إسطنبول (زمان عربي) – يسلط القرآن الكريم في كل سورة من سوره الضوء على موضوع بعينه. أما سورة الإسراء فهي تتناول القواعد الاجتماعية. ونحن جمعنا قواعد المجتمع السليم بالاستعانة بكتاب الأستاذ الدكتور محي الدين أكجول بعنوان” تفسير سورة الإسراء من حيث المجتمع المثالي”.
يشير الاستاذ الدكتور محي الدين أكجول إلى أن القواعد الموضحة في سورة الإسراء هي مبادئ عامة يجب تطبيقها في كل المجتمعات قائلا:”ولهذا تم التأكيد هنا على الوصايا المعروفة بالوصايا العشر كمبادئ يجب تنفيذها”. وفي هذا الموضوع جمعنا لكم قواعد المجتمع السليم التي لا يمكن التخلي عنها والذكورة في سورة الإسراء.
عبادة الله وحده
يأمرنا الله عز وجل في الآية الثالثة والعشرين من سورة الإسراء ألا نعبد إلا الله. وأن نحسن معاملة الوالدين وإذا بلغ أحدهما أو كلاهما الكبر ألا نتذمر وألا نقول لهم أف وأن نحسن إليهم ونقول لهم قولا كريما. فالآية توصينا أولا بعبادة الله وحده، وعندما يستقر هذا الأمر كليا في القلوب سينعكس هذا على المبادئ الفردية والاجتماعية.
الإحسان للوالدين
يأمرنا القرآن الكريم في الكثير من مواضعه بالإحسان إلى الوالدين بعد عبادة الله سبحانه وتعالى. ويركز في مواضع مختلفة على السلوكيات التي يجب على الإنسان اتباعها تجاه والديه. وخصوصا أن نكِن الحب والإحترام لهم وأن نعتني بهم. ويوضح ضرورة تجنب الإستياء في وجههما حتى ولو بقول “أف” التي تعد أقل مراتب الاستياء.
مساعدة الأقارب والمساكين وابن السبيل
يأمرنا الله سبحانه وتعالى في الآية السادسة والعشرين من سورة الإسراء بإعطاء ذي القربى والمسكين وابن السبيل حقوقهم وينهانا عن التبذير. حيث يربط القرآن الكريم بين الدائرة التي تتسع بعد الإحسان إلى الوالدين وجميع الأشخاص بما فيهم الأقارب والمساكين وابن السبيل. وبهذا يتحقق مجتمع سليم من خلال تطبيق التضامن الاجتماعي.
عدم التبذير
كما هو الحال في كل المواضيع الأخرى يوصي الإسلام أيضا بالوسطية في الإنفاق. فالتبذير يعد إسرافا والإسراف يولد الجشع والجشع يدمر متعة العمل ويزيد من التكاسل. ويصف القرآن الكريم من ينفقون باعتدال ويتجنبون التبذير بعباد الرحمن.
حرمة إزهاق الروح
في الآية الثالثة والثلاثين يأمرنا الله بعدم قتل النفس التي حرمها إلا بالحق وأنه إن سبق قتل شخص ما ظلما فإن لوليه سلطة الاختيار إما أن يعفو وإما أن يطلب دية وإما أن يأمر بقتل القاتل. وألا يسرف في القصاص فقد حصل على الدعم اللازم بمنحه سلطة الاختيار.
الإسلام دين صلح وسلام، ولهذا يعتبر قتل النفس البريئة من الكبائر. فالله سبحانه وتعالى هو الذي يمتلك صلاحية قبض الأرواح التي منحها مسبقا. كما أن الروح الإنسانية شيئ مقدس في الإسلام فقتل نفس واحدة بغير حق في الإسلام يعد بمقام قتل الناس جميعا. وهذا الأمر لا يقتصر فقط على أرواح الآخرين بل يشمل أيضا روح الإنسان ذاته. ولهذا يعد الانتحار إثما كبيرا في الإسلام.
حرمة مال اليتامى ووجوب الوفاء بالعهد
تأمرنا الآية الرابعة والثلاثين بألا نقترب من مال اليتامى الذين لم يبلغوا سن الرشد بعد إلا بالحسنى وأن نفي بالعهد الذي قطعناه لأن العهد يعد مسؤولية. اليتيم الصغير لا يمكنه امتلاك المال وحمايته لأنه لا يزال غير مميز. وفي هذه الحالة يجب على أفراد المجتمع الإسلامي سواء كانوا أقارب اليتيم أم لا إمتلاك أموال اليتامى وحمايتها وإدخالها في تجارة رابحة كما لو أنها أمواله وألا يمد يده لها إلا للضرورة. وتوضح الآية أن هذه المسؤولية تقع على عاتق جميع أفراد المجتمع وتأمرنا بالتعامل بحرص لأقصى درجة في هذا الموضوع. ولم تكتف الآية بالنهي عن أكل مال اليتامى فقط بل أمرت بألا نقترب من أموالهم إذا انتابت نفس الإنسان شعور بالجشع.
عدم التصرف بناء على تخمينات وسوء ظن
تأمرنا الآية السادسة والثلاثين ألا نتبع ما لا علم لنا به لأن القلب والعين والأذن ستحاسب يوم القيام على الأذى الذي ألحقته بالآخرين. حيث تأمر الآية الناس بالتحقق جيدا قبل إصدار حكم بشأن خبر أو موقف أو حادثة وتجنب إصدار أحكام بناء على تخمينات. لأن أحد الأسباب الكبرى لسوء التفاهم والصراعات ينبع من التسرع في إصدار الأحكام على أساس من الظن دون التحقيق أولا من الأمر.
ويشير الله سبحانه وتعالى إلى أبعاد هذه المسألة في الآخرة مؤكدا عليها بالإيمان من أجل ترسيخ هذا المبدأ المهم الذي سيحمي المجتمع. ويوضح وجود مسؤولية تقع على عاتق الإنسان من حيث القلب والعين والأذن.
أهمية الكلمة الطيبة
تأمرنا الآية الثالثة والخمسين بأن نخاطب الناس بأجمل الكلمات والعبارات لأن الشيطان يعمل على إفساد العلاقات بين الناس. فالشيطان هو عدو لدود للإنسان. حيث يأمرنا القرآن عند خطابنا المؤمنين أو الكفار أو حتى أعداء الدين أن ننتخب أنسب الكلمات حتى في أثناء المنازعات. ويوجه الله هذا الأمر للرسول وللمؤمنين كافة باستخدام أنسب العبارات في حديثنا مع بعضنا البعض أومع الآخرين من المشركين وأهل الكتاب وأن نتجنب الألفاظ الكريهة مثل السب والقذف وغيرها.