إسطنبول (زمان عربي) – قدَّم مفيد يوكسال أحد أشهر علماء الاجتماع الإسلاميين في تركيا تحليلًا لسياسات حزب العدالة والتنمية ومفاوضات السلام والتسوية التي تجريها الحكومة التركية مع الأكراد والإسلام السياسي في البلاد.
وأوضح يوكسال أن الأزمة السورية فتحت المجال للانقسام بين الجماعات الإسلامية قبل هبوب رياح الربيع العربي، قائلا: “شهدت إيران حالة من الانكسار عندما دعّمت سوريا في مذبحة حماه عام 1982.. في حين أنه مع إندلاع الربيع العربي، ظنَّ حزب العدالة والتنمية أن جماعة الإخوان المسلمين ستسيطر على المنطقة بأكملها. وقالوا: “نحن أيضًا يمكننا مشاركتهم في إعادة ترتيب المنطقة”. فهذا هو الإسلام السياسي الشبيه بالاتحادية الجديدة”.
ولفت يوكسال إلى أن الانقلاب العسكري الذي شهدته تركيا في 12 سبتمبر/ أيلول 1980، أفسح الطريق أمام الإسلام السياسي المتشدد، موضحًا أن معظم دور النشر الإسلامية التي أخذ تعدادها في التزايد بسرعة كبيرة، تتبع إيران وفي الوقت نفسه التيار السلفي المتشدد.
وأشار يوكسال إلى أن المنتمين إلى الإسلام السياسي المتشدد في ذلك الوقت أصبحوا تحت تأثير التيار السلفي، وكذلك المتعاطفين مع إيران شهدوا حالة من التناقض عندما رأوا كتب الخميني، قائلا: “شهدت الجماعات الإسلامية المتشددة المقربة من جماعة الإخوان المسلمين حالة من الانقسام عقب أحداث مذبحة حماه. وشهدوا حالة من الانكسار تجاه إيران التي دعَّمت سوريا في تلك الأحداث”.
وأضاف يوكسال أن حكومة حزب العدالة والتنمية وكذلك حركة النظرة الوطنية (ميللي جوروش) بزعامة رئيس الوزراء الراحل نجم الدين أربكان كانا يتبنيان فكر إعادة ترتيب منطقة الشرق الأوسط بالتعاون مع جماعة الإخوان المسلمين، قائلا: “إن أعضاء حركة الرؤية القومية كانوا يظنون أن الشعوب العربية تؤيد الإسلام السياسي وأن الحكومات هي أدوات قمع موالية للدول الغربية. إلا أن هذا لم يكن له وجود بين الشعوب العربية… ولكن حزب العدالة والتنمية لم ير ذلك وأصرَّ على دعم جماعة الإخوان المسلمين. ونجح الإخوان المسلمون في سوريا في إقناع النخبة الحاكمة في حزب العدالة والتنمية وإيهامهم بأن نظام الأسد سيرحل خلال أشهر”.
وأيد يوكسال دعمه للكاتب الصحفي وعالم الاجتماع المشهور، علي بولاج، وحملته التي أطلقها بخصوص الإسلاميين العملاء، قائلا: “قامت أجهزة الدولة بكسب بعض الإسلاميين في صفها منذ عام 1960. حتى أنها نجحت في تجنيد عدد من أعضاء جماعة “النور”. في حين كان اتحاد النضال الوطني مواليًا للدولة بالفعل. وقد تم التأكد من وجود عناصر مندسَّة في صفوف الجماعات الإسلامية. ولكن الأهم، هو عمليات الإندساس الواسعة التي شهدتها الجماعات الإسلامية بعد عام 1980، من قبل أشخاص يتسترون بعباءة الإسلام السياسي… فقد كان تأثيرهم فعالا للغاية”.
وأكد يوكسال أنه لا يتفاءل بالطريق الذي يسلكه الإسلام السياسي في تركيا، قائلا: “أنا لا أقصد هنا الحساسية ضد التيار الإسلامي المعتدل، وإنما التيار الإسلامي المتشدد. إذ لم يكن هذا التيار بنّاءً يهدف إلى البناء والإصلاح في أي وقتٍ من الأوقات. فالتيار الإسلامي المتشدد هو تخريب لفكر أهل السنة. فقد أظهروا أهل السنة على أنهم تابعين للدولة. فهذا غير صحيح بالمرة. ولا يمكن للجماعات الإسلامية الحالية أن تظهر علاقتها بأجهزة الدولة على أنها فكر أهل السنة. فقد هاجموا الغزالي، والجيلاني، ومولانا خالد البغدادي، وكذلك بديع الزمان النورسي. نعم، التيار الإسلامي المتشدد هو من هاجم هؤلاء. لذلك يجب التخلص من التيار المتشدد الذي لا يريد التصالح مع فكر أهل السنة الذين يمثلون العمود الفقري للإسلام. فهم يحدثون توجها أيدولوجيا غريبا معارضا للعمود الفقري لفكرة الإسلام.. ولا يعقل أن يكون هناك إسلامي أو مسلم يختلف مع طائفة تعد العمود الفقري للإسلام. فمحاولة التخلص من هذا الفكر الرئيسي للدين الإسلامي يعني محاولة التخلص من الإسلام نفسه!”.