العقدة، لكنه استخدم خياره في فتح الطريق أمام مرشح العدالة والتنمية.
ومجمل القول إن ذلك لم يكن أمرا مفاجئا؛ وتم اختيار عصمت يلماز نائب العدالة والتنمية رئيسا للبرلمان. وبغض النظر عما سيُقال في هذا الموضوع إلا أن الحقيقة هي أن هذا انتصار للحزب الحاكم وعجز للمعارضة أو بمثابة دليل على خيبتها وفشلها.
وليس من الممكن فهم موقف المعارضة؛ إذ قالوا إن رئاسة البرلمان يجب أن تكون للمعارضة، ولن يجعلوا مرشحي أردوغان يفوزون، وإنه يجب أن يكون المنصب الثاني في الدولة لصالح المعارضة لتحقيق الاستقرار الديمقراطي.
فماذا حدث؟ سلّموا بأيديهم منصبا حساسا كرئاسة البرلمان للعدالة والتنمية. لقد أصبح كل من المنصب الأول (رئاسة الجمهورية) والثاني (رئاسة البرلمان) والثالث (رئاسة الوزراء) في البلاد في يد العدالة والتنمية مرة أخرى؛ أي أن مشهد السابع من يونيو لم ينعكس على البرلمان.
كان الحزن هو الحصيلة الوحيدة بالنسبة للمعارضة
صراحة أجد أن تحفظات وقلق حزب الحركة القومية من حزب الشعوب الديمقراطي الكردي كان مبالغًا فيها بدرجة كبيرة. ومادام الحركة القومية لا يرغب في الظهور في صورة واحدة مع الشعوب الديمقراطي ولا يلتقي معه، فماذا يجب أن يُقال عن النضال الذي أبدته المعارضة ضد العدالة والتنمية بسبب التعديلات القانونية التي أجراها مثل حزمة الأمن الداخلي في الدورة البرلمانية السابقة؟
وماذا عن الأعمال التي أجريت في لجنة المصالحة الدستورية التي ستبلور مستقبلا مشتركا؟ ألم يعملوا سويًّا على طاولة واحدة لمدة أشهر طويلة. وأصلا فالموقفان كانا صحيحين بالنسبة للحركة القومية.
ولنتحدث قليلا عن الشعب الجمهوري؛ بعدما أوضح حزب الحركة القومية موقفه تجاه الشعوب الديمقراطي ليلة الانتخابات؛ ألم يكن قادرا على إدراك هذه النتيجة وتوقعها ليجرّب البحث عن مصالحة أخرى؟
من الواضح أن دولت بهشلي غاضب من دنيز بايكال زعيم حزب الشعب الجمهوري السابق الذي التقاه الرئيس رجب طيب أردوغان بعد الانتخابات، قدر غضبه من أردوغان نفسه.
وعلى الرغم من ذلك فإذا كان تم إنجاز “النموذج التوافقي” الذي شكله كل من حزبي الشعب الجمهوري والحركة القومية قبل انتخابات رئاسة الجمهورية قبل أيام لكانت النتيجة جاءت مختلفة الآن.
الحالة النفسية داخل العدالة والتنمية مرتفعة للغاية بعد فوزهم برئاسة البرلمان. وأظهر بهشلي أنه قادر على السيطرة على حزبه. وجلس أثناء التصويت قرابة نصف الساعة إلى جوار مرال أكشنار التي يُقال عن العلاقة بينهما أنها متدهورة، حيث قدما صورة مفادها أن علاقاتهما قد تحسنت بفضل الحميمية التي بدت عليهما.
حزب الشعب الجمهوري هو المتهم مرة أخرى بالمسؤولية عما حدث!
إن حزب الشعب الجمهوري غاضب من حزب الحركة القومية؛ إذ قال خالوق كوتش المتحدث باسم الحزب منتقدًا الحركة القومية على الفور “في الحقيقة هم – الحركة القومية – من قدموا للعدالة والتنمية عدد الأصوات التي كان بأمس الحاجة إليها”.
وفي نهاية المطاف حدث ما حدث. المعارضة تلقت بالأمس في مرماها هدفًا كبيرا. والسياسة هي فن الحصول على النتائج.
كان أحد أصدقائي ممن يراقبون نتائج الانتخابات من خارج تركيا قال “ويحك يا حزب الشعب الجمهوري.. وويحك يا حزب الحركة القومية” وواصل قائلا: “ما دامت المعارضة تسير على هذا النحو سيكون حزب العدالة والتنمية هو من يسدد الأهداف دائما”.