أرهان باشيورت – صحيفة أوزجور دوشونجه
مع حلول العام الجديد لا تزال مشكلة تركيا الكبرى هي الاستقرار. فهي تتعرج في جميع القضايا والموضوعات من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين. في حين أن الاستقرار يعني التوازن والقدرة على التنبؤ. فهي تعوم بين التيارات المخالفة في الاقتصاد والحقوق والسياسة الداخلية والخارجية.
قررت السلطة أولا مسيرة السلام لحل المشكلة الكردية ومنعت قوات الأمن من القيام بعمليات ضد الميليشيات المسلحة وفيما بعد أصدرت تعليمات بالقيام بعمليات في المدن بالدبابات. قال أصحاب السلطة في البداية “لا تبك الأمهات” ثم تسببوا في استهداف الآباء والأمهات وتغاضوا عن ذلك وأعلنوا حظر التجوال لمدة شهر في المدن الكبرى.
اجتمعوا مع زعيم منظمة حزب العمال الكردستاني الإرهابية عبد الله أوجلان في محبسه بجزيرة إيمرالي على طاولة واحدة وأرسلوا طائرة خاصة إلى قيادة المنظمة في جبال قنديل بشمال العراق من أجل التفاوض ثم عدلوا عن ذلك كله وبدأوا يعاملون حزب الشعب الديمقراطي (الكردي)، الذي انتخبه الشعب، على أنه تنظيم إرهابي. واتهموا إسرائيل بأنها “دولة الإرهاب” وأنها “تعلم جيدا قتل الأطفال” وأنها “تدعم الإنقلابات في تركيا” ثم بعد ذلك كله أعلنوا”أن إسرائيل صديقة لتركيا حكومة وشعبا”دون أن يتورعوا أبدا.
كما شكلوا تحالفا استراتيجيا مع سوريا وبعد إعلانهم الأسد أخا لهم دعموا المقاومة المسلحة لمعارضي الأسد وفتحوا الطريق أمام نقل السلاح والمقاتلين إلى سوريا. أما فيما يتعلق بروسيا فألغوا التأشيرات بين البلدين وفتحوا المجال في وجه التجارة بالعملات القومية وزادوا من حاجة تركيا إلى روسيا في الغاز الطبيعي حتى إنهم تقدموا بطلب ضم تركيا إلى منظمة شنغهاي الخماسية للتعاون ثم فجأة أسقطوا الطائرة الروسية.
منعوا تنفيذ عمليات الكشف عن الفساد ثم قاموا بشن حملة على الأبرياء بنشر الافتراءات والأكاذيب. ورغم أنهم كانوا يتحدثون عن تلافي مظالم انقلاب 28 فبراير/ شباط وعن إعادة الضباط المفصولين من وظائفهم ظلما، إلى مناصبهم مرة أخرى بدأوا هم أنفسهم يقيلون الموظفين بالطريقة نفسها من قوات الأمن وانتهكوا الحريات.
لم يبق هناك مجال للحديث عن المساواة أمام القانون لأنه لم تعد هناك سيادة للقانون. الشيئ الوحيد الذي تغير هو أسماء الموجودين بالسلطة . وتم إلغاء جميع الإصلاحات وكأنها لم تكن أصلا.
ونحن الآن في مرحلة جديدة يتعرض فيها من يتبرع بالأموال لمساعدة الطلاب ويساعد اليتامى لمعاملة وكأنهم أعضاء تنظيم مسلح، إذ تغتصب ممتلكاتهم وتخضع شركاتهم لتعيين الوصاة عليها وتحولت وسائل الإعلام إلى أداة نشر معادية لأصحابها الأصليين.
من الممكن إضافة أمثلة أخرى لا تحصى في كل المجالات، إذ لاتزال الأمور في تركيا تتعرج يمنة ويسرة كمثل بندول الساعة بين الإفراط والتفريط.
ليس هناك توازن، فنحن عاجزون عن الاعتدال وبالتالي لا يوجد استقرار ولا قدرة على التنبؤ. والدولة تنزف في جميع المجالات. فهي أشبه بالسفينة العملاقة التي ترتفع وتنخفض وهي تحاول الإبحار في البحر الهائج وسط الأمواج العالية المتلاطمة.
ومع حلول عام 2016 أتمنى أن يسود تركيا الاستقرار من جديد كما أتمنى السلام والطمأنينة للجميع. فهناك ربيع بعد كل شتاء وصباح بعد كل ليل. لذا أتمنى أن يكون عام 2016 بداية للربيع الحقيقي وأول شعاع للصبح المشرق.