بقلم: نازلي إيليجاك – صحيفة “أوزجور دوشونجه”
سؤال: هل الشهوة التي يشعر بها والد تجاه ابنته تبطل عقد نكاحه من زوجته؟
الإجابة: يرى بعض المذاهب ان تقبيل الأب لابنته بشهوة أو معانقته إيّاها بشهوة لا تبطل زواج الرجل من زوجته. ويرى المذهب الحنفي أنه في حال تقبيل الأب لابنته بشهوة تصير أم الابنة محرمة على هذا الأب. بيد أنه من أجل التوصل إلى مثل هذه النتائج يشترط أن يلامس جسده جسدها أو يحدث تلامس من فوق لباس رقيق ينقل حرارة الجسم. أما شعور الوالد بشهوة إذا ما أمسك ابنته من فوق ملابس سميكة أو نظره إلى جسدها وتأملها لا يشكل حرمة من هذا القبيل (أي لا يسقط الزواج). فضلًا عن أنه يشترط أن يكون عمر البنت قد تجاوز تسعة أعوام.
***
هذا السؤال تم طرحه على موقع خط الفتوى التابع لرئاسة هيئة الشؤون الدينية التركية، وأجاب الموقع على هذا السؤال بهذا الشكل. غير أن الشؤون الدينية فضّلت أن تدافع عن نفسها وإقناع الجميع بأنها بريئة رافضة الاعتراف بخطئها بدلًا عن الاعتذار عن ذلك قائلة: “لا يمكن أن تُعزى هذه الآراء إلى رئاستنا”. على مَنْ تقع مسؤولية الجمل المذكورة والواردة في منصة المعلومات الدينية التابعة للمجلس الأعلى للشؤون الدينية لدى رئاسة هيئة الشؤون الدينية التركية؟ أَليس خط الفتوى تابعا لرئاسة هيئة الشؤون الدينية؟ علاوة على ذلك يُفهم من الإجابة المقدمة أن علماء الإسلام تناقشوا حول هذه القضايا قبل ذلك إذ أن الشخص الذي أصدر الفتوى أرجع الأمر إلى مجموعة من الكتب والمراجع في معرض إجابته على السؤال المذكور.
لو لم تتحدث صحيفة “بيرجون” عن الموضوع فمن الواضح أن المنحرفين أخلاقيًّا الذين ينعتون أنفسهم برجال الدين سيواصلون تنوير(!) الآباء الشهوانيين. أي أنه سيصبح في مقدور أب ما معانقة ابنته أو تقبيلها بشهوة إذا كان عمرها قد تجاوز تسع سنوات. والنتيجة الوحيدة التي تترتب على هذه الفعلة في ديننا هي أن تكون أم هذه الابنة (أي زوجة الأب) محرمة على زوجها.
هل هذه هي طريقة فهمكم للإسلام حقًّا؟ هل تزعمون أن شخصا ما يمكن له أن يدعي بأنه متدين ويقتل أناسا أخرين بدعوى الجهاد، أو يدعي أنه متدين رغم أنه لص، وأنه متدين ولكنه لا يعترف بالقوانين ويضرب بها عرض الحائط، وأنه متدين ولكنه يتحرش جنسيًّا. لماذا تحاولون إضفاء الشرعية على كل هذه الرذائل بمبررات تنسبونها إلى الإسلام؟ لماذا تظهرون ديننا في مستوى دنيئ إلى هذه الدرجة؟
“أنتم مَنْ قتلتم أمي”
شاركت المعلمة عائشة من مدينة ديار بكر جنوب شرق تركيا قبل يومين في مداخلة هاتفية في برنامج “بياز شو” المعروض على فضائية (D) الذي يقدمه الإعلامي الشهير بياز أوزتُورك. وكما تعرفون فإن الرسائل التي تحوي مضامين سياسية ليست شيئًا معتادًا في برامج المنوعات لكن مقدم البرنامج لم يقف غير مبال حيال هذه الصيحة القادمة من منطقة شرق البلاد – ذات الأغلبية الكردية التي تشهد اسشهاد جنود ورجال شرطة ومدنيين-. واستمع أوزتُورك للمعلمة عائشة التي قالت “لا يمت الأبناء ولا تبك الأمهات” حتى النهاية وطالب الحضور بالقاعة بالتصفيق لها.
تركيا تنزف دما.. وربما لا ندرك الموقف بالمعنى التام في غرب البلاد إلا أن الصريخ والصيحات تعلو من مدن جنوب شرق البلاد. يُقال إن تركيا تشهد نموذجًا مشابها لذلك النموذج الممارس ضد الحركة القومية الانفصالية نمور التاميل في سريلانكا. إنه دمار شامل لا يفرق بين المدني أو الإرهابي.
لا أصدق أنه سيتم تأسيس أجواء الاستقرار والطمأنينة والسلام على كل هذا القدر من الدماء والدموع. ذلك لأن الآلام المشهودة والصدمات المتراكمة لا تجلب إلا الخلافات وليس الوحدة والتعاون.
***
كتب أحد المواطنين من بلدة “سيلوبي” التابعة لمدينة شيرناق جنوب شرق البلاد يقول: “عندما أطلقوا الرصاص على أمي في المرة الأولى أخبرونا وركضنا على الفور. عمي أراد أن يذهب قبل أن نصل إليها، لكنهم قتلوه أيضًا. عندما وصلت وجدت الجيران يحملون عمي، فسألت عن أمي فقالوا لي: “بقيت في الشارع”. أردتُ أن أذهب إلى جوارها، لكنهم أمسكوا بي، فأخذتُ أبكي وأبكي وأبكي.. لقد بقيت أمي على قارعة الطريق هكذا؛ بداية كانت تتحرك بصورة غير واضحة، بعد ذلك قلّت حركاتها بمرور الوقت. لم يبق شخص إلا واتصلنا به! اتصلنا بالنواب والمحافظ والوالي.. على الأقل كنّا نريد أن نأخذ جثمانها.. أمي بقيت في الشارع سبعة أيام بالتمام والكمال. لم يستطع أيّ شخص منا أن ينام خشية أن تأتي الكلاب وتحط الطيور على جثتها. أمي بقيت هناك ونحن متنا على مسافة 150 مترًا.. يد أمي تجمدت، وقبضت على إيشاربها قبضة، كان من الواضح أن روحها تألمت كثيرًا. وقبلتُ يدها حتى تسامحني. ملابسها ابتلت من الدماء وجفت بعد ذلك. ثم أصبحت حجرًا ورحلت رائحتها، وبدأت أمي تفوح ترابًا ودمًا.. عين أمي بقيت مفتوحة؛ ووجهها صوب المنزل، وتلملمت قدماها.. من الواضح أنها بذلت جهدًا حتى تستعيد قوتها. أمي بقيت سبعة أيام في زمهرير ليالي الشتاء. إن الأمر الأكثر ألما هو عدم معرفة عدد الساعات التي بقيت فيها تعاني من الإصابة. يا ليتها ماتت مباشرة.
رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو في معسكر حزبه في مدينة أفيون، وما زال يتحدث عن الدستور الجديد، وما زال يقول “الدولة ستكون في خدمة الشعب”، وما زال يتحدث عن دولة القانون.. ليته يفكر في أمه قليلا ويتقمص الدور العاطفي لهذا المواطن الذي قتلت أمه.